داود البصري يدعو الدويسان لمراجعة مواقفه والإعتذار للشعب الكويتي، ويؤكد أن الكويت شاركت فى صنع تاريخ الحرية منذ أن كانت إيران مزرعة من مزارع الغرب والصهيونية
زاوية الكتابكتب يوليو 22, 2010, 12:29 ص 2737 مشاهدات 0
الدويسان والولي الإيراني الفقيه... حكاية بلا بداية ولا نهاية
الشعب الإيراني الذي هتف بسقوط الديكتاتور هو الآقدر على معرفة الحقائق أكثر من غيره
للإعلامي الكويتي السابق, والنائب الحالي السيد فيصل الدويسان حكايات وزوايا ومواقف تفسر في مجموعها طبيعة التحولات الفكرية والعقائدية ودور العاطفة وحماس الشباب والإنبهار بالمواقف وألأحداث في تطورها ! وتصريحات الدويسان كثيرة ومتنوعة وغالبيتها ذات جوانب ومنطلقات شخصية وفردية وذاتية محضة , وبعيدا عن ألإيغال والخوض في أسباب التحولات ومعظمها ذات صلة بأمور وجدانية معينة فإن التصريحات الأخيرة للدويسان ذات أهمية خاصة لكونها قد تجاوزت, في تقديري, الكثير من الخطوط والموانع وأستحضرت في جوانب منها ذكريات الصراع الإقليمي وأحداثه الساخنة, وبما يذكرنا بحكاية إعادة التاريخ لنفسه, ولعلنا نقر جميعا بأن دولة الكويت هي واحدة من أكثر المناطق إستهدافا في الخليج العربي والشرق ألأوسط , وهي منذ ظهورها على مسرح التاريخ الحديث كانت مطمعا للعديد من القوى المحلية أوالدولية وعاشت لحظات صراع عنيفة وقلقة شكلت على مستوى الفعل الستراتيجي حالة غير مسبوقة, لقد قدر لحكام الكويت منذ الحاكم الأسطوري والتاريخي الشيخ مبارك الصباح أن يخوضوا غمار التحدي بوسائل وأساليب وطرق متنوعة شكلت في مجموعها ملحمة التصدي الكويتية الكبرى لمختلف صنوف التحديات التي لم تتوقف والتي لن نتوقف في مقالتنا عندها لكونها تحتاج الى مجلدات, وكانت الكويت مع كل مرحلة من مراحل تطور الصراع الإقليمي والدولي تعيش مناخات خاصة وظروفا معينة لربما لم يعشها الجيل الحالي, ولكن حكام الكويت يعون جيدا كل المتغيرات ويقيسون بموازين الذهب كل المستجدات والطوارئ,وكان الحرص الكويتي على إستقلالية القرار الوطني وعلى العروبة بمعناها الإنساني الواسع وليس المتعصب الشوفيني هو المبدأ الستراتيجي الأول الذي يحرك صانع القرار الكويتي, فلا مزايدة على الإستقلال والحرية الوطنية, ولا مزايدة أيضا على عروبة وإسلام الشعب الكويتي الذي شارك في معارك العرب الكبرى, وقدم كل ما يستطيع من أجل دعم الصمود والحرية عن قناعة وإقتناع وإيمان, ويكفي الكويت شرفا ومجدا من أن على أرضها تأسست حركة المقاومة الفلسطينية وبدماء الكويتيين وأموالهم أيضا نمت ورعت بذرة المقاومة من دون منة ولا ضجة إعلامية.
لقد شارك الكويتيون في صنع تاريخ الحرية منذ أن كانت إيران مزرعة من مزارع الغرب والصهيونية وهو ما جر على الكويت الويلات التي نعرف وتعرفون . وقضية إعلان النائب الكويتي فيصل الدويسان الواضح والصريح بتقليده وتأييده للولي الإيراني الفقيه السيد علي خامنئي أعتبره إعلانا صادما للغاية لكونه يرتطم بشكل حاد بالكثير من الثوابت الوطنية والمنهجية وهو ما أشرت إليه في مقالة سابقة, ورغم أنني حاليا في حالة إنقطاع عن الكتابة لكوني أقضي عطلتي الصيفية في المغرب الأقصى إلا أنني لم أستطع منع نفسي من الرد والولوج في أقرب 'دكان للإنترنت' لكتابة مقالتي السريعة وبالتالي قطع إجازتي والتنغيص على راحتي الفكرية والأسرية, ولكن لا شيء يهم خصوصا في عصر العولمة الذي نعيش, وكما أسلفت سابقا فإن خطورة تصريح الدويسان تنطلق من حقيقة أن السيد علي خامنئي ليس مجرد مرجع فقهي تقليدي كما هي حال مراجع الشيعة في كل زمان ومكان, بل أنه قطب عقائدي ومحور سياسي وصاحب مشروع سياسي وطائفي وتوسعي وذات مجال حيوي لا يمكن إنكاره, كما أنه يمثل حتى على صعيد الداخل الإيراني حالة خلاف واضحة بين جماهير الثورة الإيرانية ذاتها, ألم تصرخ جماهير الثورة الإيرانية الخضراء في شوارع طهران بعبارة 'مرك بر ديكتاتور?'! أي الموت للديكتاتور ? ومن هو الديكتاتور المقصود ? أعتقد إن الدويسان يعرف الجواب ويلعن تلك الجماهير في نفسه وسريرته, ولكنه وهو العربي الكويتي لا يمكن أن يكون أكثر تواصلا مع الحقائق من الجماهير الفارسية التي ينتسب لها الولي الفقيه الجامع للشرائط وبموجب أحكام الدستور الإيراني العنصرية القحة التي لا تجيز الزعامة لغير الفارسي الأب وألأم كما نعلم وتعلمون, مرجعية السيد علي خامنئي التي لا يعترف بها أصلا من الناحية الواقعية المراجع العظام في النجف وقم هي مرجعية خلافية لكونها تصادمية وتحمل مشروعا لربما يفجر المنطقة برمتها كما أنها تحظى بدعم تيار 'الحجتية' وهو تيار خطير يدعو لزيادة المظالم والمفاسد والتحديات من أجل التسريع في ظهو ر المهدي المنتظر, الذي سيملأ الأرض عدلا كماملئت ظلما وجورا, وأعتقد أنني لست بحاجة للتعليق على هذه المعتقدات, ولكنني أترك تقدير الموقف لسعادة النائب المحترم فيصل الدويسان, ودول الخليج العربي, ومنها الكويت, يعتبرها أهل المشروع الرسمي السياسي والعقائدي الإيراني مجرد ممالك زائلة! أما البحرين فيعتبرونها جزءا من الدولة الإيرانية حتى اليوم, وأعتقد أن التصريحات الرسمية الإيرانية المتشنجة ضد تصريحات وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد أوإثارة موضوع تسمية الخليج العربي والفارسي وما يمارسه النظام الإيراني من تمدد في العراق المحتل أميركيا وإيرانيا, جميعها مواقف تعبر عن حقيقة النظرة الإيرانية للمنطقة ولنظام إيران مواقع مهمة ومناطق نفوذ وخلايا سرية وعلنية واضحة في الكويت والخليج العربي وتجربة الثاني من إغسطس السوداء لعام 1990 ليست ببعيدة عن الأذهان, فجيوش الحرس الثوري الإيراني على إستعداد وجاهزية تامة لتكرار سيناريو الحرس الجمهوري العراقي في الكويت! فالطغاة يشربون من النبع نفسه ويسيرون على النهج ذاته, لقد صدم التيار الذي كان يساند صدام حسين في الكويت وهم يرون جيوش الغزو العراقية وقد إجتاحت بلادهم وألغت شخصيتهم الوطنية وتحولوا الى رعايا في بلاط نظام البعث الصدامي, وهو ما شكل صدمة كبرى رفض معه أنصار صدام السابقين أي تعامل وأصروا على الرفض وحتى المقاومة وذهب بعضهم ضحية كما كانت الحال مع المرحوم جاسم الصانع وآخرين, وأعتقد أن الحرس الثوري الإيراني وقيادات نظام طهران المتشنجة تسير اليوم على النهج نفسه المزعج والظلامي ولا أعتقد أن الدويسان سوف يلتزم بتقليده الإيديولوجي وهو يرى تحقق سيناريو الرعب المطروح واقعيا بشدة هذه الأيام, فلا شيء مستحيل في ظل الإصرار الإيراني على التعبئة والتحدي وإستعجال ظهو ر المخلص المنتظر.
أعتقد إن على فيصل الدويسان مراجعة مواقفه والإعتذار للشعب الكويتي الذي أوصله لمجلس ألأمة الكويتي وليس لمجلس الشورى الإيراني, وأدعوه مخلصا لقراءة تاريخ المنطقة والعالم بعيدا عن العاطفية والرومانسية وأحلام العصافير, فالشعب الإيراني الذي هتف بسقوط الديكتاتور هو الأقدر على معرفة الحقائق, ويبقى للكويت وهي تعيش كل تحديات الفتنة التي لن تنجح رب يحميها ويذود عنها من نوائب الزمان وغفلة بعض من أبنائها... وأتوقف عن الكلام المباح وسأعود للتفصيل بعد نهاية إجازتي بعد أسبوعين بإذن الله... و'أحوال شما.. خوبي'.
* كاتب عراقي
تعليقات