الادعاء بأن الخصومات المذهبية مجرد حالات فردية وغريبة ومستجدة على الواقع الكويتي، كلام ساذج وخاطئ، بل ومضحك برأى د. حسن عباس
زاوية الكتابكتب سبتمبر 16, 2010, 12:28 ص 1621 مشاهدات 0
د. حسن عبدالله عباس / ... ولن ترضى عنك الطائفية
يحاول أن يصوّر البعض على أن التطرف الطائفي حالة دخيلة على المجتمع الكويتي ومستحدثة ولم تكن موجودة في السابق. هذه المقولة التي عادةً ما نسمعها من الاطراف الحكومية تكذبها الحقائق التي تقول غير ذلك تماماً. فلا الجغرافيا ولا التاريخ يرحمنا، فالإثنان معاً يؤكدان كذب وسطحية وتدليس هذه المقولة.
فالواقع يقول ان الكويت تقع جغرافياً على ملتقى مذهبي خصب لاستثارة النعرات من هذا الطرف أو ذاك. فهي دولة صغيرة وفي محيط مثلث لدول كُبرى تمثل مناطقها امتدادات مذهبية (ولا أقصد تطرفات طائفية). هذا من ناحية الجغرافيا، أما التاريخ فللطائفية امتداد بعيد جداً يصل إلى عصر الإسلام الأول. فالدول التي قامت والحروب التي جرت كانت كلها نزاعات سياسية مشبعة بالطائفية كما نعلم. لهذا أقول بأن الادعاء بأن الخصومات المذهبية ليست سوى مجرد حالات فردية وغريبة ومستجدة على الواقع الكويتي، كلام لا يمكن عدّه سوى أنه ساذج وخاطئ، بل ومضحك إلى حد كبير.
ينبغي الالتفات إلى نقطة ذكرتها مرات عدة في السابق... بأن الطائفية مرض متجدد ودوامة تدور رحى جولاتها بين هذا الفريق وذاك. مخطئ من يظن أنه سينتصر باستثارة الحس الطائفي بين أبناء الشعب الواحد. فإن كان الفوز حليف هذا الفريق في هذه الجولة، ليعلم جيداً أن الخسارة ستكون من نصيبه في المرة المقبلة. فهذه الدوامة ليست بضربة حظ، بل إن معالجة هذه الفتن من قبل الجهات الرسمية تتعمد أن تسير بهذا الاتجاه لكي تتوازن الأمور بين الفرقاء، فالأمر ليس بحنكة، أو خبرة، أو هيبة، أو ما شاكل. لا أقصد أن الحكومة تتعمد نظرية المؤامرة لأنها أعجز من أن تكون كذلك، كما لا أدعي بأن ما يجري اليوم هو من مفاعيلها، لا ولكن أقصد ان المعالجات غالباً ما تكون فاقدة للموضوعية، وأقرب ما تكون إلى الموازنات السياسية ولأغراض تطييب الخواطر.
على كل حال، الحكومة هي أدرى بتسيير أمورها ولكن كل ما أريده أننا لا يجب أن نُعول كثيراً على إدراك واستيعاب الحكومة لمجريات الأحداث. فعلى الشعب أن يعي مخاطر وأبعاد هذا الانزلاق وخصوصاً على المدى البعيد. فالشعب اليوم مطالب أن يتحمل مسؤوليته الوطنية، وإيقاف ولجم أي انحراف عن مظلة الوحدة والقانون، فسب أم المؤمنين من قبل معتوه لا ينبغي أن يكون مبرراً للهجوم على قطاع واسع من المواطنين، وعلى عقيدتهم.
فعلى عقلاء البلد ومن جميع التوجهات أن يضعوا حداً لهذه الظواهر، ولا يعوّلوا كثيرا على حكمة الحكومة لأنها قد يكون لها اعتباراتها الخاصة نتيجة للضغوطات المتنوعة سواء أكانت خارجية أو بسبب التوازنات الداخلية. فالواجب أن نتحمل نحن المواطنين مسؤولياتنا خصوصاً وأننا نعيش في عصر ازدهار الميديا والانترنت، عصر ازدهار وازدحام الإعلام بحلوه ومره.
د. حسن عبدالله عباس
تعليقات