نحن أشبه بطفل لا يريد أن يصدق أن النار تحرق وتؤلم إلا إذا جرب وأحرق يده.. هذا مايراه محمد الخالدي برغبة الكويت في التحول إلى الرأسمالية المطلقة

زاوية الكتاب

كتب 964 مشاهدات 0


إشكالية الرأسمالية والديموقراطية

الرأسمالية نظام اقتصادي، والديموقراطية نظام حكم سياسي، ورغم ما بينهما من تآلف وانسجام، إلا أن ثمة إشكالية كبرى تحكم العلاقة بين كلا النظامين. فالديموقراطية رغم أنها حاضن رئيسي مهم للرأسمالية، إلا أن هناك دولا كثيرة غير ديموقراطية تعتمد الرأسمالية ككل بوصفها النظام الاقتصادي أو تأخذ منها العديد من المبادئ كما هو الحال مع
الصين ودول الشرق الأوسط مثلا، وتكاد الرأسمالية أن تكون النظام الاقتصادي لمعظم دول العالم،

باستثناء كوبا وكوريا الشمالية، مع التأكيد على الاختلاف في درجة التطبيق واعتماد مبادئ الرأسمالية وتنويعات تطبيقاتها، فالرأسمالية الأميركية ليست هي الرأسمالية المطبقة في أوروبا، ولا هي الرأسمالية المطبقة في الهند أو اليابان والأمر كذلك مع الديموقراطية، فليست كل أنظمة الحكم الديموقراطية تتبع نموذجا واحدا للديموقراطية. ورغم أن الخلاف الدائر بين كلا النظامين الرأسمالية والديموقراطية ليس جديدا، إلا أن آثار هيمنة الرأسمالية على الديموقراطية باتت اليوم أشد وطأة، فالرأسمالية اليوم تسببت في فساد كثير من القيم الديموقراطية وأدت إلى تراجع وانحسار العديد مما كان يعتبر من المسلمات البديهية في النظم الديموقراطية. ويكفي أن نلاحظ من بعيد هيمنة لغة رأس المال على سياسة الولايات المتحدة الأميركية التي تدعي أنها راعية الديموقراطية وحاميتها، فاليوم صفقة سلاح واحدة مع دولة ما كفيلة بأن تخرس ألسنة دعاة الحرية ومبادئ الديموقراطية وتجعلهم يغضون الطرف تماما عن كل انتهاكات حقوق البشر في تلك الدولة، ويتجاهلون تماما دعمهم لأنظمة حكم ديكتاتورية وفاشستية، لأن هيمنة الرأسماليين الجشعين على القرار السياسي باتت أمرا واقعا، وحسابات الرأسماليين أصبحت أهم وأكثر نفوذا وهي التي تحدد مسارات العملية السياسية برمتها، ألا يثبت ذلك ما قال به ماركس حين اعتبر العامل الاقتصادي هو المحرك الأساسي لكل ما يحدث؟!

الغريب في عالمنا العربي، كالعادة، أن الدول الرأسمالية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية أصبحت تدرك يوما بعد يوم مخاطر الرأسمالية البشعة، وأدركت حاجتها إلى إعادة النظر في نظمها الاقتصادية والاعتراف بضرورة إعادة صياغة تلك النظم للحد من الآثار المدمرة للرأسمالية وجموحها نحو الهيمنة واستعباد البشر، في حين أننا في الكويت نريد أن نبدأ من نقطة الصفر ويصر البعض على التحول إلى الرأسمالية المطلقة، وكأننا لا نشعر بما يدور في العالم ولا نرى كيف أصبحت الدول الرأسمالية العريقة تتجه إلى الإصلاحات الاقتصادية للحد من ويلات الرأسمالية الجشعة بعد أن اكتوت بلهيبها، فنحن أشبه بطفل لا يريد أن يصدق أن النار تحرق وتؤلم إلا إذا جرب وأحرق يده، مهما حاولت أن تثبت له ذلك بشتى الطرق.

 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك