سعاد المعجل تكتب عن ليلة سقوط بغداد

زاوية الكتاب

كتب 475 مشاهدات 0


ليلة سقوط بغداد 05/06/2007 سعاد المعجل 'ليلة سقوط بغداد' فيلم يجسد المأساة العربية الراهنة بشكل كوميدي ودراماتيكي مبدع!! فكرة الفيلم تحكي قصة ناظر المدرسة الذي يفيق مرعوبا ليلة سقوط بغداد.. لتبدأ مخيلته في استباق الاحداث.. والجري نحو المستقبل المظلم بصورة جعلته يبحث في ملفات المدرسة عن طارق.. ذلك الطالب الذي تصدر لائحة الشرف يوما ما في المدرسة. يصل الناظر الى طارق ليجده قد افنى قدراته وابداعه في عالم المخدرات والهروب من الواقع، فيقرر ان يضع كل ما وفره من مال طوال سنوات الشقاء في عهدة طارق، ليخرج له الاخير بسلاح ردع يقيه واهله ووطنه شر المستقبل المظلم!. الفيلم كوميدي رمزي.. يحوي من الدلالات السياسية الشيء الكثير.. وتثير تفاصيله قضيتين اساسيتين: الاولى في ان مجتمعاتنا العربية وفيرة بالمؤهلات الابداعية والقدرات الكامنة التي تنتظر ادوات التحفيز لتخرج ما في باطنها من خير وابداع ووطنية! اما القضية الثانية، فهي مؤلمة حقا.. اثارها طارق حين اعلن للناظر ان فشله او عجزه عن اختراع سلاح الردع يعود للهوة السحيقة التي اصبحت تفصلنا وبقوة عن العالم المتحفز والمتعلم والواعي.. هذه الهوة، التي رأى طارق، انها من تركة الجيل السابق، او بالتحديد جيل الناظر.. الذي سمح للعالم ان يقفز قفزات هائلة من حوله.. وهو قابع مستكين ومستسلم! في احصائية نشرتها احدى الصحف اخيرا حول التواجد العربي الاصل في سلم الزعامات والقيادات والمبدعين والعلماء حول العالم جاءت الارقام والتفاصيل مذهلة.. فتكاد لا تخلو دولة متقدمة ومتحضرة من عربي يحتل قيادة سياسية بارزة.. او مركزا علميا رائدا أو مكانة طبية أو فنية فيها! تلك الارقام والاحصائيات تؤكد اننا كمجتمعات عربية بحاجة ماسة الى اعادة نظر جذرية في برامجنا التعليمية ونظمنا السياسية.. ووعينا وادراكنا لاهمية وكيفية بناء الفرد بشكل عام!. كثيرة هي الاسماء.. وكثيرة هي الطموحات المكبوتة والكامنة في صدور الآلاف من الشباب والشابات العرب.! البعض يتصور ان اصلاح هكذا وضع يكمن فقط في اصلاح التعليم وتطوير المناهج.. وهو امر اساسي ولاشك في اي عملية اصلاح.. لكنه لن يحقق مفردا مشروع الاصلاح الحقيقي والمطلوب.. ما لم يصاحبه اطلاق عجلة الاصلاح السياسي.. وفتح باب الحريات بجميع اشكالها.. وتعزيز قيمة الفرد وحقوقه.. ونشر مبادئ الديموقراطية والعدالة.. كل هذه امور تسير جنبا الى جنب مع مشروع اصلاح التعليم وتطويره!! فالعالم العربي اصبح اليوم مليئا بالمؤسسات العلمية المتميزة من مدارس وجامعات ومعاهد.. لكنه يبقى الرحم الطارد لابنائه الطموحين.. بفعل المناخ السياسي المحبط.. القامع للحريات وللحقوق.. والذي دفع الابناء لان يبدعوا ولكن.. خارج اطار الوطن!!.
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك