ريوق العيد: تراث أصيل في الذاكرة الشعبية الكويتية
محليات وبرلمانسبتمبر 12, 2010, 12:17 م 6980 مشاهدات 0
تحفل الذاكرة الشعبية الكويتية بكثير من مظاهر وأجواء الأعياد لاسيما لناحية افطار (ريوق) العيد والحلويات التي ترافق هذه الايام المباركة كنوع من التواصل الاجتماعي المتأصل في التراث الكويتي.
أما حلويات العيد فيمكن ببساطة ملاحظة رائحة الزعفران والهيل وماء الورد وانت في الطريق الى الشارع المؤدي الى مصنع الحلويات الكويتية الشعبية فضلا عن روائح الكعك و'الكيك' المخبوز التي تعود بنا الى أيام الطفولة لاسيما في البيت الكويتي المبني على الطراز القديم أو 'الليوان' حيث يتم فرش المكان وتجهيز 'ريوق' العيد.
وحول هذا الافطار يلتقي الأهل بينما تمتلئ الأطباق المعدنية المزخرفة بحبات كيك قرص العقيلي وتوضع قطع الرهش المحشي بالمكسرات داخل صحون يسمونها 'باديه' فيما رصت أصابع الدرابيل بالدارسين والزعفران جنبا الى جنب داخل 'طاسة صفر'أو 'المطبقية'.
وعن 'ريوق' وحلويات العيد أيام زمان قالت الباحثة في التراث الكويتي الكاتبة غنيمة الفهد لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان أهل الكويت قديما كانوا ينتظرون العيد بفارغ الصبر لانه يعني لهم التغيير الجميل في أمور حياتهم اليومية القاسية وكانت الاجازة اسبوعا كاملا وقد تمتد الفرحة عشرة ايام.
وأضافت الفهد انه بعد صلاة العيد يجتمع شمل الأسر مرة أخرى في البيت للإفطار 'ريوق العيد' الذي يتكون من أصناف عدة مثل الكيك والفول المطبوخ (الباجيلا) والحمص المطبوخ (النخي) وخبز الرقاق وبعض الحلويات الشعبية كالرهش والدرابيل وهي عبارة عن رقائق من الدقيق المطوي بشكل دائري بالدارسين والهيل مع الحليب وخصوصا ايام الشتاء الباردة أما الدوة أوالدرابيل فنوعان الأول يصنع في المصانع والآخر تقوم النساء في البيوت بصنعه ويقبل عليه الناس اقبالا كبيرا لذا فهو مرتفع السعر لجودته وطعمه اللذيذ.
واوضحت ان الحلويات الشعبية كانت غالبا ما تصنع وتجهز في البيوت استعدادا للعيد والبعض يقوم بشرائها من السوق وخصوصا التجار لكثرة ضيوفهم كما ان البعض قد لا يحتملون مصاريفها.
وتابعت ان الحلويات بكل أشكالها وألوانها لا بد أن يدخل في صناعتها السكر أو الدبس والطحين والسمن بينما بعض الانواع يضاف اليها الزغفران والهيل والمكسرات المطحونة وحديثا بدأوا يضيفون اليها الشيكولاتة والفانيلا وغيرهما من المنكهات والالوان والمطيبات.
وتطرقت الفهد الى الحلويات الكويتية الشهيرة ومنها بدة الفرس وشعر البنات وزلابيا والبقشة والرهش والحلوى الكويتية اللذيذة المزينة بالفستق والمكسرات والكليجة (لفظة فارسية تعني القرص الصغير) وآباؤنا يسمونها 'حنوة' وهي مشهورة عند أهالي فيلكا تصنع من الدقيق والتمر والمكسرات بالاضافة الى الهيل والدارسين وعادة يفضلها الصغار ويتناولها البعض كتصبيرة قبل الوجبات الرئيسية.
