كلنـا كويتيون وافــدون إلـى هـــذه الأرض التـــي جعلنـا منها وطناً لنا جميعاً.. صالح الشايجي يقول احذروا النيران.. ايها العقلاء.. اما المجانين فلهم الاصفاد واللجم..
زاوية الكتابكتب إبريل 23, 2010, 3:47 ص 1876 مشاهدات 0
نحن في ليل تكثر عقاربه اللدّاغة
حارق «روما» يعزف على وتره..
احترقت «روما» وما احترق الوتر..
لا برد هي ولا سلام
مشعلو النيران ومسعروها، قد لا يحترقون بها.. ولكن «النار تحرق رجل واطئها».
الذين يتحلقون حول نيران الفتن ويزيدونها اشتعالا.. ويصيرون لها حطبا وزيتا.. هم من تتفحم عظامهم وتنشوي جلودهم وتسودّ وجوههم.. ويذهبون فرائس غير مطاردة ولا ملحوقة لنار ساروا اليها بأقدامهم أو بألسنتهم أو نفخوا في تلك النيران بهواء مسمم يصدر من قلوب مسمومة..
احذروا النيران.. ايها العقلاء.. اما المجانين فلهم الاصفاد واللجم.. حتى لا يسيروا بجنونهم في الشوارع وبين الناس وفي المنتديات والفضائيات..
ليس من عاقل.. وأنا هنا أنحّي الوطنية والذوبان في هوى الوطن الذي نموت ونموت ليعيش.. يقبل ما يجري على الساحة الكويتية الصغيرة من اثارات واضحة للفتنة والتمزيق والتبرع بعلب الكبريت لإشعال نار هنا أو شعلة هناك..
الكل خاسر.. إلا من أشعل النار.. فإنه يفر بغنيمته قبل ان تصل النار الى «وتره»..
هل تراكم الأخطاء.. أوصلنا إلى ما نحن فيه؟!
نعم.. انه الخطأ.. الحرام الأول في هذه التراكمية المحرمة المجرمة الخطاءة المجرمة..
ان الأخطاء.. تتوالد بسرعة وتكبر بأسرع ما تكبر الصحاح.. والجنون يبدأ بنقطة صغيرة.. او بتصرف فلتان قد لا يلتفت اليه احد.. ولكن سرعان ما يكبر ويصير دائرة تستعر فيها وحولها النيران..
أما كيف؟ ومتى بدأ الخطأ الأول الذي جر قوافل الأخطاء؟ فلا اعتقد ان من يسعى الى وأد الفتنة واطفاء جذوة النار.. عليه ان يتتبع بداية الخطوط ويقتفي آثار ذلك الخطأ.. حتى يضع عليه يده ويصيح بأعلى صوته «وجدتها.. وجدتها»..
لابد ـ إن كنّا حقا وطنيين ونسعى الى بقاء وطننا وتأكيد لحمة أبنائه ـ ان نتعامل مع الواقع الراهن على انه هو الوطن الذي نحبه من أجل بقائنا وبقائه.. من أجل حياتنا وحياته.. من أجل رفاهيتنا ورفاهيته.. وألا ندور في حلقات مفرغة ونقاشات عقيمة مليئة بالاشارات الى الأخطاء ومسببات المشاكل..
ان الخير لنا ولوطننا.. ألا ينبش احد منا صفحات التاريخ.. ويحاول ان يؤكد أحقيته وحده في هذا الوطن..
الأوطان تنزع تواريخها.. وتبدلها.. وتجددها..
فمن كان كويتيا بالأمس السحيق.. وربما لم يعد كويتيا الآن.. فقد يكون ارتحل من هذه الأرض.. وبنى في دار أخرى وعمّر وتناسل هناك.. وأغلق باب علاقته بالكويت.. فلا ريح منها تفد اليه.. ولا حتى رائحة..
والعكس وارد ايضا على اجنحة الحقيقة..
والحقيقة التي يجب ان نقر بها كلنا ككويتيين.. أيا ما كانت جذورنا وأصولنا ومعتقداتنا.. اننا وافدون كلنا الى هذه الأرض التي جعلنا منها وطنا لنا جميعا.. أحقيتنا وحقوقنا فيه متساوية بغض النظر عن ختم القدوم.. وتاريخ الوصول..
كانت أبواب هذا الوطن مفتوحة للجميع..
لم تكن أبوابا من خشب أو حديد أو سلاسل..
أبوابه.. كانت من تراب وبحر.. وقلب دافئ لا يطرد من طرقه..
جاء ـ منا ـ من جاء على متون الأمواج تتقاذفه بين حياة وموت.. ومنا من جاء يحدو القوافل على كثبان الرمال.. تغرز بها أقدامه.. وتفر قوافله.. وتصطاده ذئاب الفيافي.. وتجرش عظمه ضواريها.. أو من جاء راكبا سيارة أو معتليا متن طائرة.
ومن رحمه الموج.. وأشفقت عليه الصحراء ونجا.. سار الى الكويت فاستوطنها.. لتسبغ عليه نعمة الانتماء.. وتدثره بدثارها.. وترفع جبينه بالمواطنة.... وتعطيه صكا في أحقيته ونصيبه من الكويت.. وتوقعه على تعهد بالحب والولاء.. باللسان وبالقلب.
لا أكتب بالماء.. ماء
فلماذا.. ثم لماذا.. الجدل العقيم والتراشق بالكلام والتنابز بالألفاظ.. والمعايرة والمكابرة.. وقد تأتي من صغير.. أو موتور.. أو باحث عن نار تحرقه.. لأن عظامه باردة.. ودمه أبرد..
أراني.. أذهب تدريجيا الى كشف الغطاء عما أسرّه وأكتمه ولا أحب التصريح به.. بل أكتفي بمجرد التلويح والتلميح.. مباعدا عن التصريح.. لظني بأن الإشارة تكفي أحرارها
ولكن غلظة الواقع.. وسواد وقائعه وصرصرة ألسنته ولمعان سيوفه.. وكثرة سراباته الخادعة والخوف الذي يملأ قلوب العقلاء يجعل خطابي نوعا من الإنشائية الجوفاء.. التي لا تقيم سورا.. ولا تخمد نارا.. ولا تداري سوءة.
لا أريد أن أكتب بالماء.. ماء
ولا أريد لحبري.. أن يكون بلا لون..
لا أريد أن أُلبس قلمي.. طاقية الإخفاء.. فيقيم مقام اللئام.. حيث أقاموا يسعون في الأرض فسادا.. وفي القلوب تحطيما.. دون أن يراهم احد أو يستدل عليهم احد..
بل أريد مما أكتب.. استثارة الضمائر.. وإحياء القلوب الموات.. والصدع في آذان الذين يشكون من وقر فيها..
أريد للقلوب ان تخاف وتتوجل وترتجف وتهلع.. وأن تتوجس في ليلها هذا خيفة
نحن في ليل تكثر عقاربه اللداغة.. وثعابينه المسمومة.. وثعالبه المراوغة.. وكلابه المسعورة.. فمن ظن أنه سلم من لدغة تلك السوداء.. ونجا من سم الصفراء.. ومرواغة ذلك الماكر.. وعقرة ذلك المسعور.. فلا يظنن أنه سالم على الدوام.. وأن الزواحف وذوات الأربع لن تندس في فراشه تنكد عليه نومه الآمن.. أو تخطف منه امرأته.. أو تساومه على روح ابنه.
إن الثيران.. لا عقل لها.. ولا ضمير.. فهي لا تعقل ولا ترحم..
فهل يتعظ العقلاء.. أم أنهم في غيهم سادرون يضحكون كلما عين فقئت ويد بترت.. وساق قطعت.. لأن العين ليست لهم ولا اليد يدهم ولا الساق ساقهم.
طارئون..؟ ياللهول
لا أميل إلى أن أصنف الكويتيين أصنافا مصفوفة مصنفة كالأصناف المصفوفة على أرفف الأسواق المركزية.. فهنا البدوي.. وعلى ذاك الرف الحضري.. وهنا تجد الشيعي.. وهناك المسيحي.. والبهائي.. و.. و.. إلخ..
وكلنا.. ندعي ذلك.. ونرفض التمييز. بين مكونات الشعب الكويتي.. ولكن كم منا صادقون.. وكم منا كذابون.. تكذّب قلوبهم ألسنتهم..؟
كلنا مع.. الوحدة الوطنية.. وكلنا نحب الكويت.. وكلنا ضد الفتنة..
ولكن من يرى واقعنا.. يجزم بأننا ـ جلنا ـ كذابون..
فكيف نكون.. ضد الفتنة.. ويسود فضائياتنا الغوغاء والسفهاء.. والجهلاء..
ومشعلو النيران في القلوب المطمئنة يصنفون الكويتيين أصنافا شتى وكأنهم قوم صينيون ملياريون ـ عددا ـ ؟
وكيف يقوم شلو زائد عن حاجة الجسم الكويتي.. لأن يفتح فاه بفاحش القول.. يهرف بالتاريخ وبالأنساب والأصلاب.. هرف جاهل.. وكأنه قد أوكل إليه أمر تصنيف الكويتيين.. بين أصيل ودخيل.. ومؤسس وطارئ..؟
وهل تخلو أعظم البلدان من طارئين سدوا في سمائها عين الشمس..؟
أليس ..أوباما.. طارئا.. كان أبوه قبل سنوات لا يستطيع ركوب حافلة ركابها بيض البشرة؟
ثم كيف يظن الجهلاء والمسطحون.. بأن القبائل وابناءها.. طارئون على الكويت.. جاءوا بعدما اضاءت سماؤها.. بنيران النفط..؟
ألا يعلمون بأن القبائل وأبناءها سيوف وسهام وخيل بثت الرعب في قلوب الغزاة.. حين لم يكن في الكويت مغنم ولا ظل سدرة ولا مرعى ولا ماء ولا كلأ ولا نار..؟
في حكم من..؟ وفي علم من؟.. وتاريخ من؟ وعُرف من؟ صارت القبائل وابناؤها طارئين على الكويت..؟
وأي كويت تلك التي طرأ عليها.. «طارئو القبائل»؟
هل هي كويت «المزوّرين»، و«المهرّبين» و«اللصوص»، و«المطاردين» الذين تطاردهم العدالة.. ومن طُوّقت بيوتهم بالعسس بغية اقتيادهم مخفورين مطلوبين على ذمة قضايا متراكمة.. نصب.. واحتيال.. وتدليس.. وتزوير.. وأموال غير مشروعة.. يلوحون بها.. أمام النظارة في الفضائيات..؟
من حكم «الجاهل» وفوضه.. لرص الكويتيين صفوفا نقية دماؤها طاهرة قلوبها.. وصفوفا مشكوكا بولائها.. سوداء قلوبها.. معتكرة نواياها؟
وإني لأعجب.. من البعض الذين يطربهم حديث الجهلاء.. ويستلذونه.. ويستسيغون سمعه.
ألا يدري هؤلاء.. أنهم كـ «الطير يرقص مذبوحا من الألم»؟
إن الجرح غائر.. ويعف القلم عن إتيان فواحش هذا الواقع المخيف.
فلن أكون مجرما.. وأطلب من غيري.. ألا يكون مجرما.. فيزين هذا الواقع البشع.. فعلينا ان ندخل.. دخول السراة الأبطال.. لتغيير هذا الواقع بما نملك من شجاعة ووطنية وإنسانية.. وحب للإنسان ولهذا الوطن وإنسانه.
لا أحب أن أقوم بدور الحكيم.. فأنا أكره أن أقوم بما ليس لي.. ولا أحب أن ألبس عمامة غيري.. ولكنني ـ وبصدق ـ أدعو الحكماء أن يقوموا بدورهم ـ حتى لا يتسلط علينا الأبالسة.. فيتبعهم عمي البصائر.. وربما الأصحاء.
وأختم بهذه القصيدة لشاعرنا المرحوم «عبدالله العتيبي».
حليمة
رجعت لعادتها «حليمة
عادت معافاة سليمة
من قبل أن نأتي أتت
أخذت مواقعها القديمة
مثل الغبار ترسبت
سكنت بقايانا السليمة
وتلونت وتجاوزت
مأساة «ديرتنا» الأليمة
وتقدمت كل الصفوف
غداة تقسيم الغنيمة
كل الدوائر عندها
تبدو خطوطا مستقيمة
كل الروافد إن جرت
في غير مجراها عقيمة
جعلت تلون جلدها
عن عين حاسدها تميمة
هي ربة «البشت» المقصب
في المحافل والوليمة
هي في طريق حياتنا
في كل منعطف مقيمة
هي في الرخاء عظيمة
وضئيلة عند العظيمة
هي في الكلام مناضل
ومحاور صعب الشكيمة
هي في التفاخر فارس
وغزالة عند الهزيمة
هي أتقنت وضع القناع
أمام سحنتها السقيمة
طورا تراها شاعرا
كانت له «الخنسا» نديمة
طورا تراها تغتدي
في زي باحثة عليمة
في كل أمر سوف تفتي
فهي عالمة حكيمة
هي في الثقافة حجة
عند الصحافة ذات قيمة
صحفية عند الثقافة
لا تكف عن النميمة
هي في المنابر جاهل
قد تفسد الذمم السليمة
هي في «الدواوين» الكبيرة
والصغيرة مستديمة
همازة لمازة مسلوبة
من كل قيمة
وإذا كشفنا سرها
سيقال «نيتها سليمة»
رجعت لعادتها «حليمة»
عادت معافاة سليمة
من قبل أن نأتي أتت
أخذت مواقعها القديمة
من أجل أسرانا بكت
وبدت مجرحة كليمة
وقفت أمام الصامدين
لتأخذ المنح الكريمة
من أين جاءت؟ لا تسل
واسأل نوايانا السليمة
هي ما مضى، هي ما سيأتي
طالما يدنا رحيمة
شعر: د.عبدالله العتيبي
تعليقات