محمد الملا حزين لأنه لم يسمع نائبا يتدخل لنصرة البذالي هذا المواطن الغلبان سواء من دائرته أو الدوائر الأخرى

زاوية الكتاب

كتب 1157 مشاهدات 0



 


البذالي   يا شعب     
Monday, 12 July 2010 
محمد الملا

نشرت المدونات والصحف الكويتية خبر المواطن خميس البذالي   الذي   تعرض ابنه لعملية دهس لأكثر من مرة على   يد مستهترين والضحية في   المستشفى   يعاني   الألم والأوجاع،   وأسرته تدعو الله سبحانه أن   يشفيه وينجيه    من اصاباته الجسيمة والخطيرة،   ولكن المصيبة    أتت من بعض نواب الهم والغم بتدخلهم لاغلاق الملف وبعد الحبكة في   التقارير الطبية    تم اطلاق سراح الجناة بسبب نائب انبطاحي   وتم عرض عشرين ألف دينار والعلاج بالخارج،   فكانت اجابة    والد الضحية :  أريد حقي    بالقانون،   وجاءه اتصال ثان من عدة نواب وبدعم من مسؤولي   الهم والغم والبرامكة من مديري   مكاتب قياديين،   مارسوا طقوس الضغوط والترجي   على والد الضحية    من أجل عيون مستهترين،   وكانت الصفقة خمسين ألف دينار والعلاج بالخارج،   فالمواطن الذي   جر ابنه لمسافة ثلاثين مترا في   الشارع رفض واشتكى في   بيت الشعب لينصفوه ولكن لا عزاء في   بيت الأمة لأن الواسطة فوق القانون .
ما   يحزن أن العفن انتشر في   الضمائر    والظلم صار هواية بعض المسؤولين،   كم مواطن مظلوم ومغلوب على أمره في   بلدنا الصغير وكم مواطن ظلم بوظيفته ورزقه،   وما   يحزن انه لم نسمع أن نائبا من نفس الدائرة   يتدخل لنصرة هذا المواطن الغلبان أو الدوائر الأخرى،   الأخطر في   هذه القضية الانسانية تكريس مبدأ اختلال ميزانية العدالة الاجتماعية لأنها أساس وأركان أي   دولة،   وانا على   يقين أنه توجد    لدينا    قضايا كثيرة لا حصر لها    تفوح منها رائحة الظلم والفساد،   وما   يحزنني   أن الفساد استشرى والرويبضة أصبحوا المتحدثين وأصحاب كراس والبرامكة التفوا حول الكراسي   الوثيرة والشعب مغلوب على أمره،   فانتشرت الفوضى في   بيت الشعب وفي   الساحة السياسية،   فضاعت البركة والفوائض على الرغم من وجود فوائض مالية تغطي   عين الشمس لأننا فقدنا رجال الهيبة والصادقين مع الله سبحانه والمحبين لهذه الأرض وأبطال    القرار الصائب،   نحن نعيش على انجازات الرعيل السابق،   واليوم نفقد كل شيء وما نراه على أرض الواقع بيع للبلد على الرغم من وجود الخيرين .
المواطن خميس البذالي   ليس له الا ملك الملوك الجبار العادل هو الله سبحانه القادر على انصافه،   وسوف أذكر حادثة وقعت في   عهد الفاروق،   رضي   الله عنه عمر بن الخطاب،   حيث تقول الحكاية :
أتى شابّان الى الخليفة عمر بن الخطاب رضي   الله عنه،   وكان في   المجلس وهما   يقودان رجلاً   من البادية فأوقفاه أمامه،   قال عمر :  ما هذا؟ قالا  :  يا أمير المؤمنين،   هذا قتل أبانا،   قال :  أقتلت أباهما؟ قال :  نعم قتلته !  قال :  كيف قتلتَه؟
قال :  دخل بجمله في   أرضي،    فزجرته،    فلم   ينزجر،   فأرسلت عليه حجراً،    وقع على رأسه فمات .  قال عمر :  القصاص .  قرار لم   يكتب،   وحكم سديد لا   يحتاج مناقشة،    لم   يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل،    هل هو من قبيلة شريفة؟ هل هو من أسرة قوية؟ ما مركزه في   المجتمع؟ كل هذا لا   يهم عمر  -  رضي   الله عنه  -  لأنه لا   يحابي   أحداً   في   دين الله،    ولا   يجامل أحدا   على حساب شرع الله،   ولو كان ابنه القاتل،    لاقتص منه  .  قال الرجل  :  يا أمير المؤمنين  :  أسألك بالذي   قامت به السماوات والأرض أن تتركني   ليلة،   لأذهب الى زوجتي   وأطفالي   في   البادية،    فأُخبِرُهم بأنك سوف تقتلني،    ثم أعود اليك،   والله ليس لهم عائل الا الله ثم أنا  .
