عبدالله المسفر ينتقد من ينفخ في رماد الفتنة ويشعل الأزمة على خلفية قضية المدعو ياسر الحبيب، ويحذر من سياسة فرق تسد

زاوية الكتاب

كتب 1485 مشاهدات 0





فرّق لن تسد
عبدالله المسفر

 
سياسة 'فرِّق تسد' التي تنتهجها بعض الأنظمة العربية مع الأسف سياسة ليست في مصلحة كائن من كان... وهي سياسة استعمارية في الأساس لا تصلح أن ينتهجها أبناء الوطن الذين بيدهم الحكم، لأن إشاعة الفرقة والتشرذم بين جماعات المجتمع وشرائحه من شأنها أن تفتت المجتمع ككل، وتجعل السوس يأكل فيه، ويصبح هذا المجتمع خاوياً من الداخل ومطمعاً لأي حاقد من الدول الأخرى.

سياسة 'فرِّق تسد'... هي أسلوب لا يستخدمه سوى المستعمر، ولذلك حرص اليهود على استخدامه بين العرب للوقيعة بينهم حتى يستقيم لهم الاحتلال، وحتى تكون الفريسة سهلة بين أيديهم، ولا أدل على ذلك مما يحدث الآن في الشأن الفلسطيني الفلسطيني، فالفلسطينيون يتناحرون فيما بينهم بينما تجلس إسرائيل تشاهد وتضحك وتلعب بعملية السلام كيفما تشاء، وهي تعلم أن الترابط والتلاحم ليس في مصلحتها وأن التشرذم بين الفلسطينيين سيجعلها تسود وتسيطر على الأراضي الفلسطينية التي اغتصبتها منذ ما يزيد على الستين عاما.

سياسة 'فرق تسد' هذه إن اتبعتها الأنظمة الحكومية القومية والوطنية في الأساس سياسة من شأنها أن تشعل فتيل الأزمات المتكررة، وتلحق الضرر البالغ بالبلاد والعباد، ولذلك من الواجب على أي نظام حكم أن يبعد عن اتباع هذه السياسة، بل إن من مصلحة أي نظام أو حكومة أن يعمل على التلاحم بين فئات الشعب كله، وأفضل مثال على ضرورة الحرص على التلاحم والتعاضد والتكاتف ذلك الذي حدث بين جميع فئات المجتمع الكويتي في أثناء العدوان العراقي الغاشم، ولأننا لم يكن بيننا تفرقة فقد ساد حكم آل صباح، وكلنا كنا خلف أميرنا وحكومتنا وضحينا بكل ما نملك من أجل عودة الأرض والحكم، وذلك في حادثة فريدة في التاريخ لم تتكرر وأعتقد أنها لن تتكرر مرة أخرى، فبعد سبعة أشهر فقط تعود الدولة بأكملها بفضل وحدتنا وتلاحمنا حكومة وشعبا وأسرة حاكمة، يقف وراءها الجميع على اختلاف شرائحهم وتوجهاتهم.

ما يجعلني أكتب هذا الكلام هو أنني أجد في بلادي النفس الطائفي والقبلي والفئوي يتنامى، وأجد هناك من ينفخ في رماد الفتنة ويشعل الأزمة على خلفية قضية المدعو ياسر الحبيب، وأجد هناك من يلعب لعبة 'فرق تسد' ليبقى مكانه محافظاً على كرسيه لا يتزحزح عنه.

ورغم أنني ناديت في المقال السابق بأن نبدأ صفحة جديدة بعد رمضان والعيد، فإني أجد كثيرين لا يتفاعلون مع هذا التوجه للأسف، ولديهم أحقاد دفينة في قلوبهم تجاه الآخرين، ورغبة ملحة في شق النسيج الاجتماعي لهذا البلد الطيب، ونرى مع الأسف وسائل إعلام تتلاعب بهذا الأمر وتعزف على وتر الفتنة، فلماذا الصمت الحكومي المطبق تجاهها؟ ولماذا لا يطبَّق قانون المرئي والمسموع كما طالب كثيرون من قبل.

فعلا هناك من يريد أن تسير الأمور على هذا النحو ويعجبه تشرذمنا وانشغالنا بالطائفية والفئوية، والغريب أن نواب الأمة ينساقون لهذا الشرك وينجرفون وراء شتم بعضهم بعضا بالـ'مسجات' وعلى شاشات المحطات وصفحات الجرائد.

سياسة 'فرق تسد' هذه يا عقلاء العصر والزمان تصلح أن يطبقها رئيس قسم في شركة مغمورة ليظل في كرسيه الهش، أو موظف يريد أن يستحوذ على انتباه مديره، أو يستخدمها مستعمر ليلهي أهل البلد ببعضهم، لكنها سياسة لا تصلح بأي حال من الأحوال أن تحدث في بلد كالكويت، ومن يعتقد أنه بتفرقة شرائح المجتمع سيستقيم له الوضع وسيبقى له الكرسي، فهو مخطئ مخطئ، وإن فرَّق فإنه لن يسد كما يعتقد... وما نطلبه من حكومتنا الرشيدة أن تحاسب كل من تسول له نفسه العبث بتلاحمنا ووحدتنا وأن تطبق قانون المرئي والمسموع على الجميع... فهل هذا أمر صعب أو طلب غريب؟

 

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك