محمد صالح السبتي يكتب عن عربة الفساد في الكويت التى ركبتها الحكومة ولحق بها المواطنون

زاوية الكتاب

كتب 590 مشاهدات 0





 محمد صالح السبتي / عربة فساد
 
 
كنت ممن تفتحت عيناه على التجربة الديموقراطية في الثمانينات وأنا في سن المراهقة، وقد كان مما أعيه في هذه الحقبة أن حساً وطنياً وإصلاحياً كان وما زال يعيش في نفوس المواطنين، سواء كانوا مواطنين عاديين، أو وزراء، أو أعضاء مجلس أمة، وأذكر أن شعارات كانت تطرح من قبل بعض المرشحين (لا واسطة ولا إنهاء معاملات) وكان هذا الطرح متقبلاً عند الناس، أغلب الناس.
إلا أن حكومات متعاقبة استطاعت وهي تقود عربة الفساد أن تأخذ معها عموم المجتمع عربة الفساد تلك تقودها الحكومة بطرق عدة، منها انعدام الرؤية الواضحة في القيادة نحو الصلاح والاصلاح والتنمية إلا الوضوح في حب الاستفادة وتقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، فهذه واضحة جداً لدى الحكومة وأعضائها ومنها ترك كل شيء (على طمام المرحوم) على اعتبار أن (الهون أبرك ما يكون) وزد عليها التنفيع والسرقات والغش والاثراء على حساب الوطن، ولا أجدني في عناء من أمري لشرح مثل هذه المسائل لأنها واضحة جداً في ذهن القارئ.
استطاعت الحكومة في قيادتها هذه العربة أن تجر معها أغلب أعضاء السلطة التشريعية، وأقول أغلبهم احتراماً لنفسي من التعميم وإلا فإن رأيي أن كلهم وعلى مدار أعوام قد ركبوا العربة فأصبحت عضوية مجلس الأمة هي أقرب الطرق للثراء، والأعضاء يقومون بما تمليه عليه مصالحهم الشخصية فقط دون النظر إلى مصالح البلاد والعباد.
وكما قلت في وضوح هذه المسألة بالنسبة للحكومة أقولها هنا الأمر لا يحتاج لكثير ايضاح لأنه واضح أصلاً.
عندما شاهد المواطنون حكومتهم وأعضاء مجلسهم كلهم داخل (عربة الفساد) يستفيدون ويثرون على حساب الوطن، انتقلت حمى حب ركوب العربة للمواطنين في البداية كان هناك بعض الخجل أو التردد في الركوب لاعتبارات المواطنة والصلاح الموجود داخل النفوس، أما وقد مضت عشرات الأعوام على قيادة الحكومة لهذه العربة فلم يعد من المواطنين أحد إلا ويبحث عن مقعد داخل هذه العربة إن لم يكن قد ركبها، والمواطنون يريدون ركوب العربة لتحقيق أهدافهم، أو الحصول على حقوقهم التي لا يمكن الحصول عليها من خارج العربة، فليسوا كلهم فاسدون لكن العربة وركوبها أصبح السبيل للعيش في البلاد دون أن يهضم لك حق أو تضيع منك فرصة أنت أحق بها من غيرك.
المشهد العام عربة تسير، الكل فيها ينهش في لحم وخيرات الوطن دون اعتبار لمصلحة عامة ولا قانون، الركاب الأساسيون أعضاء سلطتين كان المفروض أنهم حماة للوطن، هناك ركاب غير أساسيين من المتنفذين وأصحاب المصالح، والمواطنون إما أنهم استطاعوا ركوب هذه العربة وإلا فهم يبحثون عن مقاعد، في الكويت أكثر من مليوني مقيم هؤلاء أيضاً يعرفون تماماً أن شيئاً ما ليس مستحيلاً في الكويت فقد استقر في يقينهم أن كل شيء بالواسطة ممكن، ولذا فهم يبحثون عن أماكن في هذه العربة ويتشرفون الركوب إليها انظر حولك لتجد أن كثيرا من المخالفات وكسر القوانين وعدم احترام النظام العام أكثر من يفعله هم المقيمون لأننا كنا قدوتهم، سر في أي شارع من شوارع البلاد لترى كيف يخالف هؤلاء أنظمة المرور على الأقل ليحكي لك ذلك سلوك الناس تجاه القانون أو المصلحة.
باختصار عربة تجر أو جرت الكل، لا أحد اليوم إلا راكب، أو منتظر، أو مرتقب الركوب، وإن لم يكن فهو متحسر لأنه لم يستطع أو لم يجد سبيلاً لركوب العربة.
المطلوب... أن يخرج في المجتمع، من المسؤولين طبعاً لا من غيرهم، من يفهم هذه المشكلة، ويقتنع بأن خط سير هذه العربة إلى الهاوية، سوف تسير في الوطن الى نار الدنيا وفشلها وانحدار قيمها... إن خرج من المسؤولين مثل هذا فهو الوحيد القادر على وقف هذه العربة، وتحويل مسارها إلى الجادة الصحيحة، وتغيير المفاهيم التي باتت مستقرة في نفوس الناس، كما أن هذا الدور مطلوب من مؤسسات المجتمع المدنية... لكن لا نلقي اللوم على أحد من التابعين تحت جدران الصمت والعجز لأنهم باختصار ليسوا فدائيين ليتناسوا مصالحهم من أجل المصلحة العامة.

محمد صالح السبتي
 
 
 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك