ثلاثة احتمالات:
عربي و دوليردود أفعال إيران لو هوجمت عسكريا!
إبريل 11, 2010, 11:22 ص 3156 مشاهدات 0
إن القيمة الفعلية للمعرفة هي تحويلها إلى رؤية وبالتالي إلى قدرة على التصنيف والتمييز وإدراك العلاقات بين الاشياء، واستشراف المستقبل. وفي لعبة الغميضة 'الاستغماية' تعصب عيون اللاعب بقطعة قماش ويحاول الإمساك بأحد اللاعبين الذين يقفون بصمت، أو يتحركون على أطراف أصابعهم كيلا يمسك بأحدهم اللاعب المعصوب، لكن النهايات الموجعة لبعض المعصوبين تجعل من يمارسها يعيش حالة حذر وترقب وتوقع لصدمة لا يمكن التنبؤ بها . وفي مقاله ' Blind Man's Bluff ' المنشور في مجلة السياسة الخارجية ' Foreign Policy ' في 30 مارس 2010م يذهب المحلل السياسي بلال صعب الى ان الادارة الاميركية تتصرف في أزمة الطموح النووي الايراني كما يتصرف المعصوب، دون ادنى علم بما قد يصطدمون به لو استنفذت ادرة الرئيس باراك أوباما كافة الطرق الدبلوماسية مع جمهورية ايران الاسلامية واتخذت قرار الحرب بهدف تدمير المراكز النووية الإيرانية.
شارك بلال صعب -الذي لازال طالبا للدكتوراه- في لعبة حرب war game رعتها واشنطن للحصول على تقدير أولي حول ردة الفعل الإيرانية على الضربة التي قد تقوم بها الولايات المتحدة مع اسرائيل او احداهما منفردة .وهو الجانب الأكثر إهمالا في الجدل الدائر حول الضربة ومبرراتها وتوقيتها وحجمها وكيفية تنفيذها. لقد خلصت مراكز الدراسات التي كلفت باستشراف ردود الفعل الإيرانية على الضربة إلى ثلاث سيناريوهات جاء فيها:
الاول: لا ردة فعل على الإطلاق حيث ستستوعب طهران الضربة وتسخر الحدث لتجسيد دور الضحية أمام الرأي العام العالمي للحصول على مكاسب دبلوماسية .
الثاني :رد ايراني رمزي في مسارح الامتدادات الايرانية على الجبهة اللبنانيةالاسرائيلية ، او على الجبهة العراقية او افغانستان، أو من خلال حملة عمليات ارهابية ضد الولايات المتحدة نفسها، أو ضد مصالحها الخارجية ، كل ذلك بغرض حفظ ماء وجه حكومة نجاد واثبات قدرتها على الردع .
في السيناريو الثالث، توقعت مراكز الابحاث الاستراتيجية التي كلفتها واشنطن بالدراسة الاستشرافية ان تكون استجابة طهران كاملة ضد العدوان، حيث ستقوم بتسخير كافة مقدراتها للانتقام من الولايات المتحدة واسرائيل .
في لعبة الحرب التي تمت، كان هناك مؤيدون لكل سيناريو، لكن قلة دعموا السيناريو الأول رغم كونهم الأكثر قوة بين الحضور، وقد بنوا قناعتهم تلك على ان قادة طهران لن يفرطوا بفقدان السلطة التي ستدمرها واشنطن على رؤوسهم من اجل الانتقام . لقد صوت اغلب الحضور على السيناريو الثاني، لكنهم أشاروا الى ان عدم الرد مطلقا قد يعني فقدان النظام لاحترام الشعب في ايران . لوضع السيناريو الايراني الثالث احتار المشاركون في مدى وقوة اخذ ايران بهذا الخيار، لقصور القدرات الاستخبارية الاميركية في شوارع طهران في وقت السلم ناهيك عن وقت الحرب .لكنهم لفتوا الانتباه الى ضعف التناغم بين الشعب الإيراني والقوة العسكرية المتمثلة في الحرس الثوري ذو الاتصال الوثيق مع القيادة فقط .
لقد كان التاريخ حاضرا في البنتاغون عند محاولة استشراف أنماط الاستجابة الايرانية المتوقعة لو هاجمتها اسرائيل او الولايات المتحدة، ففي الحرب الباردة كان الاتحاد السوفيتي عنيفا دبلوماسيا وناعما عسكريا، ومن تتبع ما جرى في الحرب العراقية الايرانية 1980-88، ومن بعض المواجهات الاميركية-الايرانية ،ومن حرب حزب الله مع اسرائيل 2006م يمكن القول بثقة ان النظام الايراني اعقل من أن يكون انتحاريا .حيث قصفهم صدام بالكيماوي وافنى آلاف من مشاة حرس الثورة ومع ذلك لم تقم ايران برد انتقامي بنفس الحجم ، بل انها منعت حزب الله من قصف مجمع البتروكيماويات في حيفا رغم تدمير اسرائيل لحارة حريك في الضاحية الجنوبية على رؤوس حزب الله . ثم يخلص تقرير مجلة السياسة الخارجية ' Foreign Policy ' الى أن كل أزمة قد تكون لها أنماط استجابة مختلفة، لكن وضع واشنطن الذي يشبه معصوب العينين في لعبة الصبية الغميضة 'الاستغماية' تبعد شبح اتخاذ قرار الحرب بعيدا عن طاولة باراك اوباما .
ولعل أهم ما جاء في الدراسة هو غياب مسرح عمليات الخليج العربي من السيناريوهات المتوقعة، أو على أقل تقدير عدم بروزه بوضوح في السيناريو الثاني والثالث، رغم التلميحات الإيرانية المتكررة والمتعددة الأشكال بعقاب دول الخليج التي سوف تساند الولايات المتحدة فيما لو شنت ضربة على طهران .
تعليقات