الصوم ليس عن الأكل والشرب فقط بل نحتاج صوما عن الكلام والتنابز والتناحر.. هذا مايدعو اليه ناصر المطيري في محيط تكثر فيه السن تنشر السموم وتلوث القلوب والنفوس

زاوية الكتاب

كتب 1118 مشاهدات 0


صيام الكلام

ناصر المطيري 

شهر رمضان المبارك شهر الصوم والتقرب لله والتجرد من أدران الدنيا ومادياتها، شهر تسمو به النفوس وتعلو همم الإيمان محفوفة بمعاني القرآن الحكيم فنجد أنفسنا في هذا الشهر نعيش في هدوء روحاني وسلام داخلي من الصفاء ونقاء القلوب..

وحري بنا أن نعيش في هذا الشهر المعاني الحقيقية للصوم ، الصوم ليس عن الأكل والشرب فقط بل نحتاج صوما عن الكلام والتنابز والتناحر ، وما اكثر مايحيط بنا اليوم من افواه والسن تنطلق في فضائنا المفتوح تنشر السموم وتلوث القلوب والنفوس ببذاءة الكلام وتحريف القول وقلب المعاني وتغيير المفاهيم وتصنيف الناس..

يقول الباري عز وجل في محكم آياته: «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ...» هذا الصنف من الناس هم من ابتليت بهم الأمة وصاروا منبع الفتن ومصدر تفتيت المجتمعات ..

ليتنا نتعلم في هذا الشهر مجاهدة النفس ونزواتها فنفس الإنسان أمارة بالسوء هي عدوه الأول والأخطر ومتى انتصرنا على نفسنا وزكيناها بالنوايا الصالحة والمقاصد الطيبة فقد فلحنا وعشنا في أمن وسلام «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها»..

طوال شهور السنة وأيامها ونحن نتجاذب ونتخاصم ونختلف بل نتصارع على حطام الدنيا نلهث وراء مصالحنا وفي سبيل ذلك نظلم أنفسنا أولاً ونظلم غيرنا أيضا أو يظلمنا الآخرون، قلوبنا مرهقة ونفوسنا متعبة.. لذلك يأتي رمضان ليكون محطة للنفوس والقلوب لترتاح فيه من وعثاء الدنيا وزخرفها.

نتوقف مع آيات الله في كتابه الكريم نأخذ منها العبر والدروس نستلهم الحكمة التي تغذي العقول وتنيرها وتفتح أمامنا رؤية جديدة لحياتنا نراجع فيها النفس اللوامة ونستحضر عذاب القيامة ونزهد بزيف الدنيا وزوالها ونشتاق الى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

يقول الصالحون من أسلافنا الذين ذاقوا حلاوة الايمان الحقيقي: لو علم الملوك والسلاطين ما في قلوبنا من سعادة الايمان لجالدونا عليها بالسيوف.. آه كم نحن حمقى نملك ما يفوق سعادة الملوك ونعرض عنها ونسعى لانتزاع سعادة الآخرين بظلم أو قهر أو استحواذ وطمع وفساد... مبارك عليكم الشهر.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك