نقلا عن تقرير من صحيفة بريطانية عن تسليح دول الخليج.. أحمد الديين يأسف لاستنزاف ملياراتنا في محرقة السلاح

زاوية الكتاب

كتب 1354 مشاهدات 0


 




ملياراتنا في محرقة السلاح! 
 
كتب احمد الديين
ما كشفته صحيفة “الفاينانشيال تايمز” عن عمليات التسلح الضخمة الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي، التي شملت صفقات لشراء أسلحة أميركية تُقدّر قيمتها بـ 123 مليار دولار أميركي تحت ذريعة “مواجهة القوة العسكرية الإيرانية”، يستحق وقفة تدقيق متفحصة حول حقيقة هذا الإنفاق المتزايد على مشتريات الأسلحة في منطقتنا الخليجية!
وأمامي تقرير كتبه الباحث الخليجي عبدالجليل زيد المرهون عن حجم الإنفاق العسكري في دول الخليج اعتمد فيه على البيانات الواردة في كتاب سيبري السنوي لعام 2010 الصادر في شهر يونيو الماضي عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حيث يتبيّن أنّ الإنفاق العسكري الإيراني في العام 2008 كان في حدود 9.17 مليارات دولار، بينما بلغ الإنفاق العسكري السعودي 39.25 مليار دولار، أما الإنفاق الكويتي فكان في حدود 4.58 مليارات دولار، وبلغ الإنفاق العماني نحو 4 مليارات دولار، وهذا يوضح بجلاء أنّ الإنفاق العسكري لثلاث فقط من دول مجلس التعاون الخليجي يبلغ أكثر من خمسة أضعاف الإنفاق العسكري الإيراني!
وبالطبع فإنّ إيران لما تمتلك بعد السلاح النووي، ولكن بافتراض أنها امتلكته في المستقبل القريب أو البعيد، فإنّ مشتريات السلاح التقليدي لدول مجلس التعاون مهما تزايدت وتنامت وتضاعفت لن تكون قادرة على مواجهة القوة النووية الإيرانية، إذا افترضنا أنّها موجهة ضدنا... وغير هذا فإنّ التركيز على مواجهة دول مجلس التعاون الخليجي لإيران يعني ببساطة أنّه يجب تجاهل الخطر العسكري التوسعي العدواني الإسرائيلي في المنطقة، ويكفي أن نعلم أنّ عقود السلاح بين دول مجلس التعاون الخليجي وكل من الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية تشترط بالأساس عدم استخدام هذا السلاح ضد إسرائيل!
ولعلّي لست متجنيا عندما أرى أنّ الغرض الحقيقي من وراء هذا الإنفاق العسكري المتعاظم لدول مجلس التعاون الخليجي، وتحديدا الغرض من مشتريات الأسلحة أو بالأحرى تكديسها في المخازن، لا صلة له بادعاء العمل على تحقيق التوازن العسكري بين دولنا وإيران، وإنما الغرض الأول منه هو دفع “إتاوة مالية” معلومة من إيرادات النفط الخليجي إلى المجمعات العسكرية الصناعية في الولايات المتحدة والدول الغربية نظير حفاظها على الأوضاع القائمة.
ولإلقاء مزيد من الضوء على ما تمثله مشتريات الأسلحة وتكديسها في منطقتنا من هدر واضح لمقدراتنا، يكفي أن نعلم أنّ إجمالي النفقات العسكرية لبلدان دول مجلس التعاون في الفترة بين العام 2000 والعام 2005 كان في حدود 233 مليار دولار، كان يمكن أن تكون أكثر جدوى وفائدة ونفعا لو جرى توجيه تلك المليارات من الدولارات نحو الإنفاق على تطوير البنى التحتية في بلداننا أو تطوير التعليم أو تحسين الخدمات الصحية... أما من باب المقارنات، لمَنْ يرغب في عقد المقارنات، فقد احتلت سلطنة عمان في العام 2007 المرتبة الأولى عالميا من حيث مستوى نسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج القومي الإجمالي، حيث بلغت تلك النسبة نحو 10.4 في المئة... أما من حيث الحصة السنوية للفرد في بلدان العالم المختلفة من الإنفاق العسكري في العام 2008 فقد احتلت سلطنة عمان المرتبة الثالثة عالميا بعد إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وذلك بواقع 1650 دولارا للفرد، في حين احتلت الكويت المرتبة الخامسة عالميا بحدود 1600 دولار للفرد، وتلتها السعودية بواقع 1500 دولار للفرد... ولنا الآن أن نتصوّر كم ستبلغ حصة الفرد الخليجي من الإنفاق العسكري بعد إبرام عقود مشتريات الأسلحة الجديدة البالغة نحو 123 مليار دولار، التي سنلقي بها في محرقة سباق التسلح المفروض علينا؟!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك