الخصخصة خيار اقتصادي حديث تبنته الدول برأي القبس

زاوية الكتاب

جاء دورها لإثارة الصخب السياسي وتكفير الداعين لها وهدر مواقفهم

كتب 2249 مشاهدات 0


للقبس في افتتاحيتها اليوم رأي مؤيد للخصخصة، وهو ما رأينا في أنه مقال اليوم للتعرف على كافة الآراء:

«بدل من دون عمل»! 

  

كل شيء في الكويت يتعرض للتسييس والخلط المفتعل للمواقف من اجل غايات ليست خافية على أحد، سواء كان الأمر يتعلق بالدستور، أو بقضية طائفية أو مذهبية سخيفة من خارج التاريخ، أو بالحجاب ومنع الاختلاط، أو بفرقة رقص أو مطرب أو حتى مفكر كبير، لأن هذا التسييس والخلط المفتعل يسمحان لأصحابهما بممارسة الابتزاز وتحقيق المكاسب السياسية.
جاء الآن دور الخصخصة لكي تنال نصيبها من هذا الصخب السياسي واللغط الاقتصادي، بحيث يتم «تكفير» الداعين اليها وهدر مواقفهم – بدل دمائهم – لتضليل جمهور معين، والايحاء له بان الخطوة ليست لمصلحته، ثم تركيب الأمر على معادلة سياسية عجيبة غريبة، الى درجة تعطيل قانون الخصخصة كما تعطل قانون الــ B.O.T قبله.
الخصخصة خيار اقتصادي حديث تبنته الدول المتقدمة، ثم انتقل الى معظم دول العالم لمعالجة الهدر، مرض القطاع العام العضال، الذي لم يعد له من علاج بعد ان تزاوج مع الفساد، واصبحا صنوين لنمط واحد في الاقتصاد.
وانطلقت الخصخصة على انقاض الاقتصادات الاشتراكية في شرق أوروبا بعد انهيارالاتحاد السوفيتي عام 1990، وكذلك بعد زيادة كلفة الاقتصادات الديموقراطية الاشتراكية في شمال اوروبا، وتراجع نسب النمو بصورة خطرة، فيما المصروفات العامة تتزايد من دون سقف واضح.
وتعددت تجارب الخصخصة واختلفت احجامها، وكلما كان القطاع العام كبيرا كانت الخصخصة أوسع، كما حصل في روسيا، وكلما كان الاقتصاد متوازنا كانت الخصخصة مقتصرة على مجالات محددة لتحقيق نمو متجدد للبلد، بعد ان راوحت الأرقام مكانها لفترة طويلة.
إذاً، الحديث ليس عن شيء واحد.
الخصخصة الكويتية تختلف عما عداها من تجارب العالم، خصوصا لجهة الضمانات والامتيازات التي اعطيت للموظف والعامل الكويتيين، مما سيزيد العبء على الباب الأول في الميزانية من دون أي انتاجية في المقابل، هذا مع العلم ان السهم الذهبي الحكومي سيظل حاضرا في توجيه كل المشاريع المخصخصة.
ومواقف نواب الكويت – أو بالأحرى بعضهم – تختلف عن كل ما عداها من مواقف نواب في العالم، أي الموافقة على القانون داخل جدران قاعة عبدالله السالم، ثم نقضها بمجرد الخروج الى ساحة الارادة، وإتباع ذلك بالتحريض على القانون الجنين، كأن المطلوب خنقه في مهده وقبل ان يولد!
نتكلم على الخصخصة ولا نعرف ما اذا كان نص القانون المتداول، كما انتهى اليه بالتعديلات العشوائية، له علاقة فعلا بالموضوع، وهل هو قادر حقا على توفير فرص عمل للشباب بدل التكدس في القطاع العام؟ وهل ستتحسن الخدمات؟ كل ذلك مستحيل مع الكلفة العالية التي يفرضها القانون على من سيقومون بالخصخصة.
طبعا، من تظاهروا ضد القانون بالأمس لم يطَّلع معظمهم على مضمونه، لأن غايتهم هي ان يلطموا في جنازته، لأنهم لو دققوا في نصوصه لاكتشفوا انه غير قابل للتطبيق ويشكل أفضل طريقة لوأد الخصخصة، لأن حكومتنا الرشيدة تستسلم دائما لاستدراج عروض سياسية لصياغة أي قانون، وفق أهواء من لا يهتمون سوى بأصوات ناخبيهم، ثم تعترض على مضمونه بعد ارساله الى المجلس، وترده بعد صدوره من دون ان تدافع عنه.. انها الحلقة المفرغة نفسها في كل قوانيننا الرئيسية، وآخرها خطة التنمية «اليتيمة»، هذا مع العلم ان الخصخصة بحاجة الى جملة قوانين مرافقة وموازية، مثل «الضريبة» وغيره، لم يطرح منها اي شيء حتى الآن.
اذا،ً ما المقصود من كل ذلك؟
ان النتيجة المباشرة لهذا السلوك السلبي هي التأكيد للمواطنين ان لا إصلاح مأمولا في الأفق، وان شعار «بدل من دون عمل» سيظل سائدا مع كل المكاسب والزيادات والعلاوات الممكنة، سواء بخصخصة أو من دونها، وأنه لا شيء سيتغير عليهم، ثم سرعان ما يعودون الى البكاء على الاستمرار في اهدار الاموال العامة وصرف عائدات الأجيال المقبلة لمصلحة الأجيال الحاضرة!
احترنا مع هؤلاء المصرّين على مواقفهم المضللة للناس، والحريصة فقط على كمية الأصوات في «جيوبهم» والمكاسب في حساباتهم، رصيدهم صراخهم، وأفقهم مصالحهم الضيقة على حساب البلد واقتصاده ومصلحة ابنائه ومستقبل أجياله، كما احترنا مع تراخي الحكومة في الدفاع عن مشاريعها، وانقاذها من براثن «الشعبوية»، فهي تتصرف كالذاهب الى المسجد مجبرا ويجد أبوابه مغلقة!

 
 
 
 

القبس-مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك