حسن الظن بالله

محليات وبرلمان

1404 مشاهدات 0


 

أهم ما ترتكز عليه الطاعات والعبادات حسن ظن العبد بربه، فحسن الظن هي عبادة قلبية روحية تنبع من لب القلب والروح، وتمد للجسم القوى لأداء الطاعات المأمور بها، ولا يتم هذا إلا بعد طاعة العبد لله، والوصول لمرتبة الإيمان، فهي من مرتبة التوحيد والإخلاص لله وأداء واجباته، وهي اعتقاد بحسن الظن بجلال الله وما تقتضيه أسماؤه الحسنى وصفاته العليا، وتأثيرها على نمط الحياة، فيظن العبد بالله خيرا وأن الله فارج همه وميسر أمره وكاشف النغم، وان هذا الأمر لا يسلكه إلا من وفقه الله سبحانه وتعالى لطاعة وجعل قلبه خالصا لله سبحانه، ويجب أن تكون هذه الصفة لازمة لكل عبد مسلما احتباه الله بالإيمان وجعله نورا في قلبه وتتجلى في حياة المسلمين، فعن عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ «لاَ يَمُوتُ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ». سنن أبي داود، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِى». صحيح مسلم.

كما أن حسن الظن يقربنا من الله، فبالإيمان يصبح الإنسان ربانيا مؤمنا صادق الإيمان، ويكون عند الله من المقربين، وان لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب المسلم إلا من اجل الدين، فعن النبي صلى الله عليه وسلم ' يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَئ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَئ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ' صحيح البخاري، كما أن سوء الظن يؤدي إلى المهالك وإلى المفاسد وإلى الخسران المبين، لا اعتقاد المسلم بالظن السوء من المهالك لقوله سبحانه وتعالى في سورة فصلت (23) (وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ).

ويتساءل البعض لماذا نحسن الظن بالله لأن إحسان الظن بالله هو امتثال لأوامر الله والطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم لقوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ' سورة الأنفال الآية: 24، كما أن حسن الظن له ارتباط وثيق بنواحي عقدية متعددة ومن أهمها  التوكل على الله تعالى والثقة به فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه، ومن حسن الظن الاستعانة والخوف والاعتصام واللجوء إلى الله  حيث قال بعض الصالحين ' استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل في كشفها ؛ فإن ذلك أقرب إلى الفرج'.

وقال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه ، قالوا وفى حالة الصحة يكون خائفا راجيا ويكونان سواء وقيل يكون الخوف أرجح فإذا دنت امارات الموت غلب الرجاء أو محضة لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال وقد تعذر ذلك أو معظمه فى هذا الحال فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى والإذعان له.

فكان حال السلف بحسن لظن بالله فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال (والذي لا إله غيره ما أُعطي عبد مؤمن شيئاً خير من حسن الظن بالله عز وجل ، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه ؛ ذلك بأن الخير في يده)، وكان سعيد بن جبير يدعوا ربه فيقول (اللهم إني أسالك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك)، وعن عمار بن يوسف قال : رأيت حسن بن صالح في منامي فقلت : قد كنت متمنياً للقائك ؛ فماذا عندك فتخبرنا به ؟ فقال : أبشر! فلم أرَ مثل حسن الظن بالله عز وجل شيئاً.

ومن سوء الظن بالله هو القنوط من رحمته واليأس من روحه، فهو غفور رحيم ورب كريم ، ومن سوء الظن أيضا أن يظن العبد أن الله يخيب من تضرع إليه وسأله رغبة ورهبة وان الله لا يعطيه ما سأله فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن بالله تعالى أن يخيب من تضرع إليه وسأله رغبة ورهبة واستعان به وتوكل عليه ولا يعطيه ما سأله ، فقد ظن به ظن السوء ، وظن به خلاف ما هو أهله، ومن سوء الظن ان يظن العبد ان الله ترك الخلق سدى معطلين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يرسل إليهم الرسول ولم ينزل عليهم الكتب بل يتركهم هملا كالأنعام، ومن سوء الظن ان يظن العبد ان الله لن يجمع عبيده بعد الموت وان لا تقوم القيامة ويكون هناك عقاب وجزاء، ومن سوء الظن ان يظن الإنسان ان لله شركاء بالملك وان له ولدا أو أن أحدا يشفع عنده بدون اذنه أو أن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه ، أو أنه نصب لعباده أولياء من دونه يتقربون بهم إليه.

الآن - تقرير: خالد العنزي

تعليقات

اكتب تعليقك