بعد أن كنا نشكو من أسلوب المحاصصة، استفحلت اليوم برأى ناصر المطيري ظاهرة تقاسم البلد بين طوائفه وفئاته

زاوية الكتاب

كتب 645 مشاهدات 0


 



 تقاسم البلد
ناصر المطيري 

ما يدور اليوم من جدل حول توزيع المناصب وتقاسم النفوذ في مؤسسات الدولة حالة خطيرة جدا يغرق فيها السياسيون بغفلة وتعصب ولايشعرون أنهم بفعلهم إنما يغرقون البلد في مستنقع الفوضى الإدارية وغرس بذور الفساد دون اكتراث بمصير البلد والناس.

المصيبة أن المناصب الحيوية في المؤسسات التي تمثل شريان الحياة والتنمية الاقتصادية والبشرية مثل جامعة الكويت والتعليم التطبيقي ومؤسسة البترول الوطنية وهيئة الشباب والرياضة وغيرها أصبحت رهينة تجاذبات طائفية وتدخلات سياسية ما سينعكس بالخطورة الكبيرة على مخرجات وناتج تلك المؤسسات ومستوى أدائها ناهيك عما سيتخلف عنها من صراعات ومعارك إدارية داخلية ستؤدي حتما إلى تآكل مؤسسات الدولة واهتزاز الكيان الإداري في الدولة برمتها.

هل يقبل من يعنيهم أمر هذا البلد مايجري اليوم من سعي نحو تقاسم الكويت وكأنها تركة خاصة لطائفة أو فئة أوقبيلة؟

المصيبة أن الصراعات السياسية الدائرة حاليا حول أزمة المناصب وراءها قوى ضغط نيابية واقتصادية وأيضا دينية كلها تسعى للاستحواذ على أكبر نصيب لصالحها يزيدها نفوذا في مقابل الآخرين ولا يضع أي من هؤلاء البلد وتنميتها وتطورها في الحسبان.

كنا في وقت سابق نتذمر ونشكو من أسلوب المحاصصة بتشكيل الحكومات الكويتية المتعاقبة وصارت مع الزمن مسألة مقبولة نوعا ما كونها محدودة تقتصر على تطعيم الحكومة بوزير عازمي مثلا وبوزير شيعي ووزير قبلي وذلك مراعاة لشرائح المجتمع.. ولكن مايجري اليوم تجاوز ذلك بكثير واستفحلت العملية وتحولت إلى ظاهرة سياسية اجتماعية خطيرة لابد من التنبه لآثارها وتداعاياتها.

ولو تساءلنا عن سبب استفحال ظاهرة تقاسم البلد بين طوائفه وفئاته عبر المناصب لوجدنا في التحليل النهائي أنها نتيجة لتراجع قوة القرار الحكومي بل أحيانا نجد قرار الحكومة مختطفا أو مرتهنا لدى فئة من المجتمع أو جماعة أو كتلة نيابية ، وإن تراكم هذا الضعف الذي أصاب القرار الحكومي هو ما أوجد حالة «الزحف» على سلطة الدولة واختصاصات الحكومة التنفيذية من قبل قوى الضغط في المجتمع وقبول الحكومة الضمني وتعايشها مع هكذا وضع مقلوب.
 
 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك