نحن مجتمع متقوقع على بعضه وملغٍ للآخر ويكره حتى نفسه ونعيش على الهمز واللمز.. خضير العنزي يبدى استيائه
زاوية الكتابكتب أكتوبر 14, 2010, 12:37 ص 848 مشاهدات 0
رأي ونص
«ليش نكسر بعض»؟
كتب خضير العنزي :
ما يحدث هو أشبه بمسرح العرائس، لا ترى الممثلين الحقيقيين أو بالأحرى المتصارعين الأصليين، ولكنك تعرفهم من خلال العرائس التي يحركونها على خشبة المسرح. تأسف وتتألم لحالنا الذي أصبح كقبيلتي الهوتو والتوتسي اللتين أبادتا بعضهما في رواندا بهدف الاستيلاء على السلطة والثروة. نحن هنا لا نتقاتل بالسلاح لأننا بكل بساطة بلد فيه «المعاشات» والامتيازات تصل كل واحد منا بحسابه، الا اننا نستخدم ما هو اشد من القتال وهو الفتنة، وهي اشد من القتل.
ما أراه وأشاهده وأسمعه ومثلي الكثيرون من ابناء هذا الوطن أننا مجتمع متقوقع على بعضه وملغٍ للآخر ويكره حتى نفسه.
شعب يعيش على اللمز والغمز من قناة الآخرين من دون أن نقدم شيئا مفيدا للانسانية، ويحرجهم. كل منا يشكك بوطنية الآخر وانتمائه، واحيانا كثيرة «لزوم البروز»، نلمز ونهين حتى دين الآخر. ففي السابق كان حتى الاعتزاز بالنوع أو العنصر يتم بحياء ودون الحط من قدر الآخرين وقيمتهم. الآن المسألة اختلفت، اذ يتم «الردح» برابعة النهار وعلى سطح المكتب بلا خوف أو حتى حياء مع انه شعبة من شعب الإيمان.
فكل المتصارعين على المسرح، اقصد العرائس، يخاطب جزءا من الجمهور، فهو بالأساس لم يأت. إلا ممثلا لهذا الجزء. وهذا الجزء من الجمهور هو أصلا لم يأت للمسرح إلا من أجله ومن أجل خطابه.
المشكلة ليست في تلك العرائس على المسرح، بل في المؤلفين والممثلين الحقيقيين، فهم يستخدمون تلك الادوات لتبيان القوة واحيانا لافشال مهمة الآخرين أو لعرقلة طريقهم نحو النجاح، فيؤرقهم ويزعجهم ان نجح ابن عمهم، فهم يعتقدون بشكل خاطئ ان نجاح ابن العم هو تعطيل لمسيرتهم نحو ما يعتقدون انه حق مشروع لهم للوصول للسلطة ومن ثم الثروة.
ان المسألة باختصار صراع حول السلطة والثروة، وما يجري بوسط الحلبة ما هو الا تفاصيل غير مهمة لحقيقة ذلك الصراع، مع ان نجاح ابن عمهم هو نجاح وقوة لهم وللبلد.
لكن ماذا نقول للبطانة التي «تسترزق» من وراء ادامة مثل هذا الصراع الذي يتمدد ويتعرض حتى شل البلاد.
***
رحم الله شيخ الكتّاب الزميل محمد مساعد الصالح، فيعد رحمه الله آخر معاقل القلم الرزين والمحترم حتى في الاختلاف. ظل مؤمنا بحق هذه الأمة بالعيش بكرامة، مدافعا عن فلسطين، قوميا حقيقيا لم يتلون ولم يتبدل عندما غيّر الآخرون جلودهم حسب المصلحة، وحسبما تشتهي الرياح.
رحم الله أبا طلال وأسكنه فسيح جناته وعزاؤنا لمحبيه وأهله وذويه. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
خضير العنزي
تعليقات