مقترحا تربا بالمساجد، خالد الشطي يدافع عن نبيل الفضل: صريحة واضحة لا لبس فيها ولا تقية، ولا مداراة ولا مماشاة
زاوية الكتابكتب يوليو 18, 2010, 9:23 ص 4317 مشاهدات 0
الحقيقة أنني في ذهول من حجم الحمية والتعصّب الذي يحكم ساحتنا...نظرة خاطفة في مواقع الإنترنت والصحف الإلكترونية، وبعض الصحافة السوقية المبتذلة، وقراءة في التعليقات والمداخلات - المدروسة بما يؤمِّن إفلات صاحب الموقع من الملاحقة القانونية -، تكشف عن كمٍّ مهول من الحقد الأسـود الـــذي يستوطــن الــنفـوس، فيهـوي بهـــا ويشـلّها عـن أي أداء منتـج، ناهيـك عن المبدع، بـل مـــــا مـــــن حصيلـــــة لــــــه إلا الفساد والإفساد، وهذا الذي ترى من البطش والتجبر والعنف والإرهاب.
إنه مرض عضال ما انفك يفتك بالأمة منذ كانت، حتى أودى بها إلى الحضيض، وجعلها تستورد الخيط والإبرة، وقلم الرصاص والمسطرة، وتطلب الألعاب الإلكترونية، لا العلم، من الصين! وإن صدَّرت شيئاً فتفجيرات تودي بالنساء والأطفال والأبرياء!
مرض قتل العرب وأهلكهم في الدنيا قبل الآخرة... إسرائيل تستبيحهم ليلاً ونهاراً فلا يأبهون ولا يبالون، وتهينهم سراً وتذلهم جهاراً فلا ينتخون ولا ينتفضون، وتنهب أموالهم وأعراضهم وكراماتهم فلا يغارون، بل لا يشعرون، فإذا نهض رهط من الأشراف وتصدوا لهذا الطغيان وقارعوا إسرائيل فردعوها، سلقوهم بألسنة حداد، وتربصوا بهم الدوائر، وحاكوا لهم المؤامرات واصطفوا مع العدو عليهم! لأنهم «ليسوا منهم» في مذهبهم )لا دينهم(، أو أصولهم )لا ملَّتهم)، فكيف لو كانوا من دين وملَّة أخرى؟! لا يريدون الكرامة لأنها لم تأتهم من قبيلتهم، ولا يريدون النصر لأن من سجله ليس من مذهبهم وجماعتهم!
هؤلاء هم الذين كانوا في ماضيهم - وأقتبس من خطبة الزهراء روحي فداها - على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطأ الأقدام، يشربون الطرق، ويقتاتون القد، أذلة خاسئين، يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم، فأنقذهم الله برسوله صلى الله عليه وآله، بعد اللتيا والتي، وبعد أن مني ببُهم الرجال، وذؤبان العرب، كلما أوقدوا نارا للحرب أو نجم قرن للشيطان أو فغرت فاغرة للمشركين قذف أخاه علياً في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ سماكها بأخمصه، ويخمد لهيبها بسيفه، مكدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصحاً، وهم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، يتربصون الأخبار، وينكصون عند النزال، ويفرون من القتال، حتى إذا اختار الله لنبيه دار أوليائه ومحل أنبيائه، ظهرت حسيكة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهذر فنيق المبطلين، يخطر في عرصاتهم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخاً فيهم، فوجدهم لدعائه مجيبين ولعزمه متطاولين، واستنهضهم فوجدهم خفافاً، وأحمشهم فألفاهم غضاباً...
حتى نقلهم محمد، صلى الله عليه وآله، إلى المدَنية والأخلاق، وجاء بهم ليجعلهم «عرباً» لا أعراباً. ولكن هل يترك الذئب طبعه، أو هل يستوي ويستقيم معوج أذناب الكلاب؟ هيهات، ها هم اليوم، كما كانوا في جاهليتهم، إذا أرادوا أن ينتقصوا شخصاً فيفتروا عليه ويباهتوه، لم يجعلوا له ما يشينه حقاً، بل عمدوا إلى الطعن في نسبه القبلي والنيل من أصله العائلي، فكأنها الطامة الكبرى، التي لا شيء بعدها، وكل ما دونها يهون ولا يعيَّر به!
ما هذه الروح المريضة التي أسرتها العصبية واعتصرتها فما أنتجت إلا فتناً تعصف بالمجتمع، وفي الأقل تلهيه بالأباطيل وتشغله بالسفاسف؟ قبائل تزدري قبائل، وتنتقصها ولا تراها في عدادها… فيأتي المنتقص (المضطهد)، إذا أراد أن ينال من عدوِّه، وينطلق من البؤرة النتنة نفسها! يجعل لعدوِّه- كذباً - أصلاً ويفتري عليه نسباً قبلياً أو عائلياً، يراه هو منقصة، فينسبه إليه… وكفى!
بالله ماذا أغاظهم في نبيل الفضل، وماذا نقموا منه حتى أطلع الشيطان الجاهلي رأسه صارخاً فيهم فأجابوه خفافاً؟
عندي أن الرجل يتميَّز بأنه من قلة، لفرط ندرتها تحسبها معدومة النظير، اللهم إلا عبد اللطيف الدعيج ولا يحضرني غيره، لا يلتزم بطريقة جائرة ظالمة يعمل بها جلُّ الكتاب الليبراليين أو غير الإسلاميين عموماً، وحتى بعض الإسلاميين المنصفين، ناهيك عن المتطرفين - إذا اقتضت الضرورة أن يبرءا ساحتهم ويدفعوا الشبهة عن أنفسهم -... طريقة الالتزام بالطعن في الشيعة كلما أرادوا النيل من القاعدة والإرهاب! وهم بين متعصِّب لا تطيب نفسه ولا يهون عليه إلا أن يخصص للشيعة نصيباً من سموم قلمه، أو هو من الجبن والخوَر فخاف أن يؤخذ عليه ويتَّهم بممالأة «الأقلية» ومماشاة «من ليسوا منا»، وحتى بعض الشيعة تراه يعمد إلى هذا «الجمع» من باب إشعار القارئ بموضوعيته وحياده، وانتفاء الحس الطائفي في منطلقاته!
نبيل الفضل ليس من هؤلاء ولا أولئك… هذه هي مصيبته ومشكلته الأصلية، إذا أراد نقد التطرف وتناول الإرهاب بما يستحق، لم يمالئ عواطف العوام ولم يساير البوغاء والهوام، بل جاء بها صريحة واضحة لا لبس فيها ولا تقية، ولا مداراة ولا مماشاة.
عجزوا أن يسكتوه، فعمدوا إلى أخس الأساليب وأقذرها، أي الكذب والافتراء، ولكن على طريقتهم ونزعتهم، فافتروا عليه في أصله وباهتوه في عائلته، لا في قوله ولا فعله، لم ينسبوا إليه الخيانة ولا الارتشاء ولا حتى الزندقة!بل نزبوا أن جذوره شمالية! يا للهول والمصيبة، ويا للطامة الكبرى والفاجعة! أما خلفيات الموضوع ففي المقالة المقبلة.
• • •
مئة سؤال وسؤال: المصليات التي تخدم الوزارت والمرافق العامة والمجمعات التجارية والمدارس، غير مخصصة لطائفة ومذهب، لماذا لا يوضع فيها صندوق صغير يحوي بعض «الترب» التي يصلي عليها الشيعة، حتى لا يحتار أحدهم فيلجأ إلى ورقة أو قطعة مــن الخشب، (فالسجود عندنا لا يجوز على السجاد ولابد أن يكون على الأرض وأنباتها)، فنظهر التسامح الديني في بلدنا، وانفتاح وتمدن شعبنا، ثم نقطع الطريق على مطالبة الشيعة بتخصيص مصليات خاصة بهم!
تعليقات