أحمد الديين يرى أن إحالة الجاسم للتحقيق والمحاكمة هدفه محاكمته سياسيا لمجمل آرائه ومواقفه منذ أطلق موقعه “ميزان”

زاوية الكتاب

كتب 1384 مشاهدات 0


 

 تريدونها محاكمة سياسية؟! 
 
كتب احمد الديين
البلاغ المقدّم من وزير شؤون الديوان الأميري ضد سجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم، وكذلك محضر تحريات ضابط مباحث أمن الدولة، وما أُرفق معهما من مقالاته وكتبه السابقة، يكشفان بوضوح أنّ المقصود من بلاغ الديوان ومحضر التحريات هو إخضاع هذا الكاتب المعارض للنهج السلطوي إلى محاكمة سياسية شاملة لمجمل آرائه ومواقفه منذ أطلق موقعه “ميزان” على شبكة الإنترنت في العام 2005 إلى يوم احتجازه... وإذا كان هذا ما يُراد له؛ فليكن لهم ذلك... ولتتحوّل محاكمة الجاسم إلى محاكمة سياسية، ففي مثل هذه المحاكمة السياسية سينقلب السحر على الساحر، وسيتحوّل المتهم إلى مدعٍ، وستمثّل مقالات الجاسم وكتبه صحائف اتهام موجّهة ضد النهج السياسي القائم بكل مساوئه وعيوبه، بدلا من أن تكون أدلة إدانة ضد كاتبها! 
لتكن المحاكمة السياسية محاكمة للفشل المتواصل في إدارة شؤون الدولة، ومحاكمة لسوء الإدارة وتدني الأداء الحكومي.... ويكفي دليلا على هذه التهمة الصحيحة أنّ الكويت اقتربت فعلا من مستوى الدولة الفاشلة ضمن المؤشر العالمي للدول الفاشلة، الذي تصدره “وقفية السلام” و”مجلة السياسة الخارجية” الأميركية عندما ارتفعت درجاتها إلى 63.4 من 120 درجة هذا العام، حيث يمثّل ارتفاع الدرجات في هذا المؤشر أمرا سلبيا مريعا..!
ولتكن المحاكمة السياسية المرادة للجاسم محاكمة سياسية للفساد والإفساد، اللذين تفشيا في البلاد، ويكفي شاهدا على ذلك التراجع المستمر لترتيب الكويت في تقارير “منظمة الشفافية الدولية” ضمن مؤشر مدركات الفساد العالمي منذ العام 2003، حتى بلغت المرتبة 66 في التقرير الأخير وانخفضت معها الدرجات، التي حصلت عليها الكويت لتصبح 4.1 درجات فقط من بين عشر درجات، وبذلك أصبحنا الدولة السادسة والأخيرة ضمن دول مجلس التعاون الخليجي الست في هذا المؤشر..!
ولتكن المحاكمة السياسية محاكمة علنية للعبث الخطر والمتعمّد في النسيج الوطني الاجتماعي الكويتي ومحاولات تمزيقه وتشظيته فئويا ومناطقيا وطائفيا وقبليا..!
ولتكن المحاكمة السياسية، التي يُراد لها أن تكون، محاكمة للإدارة السياسية المسؤولة عن المستوى المتدني، الذي انحدرت إليه الأوضاع العامة في البلاد، حيث تردّت الخدمات إلى مستويات غير مقبولة في البلدان الفقيرة، فما بالك في بلد نفطي ثري كالكويت، إذ تبلغ نسبة أَسرَّة المستشفيات فيها أقل من سريرين لكل ألف من السكان؛ بينما المتوسط العالمي يزيد عن سريرين ونصف السرير لكل ألف من السكان... فيما تراجع النظام التعليمي تراجعات خطيرة مؤسفة، إذ كان ترتيب الكويت في اختبارات بيرلز في القراءة لعام 2006 الدولة 43 من بين 45 دولة، أما في اختبار تيمز للرياضيات والعلوم فكان ترتيب الكويت 34 في الرياضيات و31 في العلوم من بين 36 دولة، في الوقت، الذي يجري فيه رفع نسبة القبول في الجامعة الحكومية الوحيدة إلى معدلات تعجيزية من شأنها حرمان آلاف الطلبة الكويتيين من حقهم في التعليم الجامعي المجاني... هذا فيما تطول عاما بعد عام قائمة الأسر الكويتية الشابة المنتظرة لخدمة الرعاية السكنية حتى بلغت الآن أكثر من 88 ألف أسرة.
ولتكن المحاكمة السياسية، التي يريدونها للجاسم محاكمة سياسية للعجز الفاضح عن معالجة الملفات المعلّقة من دون حلّ منذ سنوات طويلة لمشكلة الخلل الصارخ في التركيبة السكانية، وللقنبلة الموقوتة لمشكلة “البدون”، وغيرهما كثير..!
 باختصار، إن كانوا يريدونها محاكمة سياسية لكاتب رأي معارض لهم ولسياساتهم فإنهم هم المدانون!

 

 

 

 

 

 

 

 


 
 
 
 
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك