سعود السبيعي يعتبر ماقاله سمو الأمير هو بالضبط ما يردده السواد الأعظم من الكويتيين همساً وجهراً

زاوية الكتاب

كتب 1887 مشاهدات 0





سمو الأمير وحديث الضمير

الثلاثاء, 27 أبريل 2010
سعود السبيعي


نقلت وكالة الأنباء الكويتية نص اللقاء الذي أجرته صحيفة «فرانكفورتر الغماينه» الألمانية مع صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه، وتميز حديث سموه بشفافية بالغة تؤكد تلمس سموه عن قرب لأحاسيس الناس.

أهم ما جاء في اللقاء على الصعيد المحلي هو سؤال الصحيفة التالي: «الكثيرون من الكويتيين يشكون الجمود السياسي وقد عارض البرلمان عدداً من المشاريع الاقتصادية الضرورية التي تقدمت بها الحكومة فهل يمكن القول إن النظام البرلماني في الكويت قد فشل؟».

فأجاب سموه «الشعب هو الذي يختار مجلس الأمة، وهذا المجلس له صلاحيات عديدة، إذ هو يراقب الحكومة ويحاسبها كما أنه يقر القوانين، ولكن البرلمان قد خيّب آمال الشعب الكويتي، فقد ضيّع فرصة ثمينة ووقتاً طويلاً في مناقشة مسائل بعيدة عن المشاريع التنموية، ولم يقم بالمهمة الموكولة له بمساعدة الحكومة وما يقوله الناس حول تعطيل البرلمان للمشاريع التنموية وانشغاله بالنقاشات السياسية العقيمة صحيح، وهذا يقر به اعضاء البرلمان أنفسهم».

واستطرد سموه: إن خطأ البرلمان في أداء وظيفته يعود الى الدستور الكويتي، لأن هذا الدستور يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي، ولذلك فلا هو رئاسي صِرف ولا برلماني بالمطلق، وإنما هو يجمع بينهما معاً، وهذا الوضع يؤدي الى تداخل السلطات التشريعية والتنفيذية، وهذا ينتهي الى تنازع بين السلطتين، لأن كلا منهما تسعى الى تقليص صلاحيات الأخرى، وفي نهاية المطاف فإن البرلمان قد أصبح أقوى من الحكومة، وتمكّن من فرض آرائه، فالنواب يريدون إرضاء الشارع بقرارات سريعة ترضي المشاعر ولا ترضي المنطق، لذلك لم نتمكّن من الوصول الى توافق حول المسائل الوطنية الرئيسية، ولم نتمكن من المصادقة على المشاريع التنموية البعيدة المدى».

انتهى حديث سموه وقد نقلته حرفياً حتى لا يكون الاختصار سبباً في فقدان كلمة قد تخلّ بالمعنى العام أو تجتزئ بعض ما كان يقصد.

ما قاله سمو الأمير هو بالضبط ما يردده السواد الأعظم من الكويتيين همساً وجهراً بمن فيهم الكثير من اعضاء البرلمان، فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مثالب النظام البرلماني وأسلوب التعاطي مع القضايا المصيرية بشكل لا يوحي بمصداقية الممارسة الديموقراطية الحقة لأسباب تتعدد وتختلف باختلاف المصالح الانتخابية الآنية التي تحقق للنائب الاحتفاظ بعضويته في مجلس الأمة، وإن كانت على حساب القضايا الوطنية التي لا تؤتي ثمارها إلا بعد آجال طويلة، فالمشاريع الوطنية والقومية لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا على فترات متباعدة تجنيها الأجيال في قابل الأيام، ولكن الأغلب الأعم من النواب يعتمد سياسة «احييني اليوم واذبحني بكرة» لذلك برزت في الساحة السياسية الكويتية ثقافة الابتزاز وتأليب الشارع على المشاريع الحكومية على أنها انتقاص من حقوقهم ويشوبها التنفيع والموالاة للقطاع الخاص والنافذين في الحكومة، وهذا ما أدى بطبيعة الحال إلى تأخر إقرار الكثير من المشاريع ذات البعد التنموي الذي من شأنه نقل البلاد إلى حالة الرخاء والتقدم الاقتصادي الذي يضاهي الآخرين، لما تملكه الكويت من قدرات مالية وكوادر بشرية أثبتت نجاحها في القطاع الخاص وفي المحافل الدولية.

ومن جهة أخرى، فقد علل سموه أن خطأ البرلمان في أداء وظيفته يعود إلى الدستور الكويتي، لأنه يمزج بين النظام البرلماني والرئاسي، وهذا بالفعل قول صحيح، لذلك استطاع البرلمان بما خوله الدستور من صلاحيات الهيمنة على الحكومة بالحق والباطل دون ان يكون لها من الأدوات الدستورية ما تدافع به عن نفسها وتحمي مشاريعها الصائبة، وذلك لا يعني أن يُحجَّم ويُقزَّم عمل البرلمان، ولكن يجب أن تكون كلتا السلطتين التنفيذية والتشريعية لهما ما يمكّنهما من أداء دورهما على الوجه الصحيح دون هيمنة سلطة على أخرى، وللحد من الذين يحاولون ليّ ذراع الدستور لتصفية حسابات سياسية شخصانية تكون عالة على العمل السياسي المتحضر والمنتج.

 

 

الرؤية

تعليقات

اكتب تعليقك