عبدالهادي الجميل يرى أن هناك تعسّفا و مغالاة شديدين، من الدولة تجاه محمد الجاسم
زاوية الكتابكتب مايو 14, 2010, 5:42 ص 1485 مشاهدات 0
ضحك كالبكا
مجرّد قلم!
كتب عبدالهادي الجميل
لم أعد قادرا على متابعة الأحداث المتلاحقة والمتسارعة التي تقع في الكويت حاليا، لأنها تتحرك بسرعة تفوق قدراتي على المتابعة والرصد! أحتاج الى أكثر من 24 ساعة في اليوم الواحد كي أستطيع متابعة كل ما يدور حولي.
خصخصة، استقطاب عنصري، خصخصة، شبكة تجسس إيرانية، استقطاب طائفي، خصخصة، تعديل الاتفاقية الأمنية الخليجية، حقوق الإنسان، خصخصة، موت تلميذ طعنا أمام مدرسته، خصخصة، اعتقال كاتب صحفي، خصخصة، إلخ إلخ إلخ.
كل واحد من هذه الأحداث يستحق الكتابة عنه وباستفاضة، ولكني سأكتب عن الحدث الأهم من وجهة نظري الشخصية.
وهو حدث لم أحتر كثيرا في تحديده، لأنه لا يقبل القسمة على اثنين، فله وجه واحد، رأي واحد، موقف واحد، ألم واحد، أمل واحد، وحل واحد. قد تختلف رؤانا ومواقفنا وتحليلاتنا تجاه الكثير من القضايا، فقد نتفق أو نختلف حول الخصخصة، الطائفية، الاتفاقية الأمنية، شبكة التجسس، حقوق الإنسان، العنصرية،.... لكن كيف يمكن أن نختلف تجاه تكميم حرية القلم في وطن الحرية والقلم؟!!
محمد عبدالقادر الجاسم رجل عنيد، ورأسه يابس، ويملك قلما جامحا لا يستكين إلاّ بين أصابع صاحبه فقط. لكنه مجرد قلم. هذا الرجل لا يملك سوى قلم، وهل يحتاج الكاتب لـ خنجر أو بازوكا؟!!
أعلم جيدا بأنه يتمادى في نقده أحيانا، وعندما يفعل ذلك، نقف في الخندق المواجه لخندقه. ولكنه لا يتقصّد المساس بأركان الأسرة الحاكمة، لأنه مؤمن تماما بأنها صمّام أمان هذا الوطن، وعمود توازن هذه الدولة، ومهوى أفئدة أبناء هذا الشعب الطيب الذي امتزج في قلبه حب الكويت وحب “آل صباح”.
من حق الكاتب محمد الجاسم –وغيره-أن ينتقد، وبقسوة، كل من يراه مقصرا في عمله الرسمي من مسؤولي الدولة بمن فيهم أبناء الأسرة الحاكمة، ابتداء بالوزراء وانتهاء بسمو رئيس الوزراء، دون تجريح شخصي أو مساس بأي شيء خارج نطاق الوظيفة العامة أو الشخصية الاعتبارية. ومن حق المتضرر عندما يشعر بأنه قد تعرّض للإساءة الشخصية، أن يلجأ للقضاء للاقتصاص ممن أساء له سواء أكان محمد الجاسم أم أي شخص آخر.
ولكن من قرأ نوعية التهم الخطيرة الموجهة ضد الجاسم، والجهة التي أنيطت بها مهمة القبض عليه، ومن عرف كيفية احتجازه، يشعر بأن هناك تعسّفا و مغالاة شديدين، إلى درجة الشعور بأن الدولة بكافة أجهزتها قد أصبحت خصما له.
سيخضع الجاسم في نهاية الأمر للمحاكمة التي نثق بأنها ستكون عادلة إلى أبعد مدى، ولكن ما يشعرنا بالقلق الشديد-الان- هو حالة حرية التعبير وحالة الجاسم الصحية، خصوصا بعد أن بدأ إضرابا عن الطعام والدواء.
هذا الرجل ليس سوى قلم متمرد ضاقت به فضاءات الحريّة، فشطح في كتاباته وغالى في انتقاداته، ولكنه بقي مجرد قلم، ولم يتحوّل إلى خنجر أو بازوكا.
تعليقات