صالح السبتي ينتقد المبالغة فى بهرجة القرقيعان وإنفاق (8 ملايين دينار كويتي) في 3 أيام
زاوية الكتابكتب أغسطس 24, 2010, 12:46 ص 541 مشاهدات 0
محمد صالح السبتي / 8 ملايين دينار للقرقيعان
محمد صالح السبتي
من عاداتنا الجميلة التي اعتادها المجتمع هي ما يعرف بـ (القرقيعان) وهي عادة كويتية قديمة ومنتشرة في كثير من البلاد العربية وتبدأ في منتصف شهر رمضان، وفيها يقوم الأطفال بالتجول على المنازل القريبة والغناء بأهازيج شعبية، ويقوم أهل المنزل بإعطاء الأطفال الحلويات والمكسرات ابتهاجاً وفرحة بانتصاف الشهر الكريم.
إلا أن هذه العادة مثلها مثل باقي عاداتنا أصابها مرض التظاهر والبهرجة الكذابة والتكلف غير المنطقي، فبحسبة بسيطة تستطيع القول hن الكويتيين ينفقون ما يقارب (8 ملايين دينار كويتي) في هذه الأيام الثلاثة. وحسب إحصائية وزارة التخطيط لعام 2003 فإن (106 آلاف طالب وطالبة) يدرسون في المدارس الابتدائية، وقرابة (42 ألف) يدرسون في مراحل الرياض، ولو فرضنا أن (50 ألف طفل) ممن هم أصغر من ذلك ويحتفل أهله بهذه المناسبة، وهذا يعني أن قرابة (200 ألف طفل) ممن يحتفلون بهذه المناسبة، ولو فرضنا جدلاً أن 80 في المئة من هؤلاء يقومون بالاحتفال بهذه المناسبة فهذا يعني أن (160 ألف طفل) هم الذين يحتفلون بالقرقيعان، ولو قلنا أن متوسط الإنفاق على مثل هذا الاحتفال لكل طفل هو مبلغ 50 د.ك، وفق ما تقوم به الأسر الآن، فهذا يعني أن قيمة الإنفاق الإجمالية هو مبلغ 8.000.000 د.ك في هذه الأيام الثلاثة.
إن المبالغة في احتفالاتنا وعادتنا أصبحت سمة عامة ترهق ميزانية الأسر وتعرضها للحرج الشديد، بل وتخرج هذه العادات والاحتفالات من مضمونها وبهجتها المرادة لها.
ولعل الشيء بالشيء يذكر فإن مدارسنا ومؤسساتنا الاجتماعية التي تحتفل بهذه المناسبة مطلوب منها الحد من هذه الظاهرة، وهي المبالغة في الاحتفالات، والاحتفال بمثل هذه المناسبات في إطارها الصحيح، فكثير من الأطفال قد يحرجون حين لا يحتفلون بمثل هذه المناسبة، أو حين يحتفلون بها متواضعين، ولو فرضنا جدلاً أن أسرة لها أطفال عدة في سن الاحتفال بالقرقيعان ومطلوب منهم ملابس خاصة لهذه المناسبة، وشراء الحلويات وتغليفها بمغلفات فاخرة لتناسب مستوى ما يحضره باقي الأطفال فهذا يعني إرهاق ميزانية مثل هذه الأسر.
والغريب في الأمر أن معظم عاداتنا خرجت عن المألوف لتدخل في إطار المبالغات والكلفة العالية والبهرجة الكذابة، فاستقبالات الولادة واحتفالات الرجوع من السفر كلها أصبحت في طور المبالغة غير المقبولة.
وهنا نطلب من المجتمع والمهتمين بالجوانب الاجتماعية ومن المدارس مراعاة مثل هذه الأمور، وكف يد العبث عن عاداتنا وتقاليدنا، وإرجاعها إلى ما كانت عليه، فكم نحن في حاجة من المختصين لوضع أسس مثل هذه الاحتفالات، وترسية أسسها المعتادة حتى لا يخرج المجتمع عن المنطق فيها.
وباختصار... إن مناسباتنا وعاداتنا أصبحت ثقل على الناس وليست مواعيد فرح وسعادة وبهجة، وأصبح التكلف والمغالاة سمة لمثل هذه المناسبات. فحفلات الزواج ومجالس العزاء كلها في حاجة إلى معرفة الوضع الصحيح فيها ضماناً لعدم خروجها عن المألوف، وإنفاق مثل هذه المبالغ على مثل هذه الاحتفالات أمر ممقوت تكرهه النفوس السليمة، ولو قدر لمثل هذه الأمور في التطور فظني أنك سوف ترى العجب بعد أعوام عدة.
محمد صالح السبتي
تعليقات