مؤكدا أن هناك فرق شاسع بين مفهومي الطائفية والمذهبية..عبد الحسين السلطان يسأل من هو الطائفي؟

زاوية الكتاب

كتب 1213 مشاهدات 0





 من هو الطائفي؟

 
 
هناك بون شاسع بين مفهومي الطائفية والمذهبية.. فالطائفية سلوك عدائي تتبناه فئة تشكل الأغلبية وتعمل على إقصاء الآخر المختلف عنها في الدين أو المذهب، بينما المذهبية هي ممارسة عبادية لمذاهب متعددة تختلف في نمط شعائرها الدينية عن المذاهب الأخرى، مثل الاختلاف بين المذاهب.. الحنفي والشافعي والجعفري والزيدي وغيرها، وهي تشكل تنوعاً مشروعاً في كافة دول العالم،إلاّ أن البعض يسعى متعمداً للخلط بين المفهومين بهدف الحجر على المذاهب الأخرى أو لإلغاء حقوق أتباعها واتهامهم بالنفس الطائفي البغيض ظلما وعدواناً.. وهم بذلك يمارسون الطائفية بعينها من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
والسلوك الطائفي الذي يمارس مع مذهب الأقلية في أغلب الدول المتخلفة ومن بينها دولنا.. ما هو إلاّ صورة من صور التخلف والأحقاد الدفينة والجاهلية حتى لو كان بلافتة تنويرية أو متلطياً تحت شعارات وحدوية زائفة،وهي في واقعها لا ترمي سوى لإلغاء أو تحجيم المذاهب الأخرى، فالظلم واحد لا يختلف أياً كان شكله أو مسماه وخلف أي ستار أو شعار.
وفي ظل هذا التهييّج الطائفي والإصرار على محو مذاهب الأقلية من خارطة الوطن..لم يتوان البعض عن الحجر على الرأي الآخر ومنعه حتى من الدفاع عن نفسه.. واتهامه بتهم فاجرة،كما انحدر البعض منهم إلى الدرك الأسفل بدقه إسفين الفرقة بين المذهب الواحد من خلال تصنيف الواقع الشيعي في الكويت إلى فريقين.. أحدهما طائفي وآخر وطني في مسعى منه لإحداث شرخ في هذا الواقع. إن من يريد تحليل الواقع الشيعي يجب أن يكون جزءاً من هذا الجسد حتى يتحلى بالإنصاف في تقييمه، لا أن يتعامل مع هذا الواقع بروح انتقامية جائرة، وليس من انسلخ عن جسد هذه الطائفة واتخذ مواقف تشكيكية وعدائية حيال رموزها ومؤسساتها الإعلامية ونوابها مؤهلاً لتقييم الطيف الشيعي، والذي أوجد فجوةً كبيرةً بينه وبين القوى الشيعية لا يمكنه أن يرى إلاّ قشور الواقع الشيعي جراء غيابه عن الساحة لأكثر من عقد من الزمان.
الواقع الشيعي في الكويت ليس حزباً أو تنظيماً واحداً حتى يقسم إلى جبهتين.. فأتباعه من أصول متعددة وتتبع مرجعيات مختلفة، ولكنهم جميعهم مخلصون لهذا الوطن.. مثلهم مثل إخوانهم من أهل السنة سواء في مرجعياتهم الدينية أو أصولهم المختلفة، فهم مواطنون كويتيون كسائر فئات الشعب لهم آراء متنوعة.. بعضها يلتقي مع الحكومة والبعض الآخر له موقف مختلف،و هذه بديهية لا جدال حولها لدى كافة فئات الشعب.
الشيعة كمواطنين كويتيين يتعبدون على مذهب أهل البيت، هم جزء من تشكيل الكويت مذ نشأت، وكيان فاعل في نسيجها الوطني،وهذا الانتماء المذهبي لا يتضارب بأي شكل مع ولائهم لتراب وطنهم، كما لا يجب أنّ يميزهم في التعامل مع سائر أبناء الوطن لاعتبارات مذهبية.. ذلك أن الدستور الذي رضينا به جميعاً حكاماً ومحكومين لم يفرق بين أحد من المواطنين بسبب دين أو جنس أو مذهب، ولكن عندما يتعرض أتباع هذا المذهب للتقليل من شأنهم أو الاستهزاء أو التكفير أو التشكيك بهم، يجب ألا يفسر دفاعهم عن أنفسهم ومعتقدهم على أنه سلوك طائفي.. فهل تعتبر المطالبة بتغيير المناهج التي تكفر فئات من المواطنين.. طائفية؟ وهل ينظر لطلب المساواة بين المواطنين في ممارسة الشعائر الدينية وبناء المساجد دعوة طائفية؟ وهل يندرج رفض أي سلوك يميز فئات الشعب بتوليهم المناصب القيادية في خانة الأمر الطائفي؟! إنه المنطق الأعور والقاصر الذي تعصف فيه الأهواء الذاتية.
إن ما يقوم به الشيعة في الكويت سواء رموزهم ومؤسساتهم المدنية ونوابهم ووسائل إعلامهم.. ليس إلاّ دعوة للاندماج الوطني والانصهار في بوتقة الوطن عبر نبذ أي شكل من أشكال التمييز الطائفي من قبل أي طرف، سواء جاء من متطرفين أو ممن يسمون أنفسهم بالمتنورين أو من أطراف نافذة في الحكومة اعتادت على هذا النسق من التمييز الطائفي في مجمل تصرفاتها، لذا فإن جريدة «الدار» أو قناة «العدالة» أو غيرهما، لن تتردد في الدفاع وبإصرار عن الوحدة الوطنية، وعن مبدأ تطبيق الدستور والقانون على كافة فئات المجتمع دون تمييز أو تفرقة، كي يستظل الجميع بمظلة دستورنا العادل.
• عبد الحسين السلطان

 

 

الدار

تعليقات

اكتب تعليقك