المرأة الكويتية بساحة القضاء
زاوية الكتابدراسة خاصة بـ((الآن)) للباحث عبداللطيف راضي
كتب إبريل 5, 2010, 9:01 ص 3502 مشاهدات 0
في دراسة خص بها ، يستعرض الباحث عبداللطيف راضي في السطور التالية أمل المواطنة 'الكويتية' في تولية القضاء، ووفق الآراء المؤيدة والمعارضة للشريعة والتشريعات الدستورية والواقع الاجتماعي، والدراسة أدناه:
بحث عبداللطيف راضي:
في وقت طويل مضى كان الحديث يدور حول ما إذا كان بالإمكان تعيين امرأة في منصب وكيل وزاره بعدما تحققت الأمنية في توليها منصب وكيل وزاره مساعد ثم ما لبث أن تحققت الأمنية في نيل المرأة حقوقها السياسية بالانتخاب والترشيح ومن بعدها جاء تعيينها عضوه بالمجلس البلدي بعد مشاركه لم يتحقق لها النجاح بالانتخاب إلا أن الوقت جرى سريعا لتدخل المرأة البرلمان متولية الحقيبة الوزارية مما خلق أجواء مشجعه لدي الناخبين أسفرت عن فوز أربع مرشحات في عضوية مجلس الامه وذلك الأمر كان ببعيد المنال وزاد الأمر بتعيين وزيرتين في حكومة واحدة وأمام كل هذه التحديات والكفاح الذي حققته المرأة الكويتية واتجاه الحكومة لدعم العنصر النسائي كأحد عناصر المشاركة في النهضة والتنمية ألا أن أمرا لا يزال عالقا وهو ما يتعلق بدور العنصر النسائي في السلطة القضائية وعلى وجه الخصوص في العمل كقاضية أو العمل في النيابة العامة وان كانت إلى الآن لم تنل دورا بارزا في المهن المعاونة للقضاء إلا أن الإنتهاض بحقوق المرأة يتصاعد مما يطرح التساؤلات حول ما إذا كانت منصة القضاء ستشهد جلوس العنصر النسائي عليها وهي التي تواجه يوميا عددا لا يستهان به من القضاء الواقف من المحاميات المزاولات للمهنة أو من محاميات الحكومة عضوات إدارة الفتوى والتشريع وأمام كل ذلك هناك تحديات تواجه تحقيق تلك الرغبة سواء في الإجابة والرد على الآراء الشرعية المعارضة التي يسوقها البعض من أهل الفقه والعلم أو من الآراء الدستورية التي تؤيد أو تعارض أو ترى موانع تشريعية يوجب إزالتها ومن خلال هذا البحث المبسط يمكن تسليط الضوء على الجانبين وان كان من الواضحان إجماعا فقيها في الشريعة لم يتحقق في مسألة حسم عدم جواز تولية المرأة للقضاء وهو ذات الجدل الذي كان يقيمه معارضي منح المرأة حق الانتخاب والترشيح أو ممن كانوا يرون قصر الانتخاب دون الترشيح ويأتي مضمون ما سيتضمنه البحث من بعض الكتب والأبحاث التي تناولت ذلك وهي كتب تناولت الأمر عن كتب أخرى إلا أنها نسبت كل شيء لقائله وكل رأي لأهله منهم أبو الحسن البصري الماوردي في مؤلفه أدب القاضي وفي مؤلف الأحكام السلطانية كما استعرض القاسمي في كتابه عن السلطة القضائية إلى أن النساء ورد فيهن في القران الكريم (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وفي قوله تعالى(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) وان العلماء أكدوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستشير حتى المرأة , فتشير عليه بالشيء , فيأخذ به نقلا عن كتاب التذكرة لابن حمدون. وان ابن هشام ذكر أن النساء صلت على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته , كما روي انه اجتمع في بيت عند الصفا بأربعين ما بين رجال ونساء ., وان النساء بايعت بعد الرجال يوم فتح مكة فيما ذكره محمد بن جرير الشهير بالإمام الطبري وان المرأة حاربت مع الرجال في غزوة حنين كما قال ( قاتل نساء من قريش حتى سابقن الرجال ) وذلك في معركة اليرموك .
كما أن الصحابية ( سمراء بنت نهيك الأسدية) تولت الحسبة في مكة أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ,وانه كان لها سوط تعنف به الغشاشين . والحسبة فرع من فروع القضاء كما ورد في كتاب السلطة القضائية في الإسلام . و أن عمر بن الخطاب قد ولى الشفاء بنت أبي سليمان , سوق المدينة . ومن القواعد العامة المجمع عليها أن الحرمان يحتاج إلى نص صريح .
قال الماوردي في أدب القاضي ( فأما المرأة فلا يجوز تقليدها ) وقال أبو حنيفة : يصح قضاؤها فيما تصح شهادتها . وشهادتها عنده تصح فيما سوى الحدود والقصاص .فأما ابن جرير فانه علل جواز ولايتها بجواز فتياها وقد أشار الماوردي إلى رأي الإمامين : أبي حنيفة والطبري فيقول : ( والدليل على فساد ما ذهبا إليه قوله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ). وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما افلح قوم اسندوا أمرهم إلى امرأة ) . ولان من لم ينفذ حكمه في الحدود , لم ينفذ حكمه في غير الحدود كالأعمى وأما جواز فتياها وشهادتها , فلأنه لا ولاية فيها , فلم تمنع منهما الأنوثة , وان منعت من الولايات .وإن رد إلى المرأة تقليد قاض لم يصح , لأنه لما لم يصح أن تكون والية لم يجز أن تكون مولية وان رد إليها اختبار قاض جاز , لان الاختبار اجتهاد , لا تمنع منه الأنوثة كالفتيا .
وقال الماوردي ان ابن جرير الطبري أجاز قضاؤها في جميع الأحكام , ولا اعتبار بقول يرده الإجماع , مع قوله تعالى ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))
وفي كتاب جواهر العقود للأسيوطي : (( يصح أن تكون في كل شيء تقبل فيه شهادة النساء . وعنده : إن شهادة النساء تقبل في كل شيء , إلا في الحدود والجراح , فهي عنده تقضي في كل شيء , إلا في الحدود والجراح . وقال ابن جرير الطبري : يصح أن تكون قاضية في كل شيء ...... )
إذن ومن خلال ما سبق من إيراده يتبين أن الآراء ثلاث
أولها : حرمانها كليا من ولاية القضاء, وهذه الأدلة رأى بعض الأئمة أنها كافية لحرمانها .
ثانيها : الإمام أبو حنيفة يرى أن تولي القضاء في الأمور المدنية , دون الجزائية .
ثالثها : الإمام الطبري : رأى أن لها حق القضاء في كل شيء .
ووجه الأول : إن القاضي نائب عن الإمام , وقد اجمعوا على اشتراط ذكورته .
ووجه الثاني والثالث : إن فصل الخصومات من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ولم يشترطوا في ذلك الذكورة , فان المعول على الشريعة المطهرة الثابتة في الحكم , لا على الحاكم بها .... ) وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) قال ذلك لما ولى جماعة الملك كسرى ابنته من بعده الملك وإن قضاء المرأة فرع عن حق المرأة في الولايات العامة . فأما ما جرى قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) على إطلاقه , لم يكن من حق احد أن يمنع المرأة من ولاية القضاء .
لقد نص الدستور الكويتي على كفالة تكافؤ الفرص وعلى المساواة وعدم جواز التمييز على أساس الجنس والعدالة الاجتماعية وحق العمل ومن خلال مطالعة مواد الدستور يكون القياس للقوانين في ضرورة أن تكون متوافقة وأحكام الدستور .
وعليه ننظر إلى شروط تعيين أعضاء المحكمة الدستورية والقضاة في القضاء العادي إن كانت قد أشارت إلى شرط أن يكون المعين ذكرا أم أنثى .
ويتضح أن المرأة تولت مواقع فيها إبداء الرأي القانوني وتولت منصب محامية ومستشاره في إدارة الفتوى والتشريع وتولت في القسم الاستشاري وقسم القضايا كما تولت المناصب القانونية البارزة ومواقع مهمة في الإدارة العامة للتحقيقات وتولت الادعاء العام .إلى أن أصبحت الآن عضوه في مجلس الأمة كما تولت الحقيبة الوزارية .
وفي الدفاع عن تعيين تهاني الجبالي عضوه في المحكمة الدستورية في مصر عام 2002 انصب في مواجهة دعوى أقيمت طعنا على قرار تعيينها أن المواثيق الدولية نصت على مبدأ المساواة واحترام حقوق الإنسان وحماية الخدمات الأساسية وذلك انطلاقا من ميثاق الأمم المتحدة سنة 1945 ومرورا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الدولية المتعلقة بالمرأة ومنها اتفاق الحقوق السياسية للمرأة سنة 1952 التي نصت في مادتها الثالثة على أن ' للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الأعمال المقررة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تسوي بينهن وبين الرجـــال دون تمييز ' كذلك نصت على مبدأ المساواة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر سنة 1979 . وجاء ذلك في الوقت الذي ينص فيه الدستور المصري على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
وراى الرأي المدافع انه لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة ما يمنع اشتغال المرأة بالقضاء ومن المسلم به أن الأصل في الأشياء الإباحية وان المطلق على إطلاقه إلى أن يرد ما يقيده وذلك استنادا إلى ما سبق أن اشرنا إليه من ثلاثة آراء فقهية
* الرأي الأول : رأي الحنابلة ومعظم المالكية والشافعية وقد استند هذا الرأي على بعض الحجج لعدم إجازة تولية المرأة القضاء منها ما سبق الإشارة إليه إضافة إلى اعتبار أن المرأة بما تتعرض له من عوار طبيعية دورية تكون شديدة الانفعال وتتأثر بالعاطفة مما قد يؤثر في حكمها على الأمور 0
الرأي الثاني :- يذهب إلى انه يجوز للمرأة أن تتولى القضاء فيما عدا الحدود والقصاص وفي مقدمة القائلين بهذا الرأي الأمام أبو حنيفة استنادا إلى انه ليس في الشريعة الإسلامية ما يسلب أهلية المرأة وأن الشريعة الإسلامية جعلت المرأة صالحة للوصاية على اليتامى ونظارة الوقف والشهادة وكلها ولايات عامة ويرجع استثناؤهم تولي المرأة القضاء في الحدود والقصاص إلى أنهم جعلوا أهلية القضاء تدور مع أهلية الشهادة وجودا وعدما ، والجامع بين القضاء والشهادة أن كلا منهما يحمل على تنفيذ القول الغير 0
وذهب محمد بن حسن الشيباني من الأحناف إلى جواز تولي المرأة للقضاء حتى في الحدود والقصاص
ولما كانوا يرون أن المرأة تصلح للشهادة في جميع الأمور ما عدا الحدود والقصاص فقد رتبوا على ذلك أنها يجوز أن تقضي في جميع القضايا ما عدا قضايا الحدود والقصاص 0
الرأي الثالث :- ويذهب إلى جواز تولي المرأة للقضاء في جميع المجالات حتى في الحدود والقصاص وهو رأي الأئمة الحسن البصري ، وابن حزم الظاهري ، وابن جرير الطبري ، وابن القاسم من المالكية ، وهم يستندون إلى الحجج الآتية :-
القاعدة أن من يستطيع الفصل في قضايا الناس يكون صالحا للقضاء ولا يوجد أي دليلا على استثناء المرأة من هذا الأصل 0
أن الأنوثة لا شأن لها بتفهم أوجه النزاع وحجج المتنازعين والفصل في الخصومات 0
أن المرأة يجوز أن تكون مفتية كما يجوز أن تكون محتسبة ويجمع بين الحسبة والقضايا أن كلا منهما من الولايات العامة وقد ولي الخليفة عمر بن الخطاب أم الشفاء ولاية الحسبة في السوق 0
أن المرأة لها الولاية على بيت زوجها وهي راعية ومسئولة عن رعيتها 0
وقد قيل في الرد على حجج المعارضين لتولي المرأة القضاء بأن الآية القرآنية الخاصة بقوامة الرجال على النساء إنما تتعلق بقوامة الرجل في أسرته وليس بصورة مطلقة وهذا أمر منطقي حيث لا يتصور أن يكون لآي رجل مهما دنا شأنه القوامة على أية امرأة مهما علا شأنها ومهما بلغ علمها وثقافتها 0
* كذلك قيل في الرد على الحجة المستمرة من الحديث الشريف ' ما افلح قوم ولوا أمورهم امرأة ' انه وارد في تولية المرأة رئاسة الدولة أي الولاية الكبرى ولا يعتبر دليلا على حظر تولي المرأة القضاء لأن حظر إحدى الولايات العامة لا يؤدي إلى حظر باقي الولايات 0
* أما الحجة التي تستند إلى أن من طبيعة المرأة أنها تقدم العاطفة على مقتضى العدل فإنه على فرض صحة هذا القول فإن ذلك قد يحدث في المسائل التي تتعلق بالأمومة أو تربية الصغار ، ولا شأن له بالخصومة القضائية ، لأن القاضي يطبق أحكام القانون على الوقائع المعروضة عليه وهو لا يستطيع – مهما تغلبت العاطفة – أن يخرج في قضائه عن هذه الحدود هذا فضلا عن انه يخضع للرقابة القضائية وليس مطلق اليد في أن يحكم وفقا لما يشاء دون أية قيود
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير زوجاته في الأمور العامة ويأخذ بقولهن أو رأيهن كماان من أشارت على الرسول الكريم في شأن امتناع أصحابه عن الحلق والذبح في عمرة الحديبية بعد الصلح كانت زوجته أم سلمة رضي الله عنها وأن الله تبارك وتعالى ورأ بمشورتها غضبه وغضب نبيه على الصحابة رضوان الله عليهم 0
* فأما الآية الأولى التي يستدلون بها على ذلك فهي قول الله تبــــارك وتعـــالى :- وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)
' البقرة 288' ، وهذه الجملة جزء من أية واردة في سياق آيات الطلاق من سورة البقرة ، بل في سياق آيات تتعلق بالحياة الزوجية وقد نقل ابن الجوزي هذا الرأي في زاد المسير في علم التفسير عن بعض السلف 0 ونقله القرطبي في تفسيره عن الأمام المارودي الشافعي 0 ونقل في الموضوع نفسه عن عبد الله بن عباس انه قال ' الدرجة إشارة إلى حض الرجال إلى حسن العشرة ، والتوسعة على النساء في المال والخلق '
ثم نقل قول ابن عطية ( من علماء المالكية ) وأئمة التفسير الأندلسيين ) 0 ونقل ابن عطية في تفسيره عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم ( وهو أحد أتباع التابعين الذين يكثر النقل عنهم في تفسيره ) قوله عن ' الدرجة ملك العصمة وأن الطلاق بيده فليس في الآية دليل على منع المرأة من العمل العام أو سلبها حق الولايات العامة على المعنى الذي استظهرناه من السياق ، وليس فيها دليل على ذلك – أيضا – على المعنى الذي يراه معظم المفسرين إذا يصرفونها إلى القوامة في شأن حقوق الزوجية دون سواها 0
وأما الآية الثانية التي يستدل بها لحرمان المرأة من حق الولاية للمناصب العامة وهو قول الله تعالي(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء 34 ' وهذه الآية الكريمة واردة في سياق أحكام الزواج وهو سياق مبدوء بالآية رقم (20) من سورة النساء ، ويستمر إلى الآية رقم (35) التي ترسم طريق الإصلاح بين الزوجين عند خوف الشقاق بينهما 0
والقوامة على الغير هي التكفل بما ينصح به حالة وشأنه ، والقيام على الشيء هو المحافظة عليه وإصلاحه) ، فمعنى القوامة في الآية الكريمة هو قيام الرجال بحقوق النساء التي على الأزواج وقد يصبح أن يقال أن معناها قيامهم ولو لم يكونوا أزواجا بحقوق النساء كقيام الأب والأخ وغيرهما بحقوق من يليهم من النساء من الأم والأخوات وأمثالهم فلا يصح الاستدلال بهذه الآية الكريمة أيضا ولا بمعنى القوامة فيها على حرمان النساء من المشاركة في العمل العام وحق تولي مناصبه التي تؤهلن لها كفايتهن وقدرتهن وعلمهن إذ القوامة خاصة بالعلاقة الزوجية أو بالعلاقة العائلية وليست عامة في كل شأن من شئون الحياة ومعناها أداء حقوقهن وليس معناها منعهن والحجر عليهن فيما لا تمنع منه نصوص القرآن وصحيح السنة 0
تولي المرأة القضاء في بعض الدول
شغلت المرأة العديد من المناصب القيادية في كثير من الدول فوصلت إلى منصب رئيس الدولة كما شغلت منصب رئيس الوزراء ، وتولت بعض الوزارات المهمة كوزارة الدفاع في بعض الدول كما شغلت مناصب قيادية في كثير من برلمانات العالم حيث وصلت إلى رئاسة السلطة التشريعية في بعض الدول وفي إطار هذا التفوق الذي حققته المرأة على جميع الأصعدة شغلت المرأة منصب القاضي في كثير من الدول وأثبتت كفاءة عالية ومن أمثلة ذلك الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبحت عضوا في المحكمة العليا وفي المملكة المتحدة وفي فرنسا حيث وصلت المرأة إلى منصب رئيس محكمة النقض 0
كذلك تولت المرأة القضاء في كثير من الدول الإسلامية مثل باكستان وإيران وعلى الصعيد الغربي عينت المرأة في القضاء في بعض الدول العربية منذ ما يقرب من نصف قرن فقد عينت أول امرأة في منصب القاضي في المغرب في أول فبراير سنة 1961 0كذلك شغلت المرأة الجزائرية منصب القضاء سنة 1963 ووصلت في مسيرتها القضائية إلى مستشار بالمحكمة العليا ، كذلك اعتلت المرأة رئاسة مجلس الدولة كما بلغ عدد المستشارات بالمحكمة العليا (18) سيدة من بين (141) مستشارا من بينهن ستة رؤساء غرف وتصل نسبة القاضيات في الجزائر إلى 32% من مجموع عدد القضـــاة 0
وفي سنة 1965 اعتلت أول امرأة سودانية منصة القضاء وتصل نسبة القاضيات في السودان 7.5 % من مجموع القضاة وفقا لإحصائية تمت في سبتمبر سنة 2002 0وفي لبنان دخلت المرأة سلك القضاء سنة 1967 وأصبحت نسبة القاضيات سنة 2002 27% ووصلت إلى درجة مستشار بمحكمة التمييز ' النقض ' ودرجة محام عام أمام ذات المحكمة 0
وفي تونس دخلت المرأة ميدان القضاء سنة 1968 وبلغت نسبة القاضيات 25.5% من مجموع القضاة وارتقت المرأة في السلم القضائي إلى أن تيح لها من خلال ذلك أن ترشح لعضوية المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي لمحاكمة مجرمي الحرب 0
وعلى أي حال فقد جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على ما استقر عليه الفقه الإسلامي من التميز بين الأحكام القطعية والأحكام الاجتهادية فلا يجوز تولي الأمر مخالفة الأحكام القطعية الثبوت والدلالة كأحكام المواريث ، وذلك تطبيقا لمبدأ ' لا اجتهاد مع النص ' أما الأحكام الاجتهادية فهي تقبل التغيير بتغير ظروف المجتمع وفقا لمبدأ ' تغير الأحكام بتغير الزمان ' وقد عبرت المحكمة الدستورية العليا عن ذلك في حكمها الصادر في 26 مارس سنة 1994 حيث قضت بأنه ' لا يجوز لنص تشريعي – بعد تعديل الدستور – أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية الثبوت والدلالة وإنما يجوز الاجتهاد في المسائل الإختلافية ، وليس الاجتهاد إلا جهدا عقليا ، فلا يجوز أن يكون تقليدا محضا للأولين وعزوفا عن النزول على أحوال الناس والصالح من أعرافهم لأن الآراء الاجتهادية ليست لها في ذاتها قوة ملزمة فلا يجوز اعتبارها شرعا ثابتا متقررا لا يجوز أن ينقضي '
تعليقات