لايري فائدة من حوارات السقيفة ..د. مبارك الذروه يستغرب غياب النص الديني ضد من أبرم عقود الفساد وتفعيله في قضية القبور والمناهج
زاوية الكتابكتب يوليو 31, 2010, 10:04 ص 563 مشاهدات 0
د. مبارك الذروة / الماضي لا يزال حاضراً
انظر إلى توشح بعضنا بأسلحة الفكر والعلم والبرهان للدفاع عن قضية سياسية مثلاً، واستخدام النص الشرعي للتدليل على ذلك، بل وتحمس الطائفة أياً كانت في قبول أو رفض هذه المسألة في الوقت الذي يغيب الحماس المحفز للقلم والعقل في الدفاع عن مقدرات الأمة ومكتسباتها الراهنة!
وكأن الإسلام جاء لحفظ الدين فقط ولم يعبأ بالعقل والمال والنفس، ما قيمة الدين إن لم يصلح أمور الدنيا؟
لا وجود لاستنكار من حملة النص الديني على من أبرم عقود الفساد، في الوقت الذي يفعل هذا النص على قضية القبور والمناهج وغيرها؟
هذا الاختزال المبستر الذي ينظر إلى القضايا بعين واحدة هو في الأساس ينشأ من تعاطي تاريخية المعرفة الزمني مع إلغاء لاحتياجات الحاضر وتحديات المستقبل. هي حالة نفسية معاصرة مؤلمة أحد أعراضها البحث عن دواء مكوناته التاريخ والتراث الذي ما زال مسيطراً على تفاصيل حياتنا الراهنة. وما لم نتخلص من هذا الوهم الداخلي فينا وننطلق إلى الواقع الحاضر فقط، نتعامل معه كما هو وكما نحن، والا فإننا سنستمر نتعارك تاريخياً في معركة لم نعشها، وأحداث نحن منها براء.
حالة النكوص الذي يعيشه بعض من استند الى التراث في محاكمة مشكلاتنا الراهنة هي أحد أهم معوقات الحوار وكسر جسر التلاقي بين أبناء الوطن والأمة. واجترار النزاع الدائر النائم في بطون التاريخ هو إلغاء للحاضر والمستقبل، وإحياء فتنة الماضي، وقتل الإبداع والتنمية.
إن الوعي بالتاريخ وفهم قوانينه واستنطاق التراث لأخذ العبرة من قصصه هو المطلوب. والرجوع إلى التراث لشحذ الهمم وبعث الآمال هو الهدف المنشود.
أما الخوض المتكلف والمتطرف في يوميات التراث وصراعاته فقد جر ويلات القتل والإبادة في كثير من فصول التاريخ العربي والإسلامي.
ما المفيد إذن من حوارات السقيفة التي لن تنتهي، وما العمل الذي سيبنى على ذلك، وما الفائدة المرجوة من الاستناد على أقوال وفتاوى التفرق والإلغاء؟ والتمترس خلف التاريخ والتراث، خاصة فيما هو ديني، هو إبعاد العقل الإنساني المسلم عن الخوض في حاضره ومستقبله.
وأزعم أن تدخل المعتقد في العمل السياسي أضر الدين والسياسة على حد سواء. وإذا كانت السياسة جزءاً من الدين فإن المعتقد كجزء من الدين لا يجب أن يسيطر على العاملين سياسياً.
النفس بطبيعتها تبحث عن قوة تستند إليها، خاصة بعد الهزائم المنكرة التي مرت بها الأمة في الوقت الحاضر. والمناخ السياسي العام المحيط بنا يشجع على ذلك... بالتأكيد سيكون اللجوء والنكوص إلى الماضي هو السبيل إذن.
والمشكل هو جلب كل صراعات الأمس لتكون معينا لنا في الحاضر. انظر اليوم للصراع الدائر بين اطراف سنية وشيعية في قضية زيارة القبور والتوسل بها، ومسألة تعديل منهج التربية الإسلامية... هل له امتداد تاريخي، وهل هي فعلاً قضية مناهج فقط؟
الحالة النفسية القهرية التي يعاني منها البعض، والتي يضفي عليها ثوب الشرعية المقدس والديني من خلال أحداث الماضي، هي التي تشكل كثيراً من المعطيات السياسية اليوم... وإن ظهرت بلباس تربوي يتعلق بمنهج التربية الإسلامية! هل تعتقد أن مواقف سياسية لبعض النواب تخرج عن ذلك؟
كثيرة هي النصوص التي جاءت تؤكد أن تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم. ولا تسألون عما كانوا يعملون. وتلك فتنة برأ الله منها دماءنا فلنبرئ منها ألسنتنا!
الشارع السياسي العام اليوم يبحث عن قضية تشغله عن رغيف الخبز والبحث عن دواء، ولربما قامت بعض الجهات المشبوهة بإشعال هذا الحريق... ومصائب قوم عن قوم فوائد!
بعض من نوابنا ومثقفينا يجلبون التاريخ معهم حينما ذهبوا... انه مسيطر على عقلهم الباطن في حواراتهم ومحاواراتهم... حتى مفردات الحوار في غالبها ذات قاموس تاريخي استحضروا فيه أسماء ماتت، وشواهدهم وأدلتهم تراثية قد انتهت!
أين الحاضر، وفي النهاية من سينتصر، وهل نحن أكثر قوة وذكاء وإخلاص من علي وأبي بكر والحسن ومعاوية؟
إن الحاضر يغيب من نوابنا كثيراً... هل هو العجز في التعامل مع ملفات التنمية العالقة؟ إذن الصراع هو المخرج... والتاريخ هو ميدان الصراع.
د. مبارك الذروة
تعليقات