من الخطورة أن يكون ممثل الشعب سليط اللسان.. د.عصام الفليج مستنكرا أن يكون مجلس الأمة هو منبر التصنيف بين بدوي وحضري
زاوية الكتابكتب يوليو 24, 2010, 12:33 ص 1229 مشاهدات 0
بدوي وحضري
كتب د.عصام عبداللطيف الفليج
سألني الزميل مبارك بن شافي ذات مرة: ما هو مفهوم «البدوي» بالنسبة لك؟ فقلت له: كلمة «بدوي» لها مدلولان..لغوي واصطلاحي، أما اللغوي: فالبدوي هو من سكن البادية، وهو الآن منتفي الوجود في الكويت. وأما الاصطلاحي: فهو سلوك ولهجة.
وأيدني في السلوك، ولم يؤيدني في اللهجة، وأشار لنفسه قائلاً: أنا حضري على الرغم من أنك تعتقد بأني بدوي بسبب اللهجة.
لقد دأب البعض على إثارة مصطلحات قديمة هي أقرب الى الدعوى الجاهلية، ومنها حكاية حضري وبدوي، والتي تحولت في الآونة الأخيرة الى حضري وقبلي، على الرغم من ان معظم الحضر قبليون !.
هذا التصنيف الذي رسخته الحكومة في غفلة من الزمن وباتت تحصد آثاره السلبية الآن بعد أن تنامى وكبر، بدأ الكل ينادي ويصرخ..لا نريد هذا الفصل، ونريد مجتمعاً واحداً.
المشكلة ان تكرار هذا المفهوم على الاسماع (بدوي وحضري) لدى الطرفين– وإن كان واقعا - وبشكل سلبي..يعمل على ترسيخه في العقل الباطن حتى يصبح أمراً واقعاً، والأفكار تتحول الى أفعال، والأفعال تصبح عادات، والعادات تتحول الى طباع، والطباع تتأصل في السلوك، وقد تتركز في الجينات أيضا فتتوارثه الأجيال!.
ومما يؤسف له أن يكون مجلس الأمة هو المنبر لهذه التصنيفات، وبغطاء جوي من بعض وسائل الإعلام، فاذا طرح أحد النواب الحضر استجوابا تجاه وزير بدوي (اصطلاحا) قالوا عنه استجواب قبلي، حتى لو كان أحد الموقعين عليه نائبا بدويا، واذا كان الاستجواب من نائب بدوي تجاه وزير حضري، قالوا عنه استجواب مناطقي، حتى لو كان أحد الموقعين عليه نائبا حضريا !.
فاذا كان كلا الطرفين «مؤيد ومعارض» يحوي الحضر والبدو، فلم المعايرة بهذا الأمر الذي لا مكان له، ولم لا يتم التركيز على محاور الاستجواب؟!.
إن أي شرارة فتنة فئوية أو طائفية قد تنطلق من المجلس بسبب انفعال نائب، وقد تتسع بشكل أكبر، خصوصا مع نشر وسائل الإعلام لها مع شيء من البهارات، والاستعداد الفطري لبعض الناس لاستقبالها والدندنة حولها.
ومن الخطورة بمكان ان يكون ممثل الشعب سليط اللسان..ويتطاول على زملائه..ويتعالى على الآخرين..ويصنف المجتمع كيفما شاء، وهذا ممن يجب الأخذ على يديه.
لا أحد ينكر وجود الحاضرة والبادية على مر الزمن، ولكن الغلو فيها ممقوت ومرفوض دينا وعقلا، وقد تعايش أهل الكويت أكثر من ثلاث مائة سنة حاضرة وبادية بكل ود، وكم تناسب أهل الحاضرة مع أهل البادية، ولكن لا يقبل أي طرف منهما السلوك السلبي بحجة الفزعة.
دعوها..فإنها منتنة، وتذكروا أن الكويت تجمعنا.
إذا تحدث الناس عن الخسائر..فذكروهم بالأرباح، وإذا تحدثوا عن الهزائم..فحدثوهم عن الانتصارات، وإذا تحدثوا عن الطرق المسدودة..فحدثوهم عن الطرق المفتوحة.
د.عصام عبد اللطيف الفليج
تعليقات