نجاد وميدفيديف : تلاسن زعماء أم خلافات دول؟

عربي و دولي

2502 مشاهدات 0

الرئيسان الروسي والإيراني

يقول أنيس منصور' خرج الرئيس انور السادات من الكعبة وهو يصرخ.

فسألته : انت بتزعق ليه ياريس ؟

السادات: الراجل (....) ده القذافي ماسك ايدي داخل الكعبة ومش عايز يسيبها، بقول له سيب وهو يقول خلينا نعاهد ربنا  لتحرير فلسطين. 

فقلت له فلسطين  ايه !!!! هو انت عملت حاجة انت ما دفعتش ولا مليم .!!!!  ونزلوا في بعض زعلانين، فلما جينا نعمل السعي  كان المفروض نبقى مع بعض بس انقسمنا قسمين.'

واستمر الانقسام و الخلاف بين الرجلين،وترعرعت بذور الخصومة لتتحول الى غابة من العداء، والمناوشات الحدودية،و كادت القوات المصرية ان تغزو طرابلس  في صيف 1977م. وتستمر سياسات الزعماء في خلق عداوات الشعوب،ففي السياق نفسه كان  رئيس أوغندا الماريشال الحاج عيدي أمين 'Idi AminDada ' كبير الحجم مخيف الهيئة بينما كان  جاره الرئيس التنزاني جوليوس نيريري' Julius Nyerere' رقيق الملامح  مما ولد  بالاضافة لاسباب اخرى عداء  فطري بين الرجلين. فاقترح  عيدي امين  تسوية خلافاتهما في حلبة الملاكمة، وعندما رفض نيريري ذلك  قال أمين متهكما على حسن شكل غريمه: لوكنت فتاة لتزوجتك . ولا يلوم احد نيريري فقد كان عيدي امين بطلا لاوغندا في الملاكمة 1951-1960م ،حتى إنه فكر في1981 م في منازلة بطل العالم محمد علي كلاي  بشروط وضعها وهي 'إجراء المباراة في ليبيا والحكم كما قال شقيقه بالدم القذافي،وآية الله الخميني هو مقدم المباراة،على ان يكون ياسر عرفات هو المدرب.'

وفي الربع الاخير من يونيو 2010م شهدت العلاقات الاميركية الروسية تحسنا لم تعرفه منذ عقد كامل،فبالاضافة الى دعم روسيا للولايات المتحدة في افغانستان، والجهود الاميركية لتحديث  اقتصاد روسيا، قام الرئيس ديميتري ميدفيديف '  Dmitri Medvedev' بزيارة لواشنطن ادت لدعم جهودالولايات المتحدة لفرض حزمة عقوبات اقتصادية جديدة ضد ايران في قرار مجلس الامن رقم  1929. ولم يكتف ميدفيديف بدعم قرار العقوبات ضد ايران، بل صرح أن حكومة طهران في طريقها لانتاج السلاح النووي . ولم يكن ذلك الموقف مفاجئة للعديد من المراقبين بحكم فقه العلاقات الدولية القائل  بان المصالح هي التي تحدد المواقف بين الدول ، لكنه كان صدمة للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ، الذي اسقط في يده وهو يرى حليف اخر يتوارى خلف الافق . كما جزع وهو يرى كيف رجحت كفة المصالح الروسية الاميركية ضد مصالح روسيا ومواقفها السابقة  مع ايران المتمثلة في عقد انجاز محطة بوشهر النووية ، وصفقة صواريخ S-300 ،وغيرها من المشاريع  الكثيرة  في والتي جعلتها سند لطهران في وجه عقوبات دولية سابقة .

وبدل ان يتراجع  منهزما ومنكمشا داخل نفسه ، أو ان ينفجر بدون حساب للخسائر، اقتنع الرئيس نجاد أنه من غير الممكن ان ينجح في معاداة دولتين عظميين في الوقت نفسه، يدفعه ايضا الامل في عودة روسيا لصداقتها القديمة مع  ايران،كما ان معاداة روسيا ستجعله في موقف حرج امام خصومه في طهران لانه من وجهة نظرهم صديق روسيا في طهران .

لقد قرر الرئيس نجاد في 23 يوليو 2010م انتهاج استراتيجية جديدة مع روسيا تقوم على مرتكزين : الاول محاولة شق صف الكرملين المتأرجح بين ميول الرئيس ديميتري ميدفيديف الغربية، وبين ميول رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين المناوئة  تاريخيا للغرب والقريبة من طهران . أما ثاني المرتكزات فهو عدم التعرض لجمهورية روسيا الاتحادية  بالنقد  معولا على عودة العلاقات الروسية الايرانية الى سابق عهدها . حيث اخذ محمود احمدي نجاد  في مهاجمة الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف شخصيا في تجريد له من منصبه كرئيس لدولة عظمى ، حيث لم يصفه بالكذب فحسب بل  بانزاله مرتبة اقل  وهي نشر الاكاذيب الاميركية بالوكالة،وكيف يتحول رئيس دولة كبرى مثل روسيا  الى  جزء من دعاية أميركا وبوق لها،بل وممثل في مسرحية هزلية اميركية .

إن اسلوب فصل القادة عن شعوبها في دعاية الغريم، أسلوب قديم نحن خير من يعرفه،فقد اثبت مسرح العلاقات العربية العربية انه خير مكان لتطبيقه ونجاحه ، فكم مرة سمعنا  في الخطاب العربي  نقد قيادة دولة معينة،وفي الوقت نفسه يظهر الخطاب احترامه وتقديره لشعب تلك الدولة. لكن ذلك الادعاء الاجوف بالتمييزبين القادة والشعب  لم يمنع شخصانية الخصومة بين قادة الدول من احداث نتائج كارثية، فقد ادى خلاف السادات والقذافي ،لتشريد 225 الف عامل مصري، وأدى خلاف الطاغية صدام مع حافظ الاسد الى إغلاق الحدود العراقية السورية لثلاثة عقود، كما أبادت قوات الرئيس التنزاني القس جوليوس نيريري الاف المسلمين في دار السلام،بينما ذبحت قوات عيدي امين مالايقل عن 500 ألف مسيحي.

 لن ينجح نجاد في مهاجمة ديميتري ميدفيديف دون أن يكون لذلك صدى في جمهورية روسيا الاتحادية، لكنه انزلق عائدا لطريقة تفكير قادة دول العالم الثالث واساليبهم ،مما يعني التخلي ولو بخطوة صغيرة عن شعوره كرئيس لدولة نووية عظمى ، وها هي بوادر العودة لوقف التخصيب والموافقة على التبادل تظهر في الافق مجدداً.

 

د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك