زايد الزيد يُشيد بخطوة النائب الطاحوس باستجواب رئيس الوزراء مقابل شرط إلغاء تراخيص المصانع المخالفة بأم الهيمان لأن قوى الجشع والطمع والاستحواذ أصبحت أقوى من الدولة

زاوية الكتاب

كتب 2040 مشاهدات 0


 

حياة رخيصة
زايد الزيد
 
      في غاية الدقة ، كان تصريح النائب خالد الطاحوس ، حينما قال أن استجوابه لرئيس الحكومة ، معقود على شرط إلغاء تراخيص المصانع المخالفة في قضية التلوث البيئي المحيط بضاحية علي صباح السالم ( أم الهيمان سابقا ) ، وليس الاكتفاء فقط بإغلاق تلك المصانع لأجل محدد ، كما فعل المجلس الأعلى للبيئة في قراره الآخير البائس القاضي بإغلاق مصانع السموم لمدة أسبوع واحد فقط ، والذي اتخذه عشية تهديد النائب الطاحوس !

      تضحكون على من ؟! ماذا سيكون عليه الحال بعد أسبوع ؟! فحتى في ' الرسوم المتحركة ' ، فإن المسألة بهذا الشكل غير قابلة للتصور ، فالمصنع الذي يتسبب بالتلوث ، لن تختفي سمومه ، بمجرد أن تغلقه أسبوعا أو شهرا أو حتى عاما ، فالسموم باقية ، مابقيت مخالفات الاشتراطات البيئية المفروضة على المصانع ، وفق المعايير الدولية ، قائمة !

       هل تريدون أن تقنعوننا أنكم من خلال هذه الإجراءات الترقيعية والمسكّنة ، أنه بإستطاعتكم أن تحلوا مشكلة كبيرة بحجم مشكلة التلوث البيئي الذي يحاصر ضاحية علي صباح السالم ؟! أنتم أنفسكم غير مقتنعين بما تقولون ، وبما تتخذون من قرارات !

       ألهذه الدرجة تهون عليكم أرواح البشر من مواطنيكم ؟! ما بالكم لا تشعرون بمعاناة أبناء وطنكم ؟! هل أعماكم الجشع والطمع عن رؤية المشكلة بأبعادها الحقيقية ؟! ونسألكم :  هل كنتم ستتصرفون بهذه الروحية من اللامبالاة لو كان أحدا من أبنائكم أو من أفراد أسرتكم يقطن في هذه الضاحية المنكوبة ؟!

      لماذا لا تصارحون أبناء شعبكم ؟ لماذا لا تقولون لهم : بأن قوى الجشع والطمع والاستحواذ ، أقوى من الدولة ؟! وأن هذه القوى هي التي تضع القوانين التي تشتهيها ، فلا أحد يلزمها بشيء هي غير راغبة فيه ! لماذا لا تقولون لأبناء شعبكم : أن العالم الديمقراطي الحر ، الذي تقرر فيه شعوبه مصيرها بإرادتها ، يلتزم فيه القطاع الخاص هناك بقوانين الدولة ، وبحذافيرها أيضا ، فلا يمكن أن يتسبب هذا القطاع الخاص بالإضرار بصحة الإنسان ، وفوق هذا يعمل في دورة انتاج حقيقية – لا طفيلية – ، تعمل بدورها على تشغيل العنصر البشري ، محملا بكافة ضماناته الاجتماعية والصحية ، وفوق هذا وذاك يدفع هذا النوع من القطاع الخاص المنتج ، ضرائب تغذي إيرادات الدولة وتمولها !

      لماذا لا تقولون لأبناء شعبكم : إن ما يسمى بالقطاع الخاص لدينا هو قطاع طفيلي ، يعتاش على الدولة ، ولايكتفي بذلك ، فهو يريد السيطرة على مقدراتها ، فحينما حدثت الأزمة المالية العالمية ، أخذ يصرخ ويئن من وطأة الأزمة ( رغم أنه غير معني بها ) ، وطلب التدخل الفوري والسريع من الدولة ، من خلال ضخ الأموال ، لإنقاذ مغامراته ومقامراته ، لأنه اعترف بعدم مقدرته على مواكبة الأوضاع ، بسبب سوء أوضاعه المالية ،  ولكن حينما لاح بالأفق مشروع الخصخصة ذي المليارات التي يسيل لها اللعاب ، خرج علينا كالمارد ، و أعلن عن كامل جاهزيته  لتنفيذ مشاريع خطة التنمية ذات ال37 مليار دينار !!

      كيف تبدلت أحوال هذا القطاع الخاص الطفيلي بين ليلة وضحاها ؟! كيف تحول الحال  من قطاع عاجز ومشلول ويستحق الصدقة ، إللى قطاع يوعدنا اليوم بجنة المشاريع و الازدهار ؟! طبعا لا أحد يعلم مكنون هذا السر سوى الراسخون في عالم ' الفهلوة ' ، على حد تعبير إخواننا المصريين ، وإخوانهم الراسخون في عالم ' الجمبزة ' في تعبيرنا نحن الكويتيون !

      يقول الرسول العظيم سيدنا محمد ، عليه أفضل الصلاة والتسليم ، في الحديث النبوي الشريف : ' كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته. ' صدق رسول الله ..

      فيا رعاتنا ، اتقوا الله فينا ..

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك