خصخصة الصراع الايراني الأميركي
عربي و دوليمايو 10, 2010, 1:48 ص 2124 مشاهدات 0
في حروب الذاكرة يحاول كل طرف إلغاء ذاكرة الطرف الاخر مدفوعا بمغريات تكرار سيناريو ناجح على حين غرة من الخصم. وفي سبتمبر 2001م عرّف دونالد رمسفلد قوات وزارة الدفاع الاميركية بأنها القوات العاملة وقوات الاحتياط، والموظفين المدنيين، والمتعاقدين، ويكون بذلك قد أعطى المتعاقدين الخاصين قرص الجنود المعدني 'Dog tag'وعمدهم في طقوس صليبية كجزءٍ رسمي من آلة الحرب الأمريكية . ولولا مقتل 17 مدنياً وإصابة نحو 30 آخرين في حادث إطلاق النار بساحة النسور غربي بغداد في سبتمبر 2007 م على يد متعهدي شركة بلاك وواتر' Blackwater' الأمنية لأعادت واشنطن جميع فرق الاحتياط وسلمت بلاك وواتر ونظيراتها من الشركات الامنية الاخرى كل مهمات الحرب في العراق.
فنظير 500 دولار في اليوم كانت مراكز تجنيد الشركة عبر العالم غاصة بالباحثين عن العمل من جنود القوات الخاصة من بريطانيا وتشيلي ونيبال . لقد كان على بلاك وواتر ان تشن حرب لمسح ذاكرة المراقبين لانشطتها وأن تغير كالحية جلدها القديم بعد فضائحها في العراق، حيث قامت بحملة علاقات عامة تضمنت تنويع خدمات الشركة وتغيير أسمها الى زي للخدمات'XE Services '، بل وتعيين سيدة أنيقة كناطق رسمي للشركة بدل ظهور الوجه المتجهم لرئيسها المثير للجدل جندي قوات البحرية الخاصة السابق إريك برينس' Erik Dean Prince '.
وفي خضم مسيرة الخصخصة على النطاق الهائل وغير المسبوق لوزارة الدفاع الاميركية تعود اليوم زي للخدمات لتكون جزء من الجهد العسكري للولايات المتحدة الاميركية ضد جمهورية ايران الاسلامية، فقد نشرت صحيفة رجا نيوز الايرانية المعروفة بطروحاتها المتطرفة في يوم 3 مايو 2010م خبر عن تعاون بين منظمة مجاهدي خلق و شركة زي للخدمات 'بلاك وواتر سابقا '. وكما هو معروف فإن منظمة مجاهدي خلق هي أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية، ولها معسكر مثير للجدل في العراق. ويشمل التعاون بين الطرفين تدريب مقاتلي منظمة مجاهدي خلق على معدات الكترونية معقدة لاعتراض وتعطيل اللاتصالات الهاتفية الايرانية من الاجهزة الارضية والمحمولة داخل ايران . الا انه يمكننا القول بضعف مصداقية خبر صحيفة رجا نيوز الايرانية ، لكونه لم يتضمن مايشير الى اعتقال احد من مقاتلي منظمة مجاهدي خلق او مصادرة اي نوع من الاجهزة ، مما يدخله في إطار الحرب النفسية المتبادلة بين الطرفين ، وأنه جزء من المبالغة الايرانية بغرض تشويه سمعة منظمة مجاهدي خلق لارتباطها بشركة بلاك وواتر سيئة السمعة . وفي هذا السياق نرى ان الولايات المتحدة لن تغامر بحرب ايران بالمرتزقة لان ذلك سيكون بمثابة تهيئة شحنة تعاطف مجانية كبيرة لجمهورية ايران الاسلامية في محيطها الاسلامي وفي محيط دول العالم الثالث .
ورغم ضعف الادلة المادية ألا ان مؤشرات أخرى تقودنا الى عدم استبعاد التعاون بين الشركة ومجاهدي خلق، وأول مؤشرات قابلية صدق هذا التعاون ان زي للخدمات يديرها إريك برينس الذي ينتمي للتيار المسيحي اليميني المتطرف, وهو أحد الممولين الأساسيين لأجندة اليمين المسيحي الصهيوني العريضة. وينادي برينس' Prince ' كما تقول بعض المصادر بتوسيع حضور المسيحية في العالم, وكبقية قادة بلاك ووتر يتفاخر بعضويته في أخوية 'فرسان مالطة' تلك الثلة المجرمة التي شكلت جزء من فضائع الصليبيين إبان الحروب الصليبية .
ولوتم استبعاد تهمة صليبية الشركة لكفانا الربح المادي للشركة عن كل صفقة تجريها مع وزارة الدفاع الاميركية دون حاجة للدخول مع احد في المنافسة على العقود وتلك هي ثاني الاسباب .
أما ثالث الاسباب فهو ان هذا التعاون بين بلاك وواتر ومهادي خلق لا يمثل الاقتراب الاول للشركة من الهم الايراني الذي يثقل كاهل واشنطن، ففي كتابه : بلاك ووتر.. اقوى جيش مرتزقة في العالم
' Blackwater: The Rise of the World's Most Powerful Mercenary Army' : يقول المؤلف جيرمي سكايل' Jeremy Scahill'أن بلاك ووتر قد تم تكليفها من قبل واشنطن للعمل في منطقة بحر قزون ضمن مشروع حارس قزوين ' Caspian Guard ' للإنتشار في أذربيجان وتدريب قواتها البحرية، وإنشاء قاعدة عسكرية متاخمة لحدود إيران الشمالية .
لقد قال أحد اعضاء الكونغرس متفاخرا بالذراع العسكري الجديد لامريكا: 'من منطلق عسكري بحت باستطاعة بلاك ووتر الإطاحة بكثير من حكومات العالم'. وفي خطواتها المتسارعة لخصخصة الحروب نجحت واشنطن بقوات المتعاقدين الخاصين Security Contractors' ' في ترويض الفلوجة، فهل تنجح من شمال ايران أو من جنوبه في ترويض ميليشيات الباسيج ؟ والاهم من ذلك ولحماية المصالح النفطية لأميركا هل تستخدم واشنطن زي للخدمات'XE Services 'ومثيلاتها لترويضنا بعد مسح ذاكرتنا ،وبعد إدخالنا برضانا لنفس الشركات السامة تحت ملابسنا ؟
تعليقات