عندما يتسبب الطبيب في وفاة مريض هل هو ضرب أفضى إلى الموت.. أم قتل خطأ؟! ..قضية يطرحها من الواقع رياض الصانع

زاوية الكتاب

كتب 725 مشاهدات 0


 



عندما يتسبب الطبيب في وفاة مريض هل هو ضرب أفضى إلى الموت.. أم قتل خطأ؟!
 
 
 

كثرت في الآونة الاخيرة اخطاء الاطباء في علاج بعض المرضى، وكان نتيجة تلك الاخطاء وفاة اشخاص اما اثناء فترة العلاج او اثناء الجراحة، وتتلخص احدى الوقائع في ان احد الاشخاص شعر بألم عند التبول، فلم يبال بهذا الموضوع الا ان هذا الالم ظل في تزايد وتفاقم شديد، حتى ان آلام التبول اصبحت شديدة لا يستطيع تحملها، فلجأ الى احد الاطباء الذي تولى الكشف عليه وقرر له علاجا دوائيا، الا ان العلاج لم ينجح في ابعاد الالم، ليتوجه المريض الى طبيب آخر لعلاجه من هذا الالم، فأشار عليه الطبيب الجديد بضرورة اجراء عملية جراحية بسيطة للعلاج، فأدخله الطبيب عيادته الطبية (بقسم المسالك البولية) وادخل قسطرة معدنية بطريقة فنية الا ان القسطرة احدثت جروحا نشأ عنها تسمم دموي ادى الى وفاة المريض، وقدمت النيابة العامة الطبيب بتهمة الضرب المفـضي الى الموت، وحضرت الي زوجة الطـبيب لاقـوم بالدفاع عن زوجها الطبيب المتهم، فقرأت اوراق الدعوى وما تم فيها من تحـقيقات وتقارير طبية شرعية، وخلصت الى نتيجة اسست مرافعتي القانونية عليها ألا وهي الفارق بين جريمتي الضرب المفـضي للموت والقتل العمد، فجريمة الضـرب المفضي الى الموت تتطلب لوجودها والمساءلة عنها ركنين احدهما مادي والآخر معنوي، فالركن المادي فعل الضرب او الجرح او اعطاء مواد مخدرة ويدخل في ذلك انواع العنف التي لا تعد ضربا لكن تعادل الضرب في جـسامتـه كذلك لابد من حدوث نتيجة معينة وهي الموت يستوي ان تقع النتيجة اثر الفعل الاجرامي مباشرة او ان تتراخى زمنا لا يتجـاوز مدة سـنة، كمــا انه لابد من توافر علاقة سببـية بين الضرب او الجرح او اعطاء المواد المخدرة وبين النتيجة وهي الموت، ويعتبر الفعل سببا للنتيجة ولو لم يكن هو السبب المباشر او السبب الوحـيد، وبالتـالي فإن تداخلت مع الفعل عـوامل مثل ضعف البنية او التراخي في الـعلاج او الاهمـال فيه فإنها لا تمنع من اسنـاد النتــيجة الى فـعـل الجاني خلافا للعوامل التي تقطع علاقة السببية مثل تعمد المجني عليه عدم مداواة نفسه لتجسيم المسؤولية او اصابته في حادث او بمرض وبائي، فإنها تقطع السببية، اما الركن المعنوي فيتطلب اولا ان يكون لدى الجاني قصد ارتكاب الضرب او الجرح، فاذا لم يتوافر هذا القصد فإن المسؤولية عن النتيجة تكون باعتبارها جريمة اهمال متى توافرت شروطه كذلك الا يكون الجاني قد قصد ارتكاب القتل حتى ولا في صورة القصد الاحتمالي، اذ لو توافر قصد القتل حال الضرب لكانت الجريمة قتلا عمدا لا ضربا افضى الى الموت، وتبين انه بالكشف الطبي الشرعي ان الطبيب الاستشاري راعى الاصول الطبية المتعارف عليها في اجراء عملية القسطرة لازالة آلام المريض، الا ان هناك عوامل شاذة ادت الى جروح مجرى البول ادت الى وفاة المريض واستقر التقرير الشرعي على انه لا وجه للعمد في فعل الطبيب الجراح، الامر الذي عدل فيه الحكم من الاتهام بضرب افضى الى الموت الى القتل الخطأ، وارسيت مرافعتي على ان سوء التقدير في الامور الفنية هو الذي ادى الى النتيجة الاجرامية وان خطأ الطبيب لم يكن مقصودا، انما كان هدفه الاساسي هو السرعة في علاج المريض لانقاذ حياته التي اشرفت على الهلاك من الالم الذي لازمه وهو ما جعل المحكمة تأخذ به وتقضي بعقوبة القتل الخطأ (مكتفية بالغرامة) مؤسسة حكمها على ان خطأ الطبيب هو صورة من صور الخطأ العام وهي الرعونة وما تعنيه من سوء التقدير او نقص الخبرة في امور فنية، فـهي اخلال بما تقتضيه الخبـرة الانسانية الفنية لا العامة وفيها يقدم الشخص على نشاطه فعلا كان او امتناعا دون تدبر عـواقبه وذلك لنقص الكفاءة الفــنية اللازمة لمــباشرته، الامر الذي عاقبته المحكمة بتهمة القتل الخطأ لتوافر عنصر الخطأ العام ومن صوره الرعونة وسوء التقدير.
وكانت تلك الدعوى من الدعاوى التي ظلت عالقة بأذهان الكثيرين في الكويت نظرا لما حظيت به من اهتمام اعلامي وقانوني.
 
 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك