شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب هل هو: «وهابي» أم «سلفي»؟!..تساؤل يطرحه ويناقشه بسام الفهد
زاوية الكتابكتب يوليو 31, 2010, 10:03 ص 540 مشاهدات 0
رسائل إصلاحية
شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب هل هو: «وهابي» أم «سلفي»؟!
كتب بسام الفهد
أرجو منكم إخواني أن تحفظوا التواريخ لأننا سنعرض لتاريخ الكويت الذي يبدأ بعهد الشيخ صباح الأول المتوفى سنة 1190هـ (1776م) وقد حكم زهاء ستين سنة، ثم حكم بعده ابنه الشيخ عبدالله الأول بن صباح بن جابر من عام 1190هـ إلى عام 1229هـ (1776م-1814م).. وكذلك لتاريخ الأسرة السعودية.. ليعلم الجميع وخصوصا من يحاول أن يضرب ويشكك في العلاقة بين البلدين.. بأنها علاقة وطيدة بنيت على أساس متين من القرابة والدين والعقيدة غير المشوبة بأدران الشرك والوثنية.. علاقة ملئت بالاحترام المتبادل والثقة.. ولكن مثلها مثل غيرها من العلاقات التي قد يشوبها بعض الوهن أو الشك والذي يكون سببه دائما أولئك الذين يسعون بين الشقيقين والأخوين والصاحبين والجارين بالتحريض والتشكيك والإفساد لأجل مصالح شخصية أو لمصالح دول أخرى.
- يقول علامة الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله (ت1938م): «والحقيقة أن كل من تجنب التفرق والاختلاف وأراد أن يتبع رسول الله وخلفاءه والسلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين فالقذيفة الشيطانية في أيدي الجاهلين معدة له ألا وهي «وهابي»..
- ولد شيخ الاسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب عام 1115هـ (1703م وقد اشتدت غربة الاسلام بين أهل زمانه وعفت آثار الدين لديهم وانهدمت لدى الكثيرين منهم قواعد الملة الحنيفية وغلب الجهل والتقليد والإعراض عن السنة والقرآن.. وشب الصغير وهو لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه أبواه وهرم الكبير على ما تلقاه عن الآباء والأجداد.. وانهمك غالبهم في الشرك وعدلوا عن عبادة الله وحده إلى عبادة الأولياء والصالحين من الأموات والأحياء.. يستغيثون بهم في النوازل والكوارث ويقبلون عليهم في الحاجات والرغبات، ويعتقدون النفع والضر في الجمادات والاحجار والأشجار، ويعبدون أهل القبور ويصرفون لهم الدعاء والنذور في السراء والضراء..
- وامتلأت بلاد نجد والجزيرة العربية كغيرها من بلاد المسلمين بالقبور المشيدة ومشاهد الوثنية والاستغاثة بها ودعاء أهلها وغير ذلك من أنواع العبادة التي لا يستحقها إلا رب الأرض والسماوات سبحانه وتعالى:
- حتى أنه كان في نجد نخل «فحال» ينتابه النساء والرجال، ويفعلون عنده أقبح الفعال، والمرأة إذا تأخر عنها الزواج تذهب إليه وتضمه وتدعوه برجاء وتقول: يا فحل الفحول اريد زوجا قبل الحول!!
- وقد فشت هذه المخالفات والضلالات وظهرت وعمت.. فشمر الامام المجدد عن ساعد الجد، فدعا الى الله على بصيرة، ففتح الله به اعينا عميا، وآذانا صما، فاستجاب الناس الى دعوته، لأنه رحمه الله انما يدعو الى الملة المستقيمة والفطرة السليمة، وقد استجاب اهل الكويت حكاما وعلماء لدعوة الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب لأنها دعوة تجديد لما اندرس من معالم الدين.. فقام اهل البدع بلمز دعوة الامام السنية السلفية المباركة فأطلقوا عليها «وهابية» لتنفير الناس عن دعوة الحق وإلصاق التهم والافتراءات بها وذلك شأن كل دعوة اصلاحية من الابتلاء بالجهلة واهل الحسد، والا فإن الامام المجدد لم يدع الا لما دعا اليه السلف، لا يخرج عن ذلك قيد انملة، فعقيدته سلفية ودعوته سلفية وهو يصرح بذلك ويدعو اليه.. ولكن اهل البدع ارادوا تنفير الناس عن دعوته فقالوا «وهابية» نسبة الى والده!!! وايهاما للجهال والعوام بأنها من الدعوات القديمة الباطلة.
- فشيخ الاسلام بقي سنوات عديدة وهو يدعو الى توحيد الله ويحذر من الشرك والبدع والحث على ان يرجع المسلمون الى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه.. فواجه اهل الباطل على كثرتهم حتى نصره الله بالامام محمد بن سعود رحمه الله (ت 1179).. فقامت الدعوة المباركة في نجد قلب جزيرة العرب وانتشرت في ارجاء المعمورة.. وشهد لها العارفون في كل قطر بأنها دعوة صافية نقية مباركة تدعو الى عبادة الله وحده لا شريك له، والى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في الامور كلها صغيرها وكبيرها، وتحذر من البدع والشركيات التي شوهت جمال الاسلام، وحالت دون تقدم المسلمين وكانت السبب في تفرقهم وتشتتهم.. فجمعهم الله بهذه الدعوة بعد تفرق، واغناهم بعد فقر، وقواهم بعد ضعف، وامنهم بعد خوف..