قال عمر  :  من   يكفلك أن تذهب الى البادية،    ثم تعود اليَّ؟ فسكت الناس جميعا   ،   انهم لا   يعرفون اسمه،    ولا خيمته،    ولا داره،   ولا قبيلته ولا منزله،    فكيف   يكفلونه،   وهي   كفالة ليست على عشرة دنانير،   ولا على أرض،    ولا على ناقة،    انها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ..  ومن   يعترض على عمر في   تطبيق شرع الله ؟ ومن   يشفع عنده ومن   يمكن أن   يُفكر في   وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة،    وعمر مُتأثر،    لأنه وقع في   حيرة،    هل   يُقدم فيقتل هذا الرجل،    وأطفاله   يموتون جوعاً   هناك أو   يتركه فيذهب بلا كفالة،    فيضيع دم المقتول،    وسكت الناس،   ونكّس عمر رأسه،    والتفت الى الشابين  :  أتعفوان عنه ؟
قالا  :  لا،    من قتل أبانا لا بد أن   يُقتل   يا أمير المؤمنين ..
قال عمر :  من   يكفل هذا أيها الناس؟ !!  فقام أبو ذر الغفاريّ   بشيبته وزهده،    وصدقه،    وقال :  يا أمير المؤمنين،    أنا أكفله قال عمر  :  هو قَتْل،    قال  :  ولو كان قاتلا !
قال :  أتعرفه ؟قال :  ما أعرفه،    قال  :  كيف تكفله؟
قال :  رأيت فيه سِمات المؤمنين،    فعلمت أنه لا   يكذب،    وسيأتي   ان شاء الله .
قال عمر :  يا أبا ذرّ،    أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني   تاركك؟ !
قال :  الله المستعان   يا أمير المؤمنين،   فذهب الرجل،    وأعطاه عمر ثلاث ليال   ،   يُهيئ فيها نفسه،   ويُودع أطفاله وأهله،    وينظر في   أمرهم بعده،   ثم   يأتي،    ليقتص منه لأنه قتل .
وبعد ثلاث ليالٍ   لم   ينس عمر الموعد،    يَعُدّ   الأيام عداً،    وفي   العصر نادى في   المدينة :  الصلاة جامعة،    فجاء الشابان،    واجتمع الناس،    وأتى أبو ذر وجلس أمام عمر،    قال عمر :  أين الرجل؟ قال  :  ما أدري   يا أمير المؤمنين !
وتلفَّت أبو ذر الى الشمس،    وكأنها تمر سريعة على   غير عادتها،    وسكت الصحابة واجمين،    عليهم من التأثر مالا   يعلمه الا الله.صحيح أن أبا ذرّ   يسكن في   قلب عمر،    وأنه   يقطع له من جسمه اذا أراد   ،لكن هذه شريعة،    لكن هذا منهج،    لكن هذه أحكام ربانية،    لا   يلعب بها اللاعبون،   ولا تدخل في   الأدراج لتُناقش صلاحيتها،    ولا تنفذ في   ظروف دون ظروف وعلى أناس دون أناس،    وفي   مكان دون مكان ..  وقبل الغروب بلحظات،    واذا بالرجل   يأتي،    فكبّر عمر،   وكبّر المسلمون معه،   فقال عمر :  أيها الرجل أما انك لو بقيت في   باديتك،    ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك !  قال :  يا أمير المؤمنين،    والله ما عليَّ   منك ولكن عليَّ   من الذي   يعلم السرَّ   وأخفى !!  ها أنا   يا أمير المؤمنين،    تركت أطفالي   كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في   البادية،   وجئتُ   لأُقتل،   وخشيت أن   يقال :  لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس،   فسأل عمر بن الخطاب أبا ذر :  لماذا ضمنته؟ قال أبو ذر :  خشيت أن   يقال لقد ذهب الخير من الناس،   فوقف عمر وقال للشابين  :  ماذا تريان؟
قالا وهما   يبكيان  :  عفونا عنه   يا أمير المؤمنين لصدقه،   وقالا :  نخشى أن   يقال :  لقد ذهب العفو من الناس !
قال عمر :  الله أكبر،    ودموعه تسيل على لحيته .
والحافظ الله   يا كويت .

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك