أحمد الديين يُبدي خشيته من التعامل مع التحديات والترتيبات الإقليمية بمعزل عن نواب الأمة!

زاوية الكتاب

كتب 1538 مشاهدات 0



الكويت والتحديات الإقليمية 
 
كتب احمد الديين

من الواضح أنّ الإقليم الخليجي، وهو محيطنا الجغرافي السياسي، يمر هذه الفترة بمنعطف جديد في أوضاعه وترتيباته، وهذا ما ستنعكس تأثيراته علينا، ليس فقط لأننا إحدى دول الإقليم، بل لأننا في حالات عديدة طرف معني مباشرة بما يحدث وما قد يترتب… ولهذا فمن الضروري أن ننتبه جيدا إلى ما يدور حولنا، وأن نتعامل مع الأوضاع المستجدة والترتيبات المقبلة بحصافة وحكمة… ولعلّ هذا ما يفسر جانبا من الرسالة الأبوية، التي تفضل صاحب السمو الأمير حفظه اللّه ورعاه وطلب من رئيس مجلس الأمة إبلاغها إلى أعضاء المجلس.
فهناك من جهة الوضع العراقي في أعقاب الانتخابات النيابية الأخيرة والترتيبات المتصلة بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، التي يبدو  أنّها ستطول بعض الوقت، فالوضع العراقي وضع معقد وملتبس ومتداخل مع أوضاع  وأجندات أميركية وإقليمية، وهو وضع مفتوح على احتمالات عديدة… وهناك بالطبع استحقاقات ستواجهها الكويت بعد استقرار الوضع العراقي تتصل بمعالجة القضايا المعلقة بين البلدين، ومن بينها قضية التعويضات، التي يطالب العراق المجتمع الدولي الآن بإعفائه منها أو بخفض نسبة اقتطاعها، وقضية الديون الكويتية على العراق، وهي قضية حساسة ولابد أن تمر أي معالجة لها عبر بوابة مجلس الأمة، وهناك قضية استكمال البحث عن الجثامين الطاهرة لمَنْ لم يتم الاستدلال عليهم من قائمة شهدائنا الأسرى، وهنا قضية العلامات الحدودية والترتيبات المتصلة بالمزارع المتداخلة وغيرها… وهي جميعا قضايا يجب أن تتم معالجتها وفق المصلحة الوطنية العليا، وضمن ترتيبات سياسية متفق عليها؛ بعضها سيتم في إطار دولي، وبعضها الآخر سيكون محل بحث ثنائي بين الكويت والعراق.
وهناك من جهة أخرى ترتيبات انسحاب الجزء الأكبر من القوات الأميركية المقاتلة في العراق وإعادة انتشارها، حيث ستكون الفترة الممتدة إلى أغسطس المقبل مرحلتها الأهم، وستكون الكويت محطتها الأولى… وبالطبع فإنّ الكويت بالضرورة طرف معني في ترتيبات هذا الانسحاب ليس فقط على المستوى اللوجستي، وإنما بالأساس هي طرف معني بما سينجم عنه من نتائج وترتيبات مستقبلية بين الولايات المتحدة والعراق وانعكاساتها علينا!
وإلى جانب ذلك هناك تحديات ستواجهنا في حال اتفاق الدول الكبرى على فرض عقوبات جديدة على إيران، وما يمكن أن ينجم عن تداعي هذه العقوبات من عواقب سنتأثر بها وستنعكس علينا، خصوصا في ظل حالة التقارب الكويتي الإيراني، التي تشكّلت في السنوات الأخيرة، هذا ناهيك عما يمكن أن يحدث على مستوى المجابهة أو الضربة العسكرية، التي قد يشنها الصهاينة ضد إيران، وما سينجم عن ذلك من تداعيات قد لا يمكن الآن حسابها أو توقّع أبعادها.
وإزاء هذه التحديات الإقليمية والترتيبات الجارية والاحتمالات المفتوحة فإنّ هناك استحقاقا يفرض نفسه علينا ككويتيين للاستعداد للتعامل مع هذه التحديات على هدي مصلحتنا الوطنية، وفي حدود قدراتنا المتواضعة كدولة صغيرة ذات وضع متشابك وشديد الحساسية في إطار الإقليم، وهذا ما يتطلب إلى جانب الحرص على عدم إطلاق النواب تصريحات قد يساء فهمها أو يتم تضخيمها، أن يكون هناك أيضا تداول صريح وواضح حول هذا الشأن بين الحكومة والسلطة التشريعية في إطار رسمي سواء داخل لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة أو ضمن جلسة سرية للمجلس تقدم الحكومة فيها بيانا واضحا وليتم الاتفاق بعد ذلك على توجهات السياسة الخارجية الكويتية للتعامل مع التحديات والترتيبات الإقليمية، مثلما يتطلب الأمر كذلك تفاهما تاما على التعامل مع هذه التحديات والترتيبات ضمن مجلس التعاون الخليجي، الذي يمثّل إطارنا الاستراتيجي الأقرب والأهم.
ولكن الخشية أن يكون هناك مَنْ يفترض أنّ التعامل مع هذه التحديات والترتيبات الإقليمية يجب أن ينحصر فقط في إطار مكاتب وزارة الخارجية وجهازها الدبلوماسي بمعزل عن نواب الأمة!

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك