الإيرانيون برأي داود البصري استغلوا سماحة السلطات الأمنية الكويتية في بناء خلاياهم السرية منذ بداية الثورة
زاوية الكتابكتب إبريل 17, 2010, 1:22 ص 1971 مشاهدات 0
داود البصري
17/04/2010
إرهاب النظام الإيراني ضد الأمن الوطني الكويتي
حقائق التاريخ و أحداثه الجسام لا تقبل المساومة و لا الديبلوماسية وأنصاف الحلول ولا المداراة ولا ' طمطمة' التراب تحت السجادة!! كما أن نوائب التاريخ وفواجعه ليست مجرد ' كلام فاضي' أوكلام يطلق على عواهنه في لحظات انشراح واسترخاء , إنه مسيرة موثقة وكاملة من الأحداث الواقعية التي تفضح المخبوء وتدلل على العقدة والعقيدة الأمنية التي تتحكم بصانع القرار السياسي والأمني في إيران الثورية المتحمسة التي برع قادتها في وضع الخطط والبرامج الانقلابية ودعم الجماعات المتمردة وتكوين الخلايا السرية والكامنة في دول المنطقة ومنها دولة الكويت واستغلال التحالفات الإقليمية في بناء مصالح كبرى تقدم خدمات لوجستية واستخبارية مهمة لأهل المشروع الإيراني كذلك التحالف الذي يربط نظاما دمشق وطهران منذ عام 1980 والذي توج بأعمال وإنجازات استخبارية مهمة للغاية حدثت في الكويت تحديدا لم تكن مخابرات نظام دمشق بغائبة عن تفاصيلها وميادينها , ولعل أهم حلقات التعاون الأمني والاستخباري النشط والفاعل بين أجهزة وفروع المخابرات السورية و' إطلاعات' الإيرانية أي وزارة وجهاز المخابرات في إيران تنبع من التعاون في إحتضان الجماعات المسلحة العراقية سابقا واللبنانية وخصوصا تنظيم 'حزب الله' اللبناني المسلح بإمكانيات جبارة ورهيبة وواسعة من حيث مصادر التمويل أوشبكة العلاقات الدولية وشبكة رجال الأعمال الأخطبوطية والمتداخلة التي هيأت لخدمته بالكامل في أوسع وأدق تنظيم استخباري عنكبوتي دولي ذي أياد طويلة جدا وقدرات لوجستية ومادية لا يستهان بها أبدا, وظلت عصية جدا على المتابعة والرصد. والكويت كانت من أوائل واهم ساحات العمل الاستخباري الإيراني لأهميتها في المنطقة ولطبيعة أوضاعها الخاصة , وقد ركز الإيرانيون منذ بواكير انقلابهم على تفعيل ونشيط خلاياهم السرية والعلنية في الكويت مستغلين سماحة السلطات الكويتية وحرية التحرك الميداني, واعتمادا على عوامل سياسية معينة , وكانت سنوات الحرب العراقية - الإيرانية الطويلة المرهقة مجالا حيويا للعمل الإيراني المركز والمبرمج , وكانت قمة انفجار المشروع الإيراني بشكله الهجومي قد تبلور مع أحداث يوم 12/12/1983 وموجة الانفجارات الهائلة التي بدأت صبيحة ذلك اليوم من اقتحام انتحاري عراقي يدعى رعد مفتن عجيل للسفارة الأميركية القديمة في بنيد القار في عملية كانت ضمن موجة اقتحام السفارات الانتحارية التي بدأت من لبنان في تفجير السفارتين الأميركية والعراقية هناك العام 1981 ووقوف التنظيمات العراقية واللبنانية المدعومة من المخابرات الإيرانية والسورية خلفها , ورعد مفتن عجيل شاب عراقي من مدينة البصرة كان من أتباع حزب 'الدعوة' وتحول للإيمان بولاية الفقيه والاندماج في الثورة الإيرانية, وقد تدرب على تنفيذ العملية الانتحارية في الأحواز في أحد معسكرات الحرس الثوري, وكذلك في معسكر تابع للمخابرات السورية في مدينة حلب وكان مسجلا كطالب في جامعة حلب , وكانت الكويت وقتها تعج بأعداد كبيرة من المعارضين العراقيين من ذوي التوجهات الدينية والطروحات المؤيدة لإيران, كما كانت تشهد تدخلات مخابراتية عراقية أيضا وكان الصراع العراقي- الإيراني قد امتد للكويت بحكم طبائع الأمور بعد أن تحولت الكويت منذ زمن سابق لتلكم الأحداث ساحة لتصفية الحسابات بين نظام البعث العراقي والمعارضة العراقية, ويجب ألا ننسى بان عمليات الاغتيال والخطف للمعارضين العراقيين كان يمارسها النظام السابق في الكويت وخصوصا اغتيال الجنرال حردان التكريتي في العام 1971 على أبواب المستشفى الأميري وكانت المخابرات العراقية تعتبر الكويت حديقة خلفية مهمة لنشاطاتها العملية. المهم أن عمل الجماعات الدينية العراقية في الكويت كان بتنظيم وتوجيه وسيطرة واضحة من قيادة الحرس الإيراني الثوري في الأحواز, وكان تصعيد العمل جزءا من ترتيبات الحرب التي كانت قائمة بشراسة وكان بالتالي ضرب المصالح الغربية وحتى الكويتية جزءا من تلك اللعبة الإقليمية التي كانت قائمة وبشراسة واستخدمت فيها الأحزاب الدينية العراقية وعناصرها بكل تركيز , لذلك فإن تداعيات ما حدث من تفجيرات أواخر العام 1983 قد استدعى بالضرورة ردة فعل أمنية كويتية قوية وشاملة حيث تم اعتقال وابعاد أعداد كبيرة من العراقيين والإيرانيين واللبنانيين أيضا , كما رسمت في الكويت سياسة أمنية انعكست حتى على الأوضاع السياسية العامة للبلد فكان أن طرح شعار ' الديمقراطية أم الأمن' وامتد التوتر الداخلي ليشمل أيضا حل مجلس الأمة حلا غير دستوري العام 1986 بعد أن طبع التوتر الأمني الموقف العام بطابعه المؤلم وكانت قمة الأعمال الإرهابية قد تجسدت مع المحاولة الإجرامية لاغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد والتي جرت في شارع الخليج العربي وغير بعيد من قصر السيف في 25 مايو1985 والتي اعتقل من جرائها بعض المتورطين ليضافوا لمعتقلي العملية الإرهابية السابقة أواخر 1983 وحكم عليهم بالإعدام لكن لم تنفذ تلك الأحكام.
تعرضت الكويت بعدها لأعمال تخريب ومواجهات أمنية حتى في الشوارع بين الجماعات المدعومة إيرانيا وأجهزة الأمن ولا نرى داعيا لذكر الأسماء فالمسألة متروكة للتاريخ! , ثم حدثت عملية خطف طائرة 'الجابرية' الكويتية من مطار بانكوك في ربيع العام 1988 وكانت عملية مدبرة من الحرس الثوري الإيراني وجرت عملية تبديل للعناصر وإدخال للأسلحة في مطار ' مشهد' الإيراني قبل أن يعمد القتلة لقتل رهينتين كويتيين من أمن الطائرة في مطار لارنكا القبرصي, كل ذلك بهدف الإفراج عن المعتقلين في الكويت في العمليات الإرهابية السابقة , وقد رفضت الكويت وقتها الانحناء والخضوع لمطالب الإرهابيين المدعومين إيرانيا, كما يعرف الجميع وجرت تسوية الأمور بطريقة غامضة في الجزائر ولكن بعد أن أفلت القتلة من العقاب والملاحقة ومنهم عماد مغنية اللبناني وجمال جعفر محمد العراقي ' أبومهدي المهندس' وآخرون, وظلت أحوال الشد والجذب مع الجماعات الإرهابية حتى جاء الغزوالعسكري العراقي للكويت في 2/8/1990 ليحقق أهداف الإرهابيين وليهربوا من السجن الكويتي بمساعدة المخابرات الإيرانية في لجة الفوضى التي حدثت بفعل الاحتلال وليذهبوا لإيران ومنهم المدعوالشيخ هشام الصيمري المحكوم بأعوام عدة سجن في العام 1985 وحيث تم تعيينه من قبل الحرس الثوري في الأحواز كإمام لأحد المساجد في الأحواز المحتلة ثم قتل قبل سنوات قليلة على يد المقاومة الأحوازية , لذلك فإن محاولات وأساليب التغلغل الاستخباري الإيراني في الكويت لم تهدأ أبدا في يوم من الأيام بل إنها اليوم في أشد حالاتها تجليا وتصعيدا وهنا أتوقف عن الكلام المباح فبقية القصة معروفة لمن يهمه الأمر. إرهاب النظام الإيراني ضد الأمن الوطني الكويتي وضد دول الخليج العربي هوالحقيقة الراسخة في ملفات إدارة الصراع الإقليمي المتحولة.
* كاتب عراقي
تعليقات