- واقام الله في قلب الجزيرة دولا دستورها الشرع تنعم بالامن والامان، وتحكم بشريعة الرحمن ورزقهم من الطيبات وانعم عليهم من الخيرات حتى اصبحت في مصاف الدول الغنية التي واكبت التطور في كافة مجالاته..
- وقد راسل الشيخ عبدالله الاول بن صباح الاول رحمه الله الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب يستفسر عن حقيقة دعوته وما ينسب اليه.. فأرسل له الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله رسالة يبين فيها حقيقة دعوته ويدحض الافتراءات التي نسبت اليه.. ومما جاء فيها: «الذي يجب على المسلم ان يتبع امر الله ورسوله ويسأل عنه، فالله سبحانه انزل القرآن وذكر لنا فيه ما يحبه وما يبغضه، وبين لنا فيه ديننا واكمله، وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم افضل الانبياء، فليس على وجه الارض احد احب الى اصحابه منه، فهم يحبونه اكثر من انفسهم واولادهم ويعرفون قدره، ويعرفون ايضا الشرك والايمان.. فإن كان احد من المسلمين في زمان النبي صلى الله عليه وسلم دعاه او نذر له او ندبه او احد من اصحابه جاء عند قبره بعد موته يسأله او يندبه او يدخل عليه ملتجئا به عند القبر فاعرف ان هذا الامر صحيح حسن ولا تطعني ولا غيري..
وان كان اذا سألت وجدت انه صلى الله عليه وسلم تبرأ ممن اعتقد في الانبياء الصالحين وقتلهم وسباهم واولادهم واخذ اموالهم وحكم بكفرهم فاعرف ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الا الحق ولا يأمر الا بالحق والواجب على كل مؤمن اتباعه فيما جاء به.. وبالجملة فالذي انكره: الاعتقاد في غير الله مما لا يجوز صرفه لغيره، فإن كنت قلته من عندي فارمِ به.. وان كنت قلته عن امر الله ورسوله وعما اجمع عليه العلماء في كل مذهب.. فلا ينبغي لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر ان يعرض عنه لأجل اهل زمانه او اهل بلده..».
- وبعدها استجاب الأمير عبدالله الأول لهذه الدعوة التي هي في الحقيقة دعوة الفطرة، وعلى هذا سار ابناؤه واحفاده.. ولاتزال العلاقة الوطيدة بين الاسرتين الكريمتين آل صباح وآل سعود قائمة على احسن حال ولله الحمد والمنة.. وسيأتي معنا أمثلة عديدة لهذه العلاقة المتينة.. والنص اعلاه نشره الشيخ الفاضل محمد الشيباني وهو الكاتب بجريدة القبس ورئيس مركز المخطوطات والتراث تحت عنوان «نص وثائقي نادر»… وسيأتي الكلام والنقل عما قاله الكثيرون عن عقيدة اهل الكويت وحكامها، كديكسون في كتابه «عرب الصحراء» وكتابه «الكويت وجاراتها»، والرحالة الدنماركي باركلي رونكيير، وغيرهم.. وعلماء الكويت كالعلامة الشيخ محمد الفارس رحمه الله (1235هـ - 1326هـ)، والعلامة الشيخ عبدالله الدحيان رحمه الله (1292هـ - 1349هـ)، والعلامة الشيخ عبدالعزيز الرشيد مؤرخ الكويت (1301هـ - 1356هـ)، والعلامة الشيخ يوسف القناعي (1296هـ - 1393هـ) وغيرهم من شموس أضاءت سماء الكويت.. رحمهم الله.
- يقول شيخ الإسلام الامام ابن تيمية (ابو العباس، تقي الدين احمد بن عبدالحليم بن السلام النميري الحراني) (661هـ - 728هـ): «ليس لأحد ان يُكفّرَ احدا من المسلمين وان اخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت اسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك» (مجموع الفتاوى 466/12).
- وقال رحمه الله: «وأئمة السنة والجماعة واهل العلم والايمان فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم كما قال تعالى : {كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجر منكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى}. ويرحمون الخلق، فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداءً، بل اذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم كان قصدهم بذلك بيان الحق، ورحمة الخلق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان يكون الدين كله لله، وان تكون كلمة الله هي العليا ».
- وقال رحمه الله: «وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب ان يكون هالكا، فان المنازع قد يكون مجتهدا مخطئا يغفر الله خطأه وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ماتقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات مايمحو الله به عن سيئاته (مجموع الفتاوى 179/3).
- وقال رحمه الله: «واما التكفير فالصواب انه من اجتهد من امة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطأه، ومن تبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فشاق الرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ماتبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر، ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلاعلم فهو عاص مذنب، ثم قد يكون فاسقا وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته، فالتكفير يختلف بحسب اختلاف حال الشخص، فليس كل مخطئ ولا مبتدع ولا جاهل ولا ضال يكون كافرا بل ولا فاسقا بل ولا عاصيا» (مجموع الفتاوى 180/12).
- ماذكرناه مقدمة للدخول الى حياة شيخ الاسلام الامام المجدد المفترى عليه احمد بن عبدالحليم الحمراني الشهير بابن تيمية رحمه الله.. وذلك للرد عل الذين يرددون ما يقال لهم من غير وعي ولا ادراك كالأخ كريم عبد من البصرة.. وكالأخ الذي كتب آخر تعليق على مقالتنا الاخيرة في الوطن.. وذكر كلاما مبتورا قاله شيخ الاسلام رحمه الله.. واقول له ولغيره أكمل الكلام وارجع الى المصدر من كتب الامام.. ولا تكن إمعة ناقصاً.. فستقف امام الله وحدك.. {يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}.. {ويل يومئذ للمكذبين}.
تعليقات