وذكرت ان الكويتيين كانوا يتناولون 'الهردة' مع التمر بعد كل وجبة واستخدمت في صناعة الرهش وهو من الحلويات الكويتية المحببة وهناك بعض الحلويات التي كانت تحضر من التمر والرطب مثل 'رانكينه ' و'وخبيص' و'المعسل' المكون من تمر ودبس وسمسم من دون طبخ و'بثيث' 'تمرية' تعمل من تمر وسمن بلدي.
واضافت ان الحلويات التي كانت تصنع في البيت هي 'محلبية' وتحضر من النشا وماء الورد والحليب وخصوصا في شهر رمضان وهناك ايضا 'ساكو' و'ماغوطة' و'بر الوالدين' 'الشنيالي' أما الزلابية فكانت مقصورة على شهر رمضان وتطورت بعد اضافة الزعفران والألوان فمنها الأحمر والأصفر والأخضر وحتى 'الشيرة' التي تعد من رحيق السكر او دبس التمر اختصرت الان على القليل من السكر وماء الورد واشارت الى 'قرص العقيلي' الذي كان يخبز قديما من الطحين والبيض والى نوع آخر يسمى كيك سفينة لأنه على شكل 'بوم' تطور الآن فأصبح في علب السلوفان الملونة واستبدل الطحين المخلوط بالطحين الأبيض والماكرين والزبدة الحيوانية كما أدخلت القشطة والكريمة المخفوقة ومحتويات اخرى من الشوكولاتة في تحضيره.
واضافت ان الكويتيين قديما كانوا يقصدون سوق ابن الدعيج او سكة ابن دعيج لشراء الحلويات الشعبية وهي عبارة عن سكة ضيقة لمرور القادمين من الشرق الى الاسواق القديمة وكان يطل على ساحة الصرافين وصولا الى دروازة عبدالرزاق الى محل الحلوى والرهش المتفرع من سوق الخضرة ويلتقي بسوق الغربللي وكان يضم 15 دكانا متخصصة ببيع انواع الحلويات وخصوصا 'الحلوى المسقطية' نسبة الى مدينة مسقط التي تشتهر بهذا النوع الذي يتميز عن البقية بمذاقه الخاص وانواعه المتعددة.
واشارت الى الحلويات الكويتية التي كانت تباع في سوق الحلوى ومنها 'سمسمية ودبابيس وبامية كبيط وعنبرية وسر الخاتون وديج ودياية وكركريه وشعر البنات وخفيفة المنكل وغريبة وغناطي وملبس وجبدة الفدس وبيض الصعو وكعك وسفينة وكليجة وقرص عقيلي وزند العبد وزلابية وكشاط وحلاوة سبال والبقصم ولسان الثور وبيض القطا والدندرمة والخنفروش'.
وعن غداء يوم العيد قالت الفهد انه في العادة يتم باكرا وغالبا ما يتكون من سمك محمر وفي عيد الأضحى يكون من لحم الأضاحي ولاتزال عادة الغداء والمحمر موجودة عند بعض العوائل في الوقت الحالي.
ومن جانبه قال الكاتب والباحث في التراث الشعبي محمد عبدالهادي جمال ل(كونا) ان اصحاب الحلويات كانوا يعتمدون قديما على الرحى والمنحاز والهاون لطحن الحبوب حتى عرف 'المدار' وهو عبارة عن مصنع صغير يحتوي على رحى كبيرة تدار بواسطة البغال والحمير لطحن الحبوب وتطورت المدارات بعد جلب آلات طحن تعمل بالديزل.
وعدد جمال بعض أشهر المدارات وهي (الشمالي) و(علي البحراني) التي كانت توفر الدقيق لأصحاب معامل الحلويات والخبازين وتطورت الآلات في تلك الفترة فانشئت ثلاثة معامل او 'كاركات' وهي 'كاركة آل عيدي والعبدالرزاق وجمال وتم تحويل مدار الشمالي الى 'كاركة' فطحنوا السمسم لتحويله الى 'هردة' (طحينة) وهي من اقدم المهن والحرف في الكويت.
تعليقات