صالح الشايجي يهنئ الجاسم لخروجه من السجن ويلومه على الكلام الكبير والخطير حول مايدبر لمسلم البراك وينصحه بالهدوء والتعقل

زاوية الكتاب

كتب 1708 مشاهدات 0


تهنئة.. ولوم.. ونصيحة

صالح الشايجي


أول الكلام، تهنئة لـ «محمد عبدالقادر الجاسم» لخروجه من السجن الذي أرجو ألا يعود إليه، وأشفع رجائي برجاء فك أسر كل سجين، فليس أثمن من الحرية.

وبعد التهنئة والرجاء، أتوجه باللوم المحب والعتب الصارخ للسيد «الجاسم» على قوله ـ بعد خروجه من السجن ـ «ان ثمة ما يدبّر ضد مسلم البراك»، ثم جاء قوله على صيغة تحذير: إن أي إجراء ينال «البراك» ستكون له تداعيات خطيرة، لن تنتهي بإطلاق سراحه!

كلام كبير وخطير فيه غلو وانحراف وتسعير لنار لا أحد يسعى الى تسعيرها، إلا من أراد شرا بالناس وببلادهم، ولا يُقبل من رجل في مثل مكانة «الجاسم» الذي يفترض فيه التعقل والحكمة والدفع بالبلاد نحو الاستقرار والهدوء.

يعلم السيد «الجاسم» الحكمة السياسية الأزلية: «ليس من عداوة دائمة، ولا صداقة دائمة في السياسة» والسياسة تقلّب وعلّو وهبوط وتغيير في المواقف والاتجاهات، وكان عليه أن يعي هذه القاعدة السياسية ومن ثم يعمل بها، فهو ان خاصم في السياسة فعليه أن يوقّت خصومته ولا يبقيها على الدوام في صدره. ثم ان عليه ان يلتزم بحدود الخصومة ولا يشعبها ولا يخلط الأوراق بغية إدخال غيره في قضيته من أجل تكثير مناصريه وضم عناصر أخرى إن هو لوّح باسم فلان أو فلان وأشركهما معه في قضية تخصه وحده، فهو الذي اتخذ الموقف وهو الذي دفع الثمن.

كما يعلم السيد «الجاسم» ان التاريخ مليء بالخصوم السياسيين الذين تتقلب بهم الاحوال، فيوم في السجن ويوم في الحكم، ولم يحملوا ضغينة ضد من حبسهم، وهذه هي السياسة. ولعل تاريخنا نفسه في بعيده وجديده، يشهد على مثل ذلك الواقع، فسجناء مجلس 1938، أمضوا ست سنوات في السجن، وخرجوا بصدور طيبة نقية لا يحملون ضغينة ولا حقدا، ثم صاروا من أكبر بناة البلاد ومعمريها وشركاء في الحياة السياسية. أما في الجديد فإننا نذكر سنوات الثمانينيات و«دواوين الاثنين» والاعتقالات التي تمت وطاولت أشخاصا ناشطين، كان من بينهم المرحوم أحمد الربعي، وكلنا يشهد لدوره البارز أثناء الاحتلال العراقي لبلادنا، ومشاركته في الوفود التي جابت دول العالم بتكليف من الحكومة التي اعتقلته، وأحسن وأبدع في شرح قضية بلاده والدفاع عنها، ولم يشمت ولم يتبرم ولم يحمل ضغينة تبعده عن الدفاع عن وطنه حين دعاه داعيه.

وإن كان «الجاسم» قد قال ما قال، فكان حريا بالسيد مسلم البراك أن يرد عليه سريعا ليبين أنه تحت القانون لا فوقه، وانه يحترم البلاد ومؤسساتها، فإن كان هناك ما يستوجب محاسبته قانونيا، فهو طوع القانون ورهن إشارته، وانه مواطن شأنه شأن غيره من المواطنين الآخرين، وانه لا يحتمي الا بالدولة ونظمها ومؤسساتها.

في كثير من الدول تجري اعتقالات ومحاكمات لناشطين سياسيين وحزبيين، تعد أحزابهم بمئات الآلاف من المحازبين، مثل «الاخوان المسلمون» في مصر، فلم نسمع أن أحدا هدد وتوعد وأنذر بالخراب، اذا ما تم اعتقال عنصر من الحزب أو حتى قياداته.

ليس مقبولا يا «محمد» أن تتحول الخصومة مع شخص الى خصومة مع الوطن، مهما كانت مكانة هذا الشخص، وأرجو أن تكون أكثر تعقلا وهدوءا، وأنا على يقين أنك قادر عليهما، أعني «الهدوء والتعقل».

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك