المواطنة الخليجية، وبطاقة 'استريح' الذكية !
عربي و دوليمارس 13, 2010, منتصف الليل 3775 مشاهدات 0
أعلن الأمين العام لمجلس التعاون عبدالرحمن العطية عن الانتهاء من جميع الإجراءات التي تتيح التنقل بين الكويت والسعودية بواسطة البطاقة الذكية، لافتاً إلى أنه بانتهاء هذه الإجراءات بين البلدين تكون دول المجلس قد أكملت خطتها الرامية إلى الاستغناء عن جواز السفر في ما بينها والاكتفاء بالبطاقة. فهل ستمهد البطاقة الذكية الطريق الى المواطنة الخليجية المأمولة ؟.
يقول محدثي عندما اقتربت من حاجز الجوازات شعرت بالفخر واثلج صدري وجود علامات تشير الى أن لمواطني دول الخليج اماكن مخصصة تجعل عناء انتظارهم اقل. ثم اقتربت من الموظف الذي حياني بلهجة خليجية دافئة بددت مشاعر الغربة وجعلت رقبتي تزداد طولا من الفخر، فأنا من دون معظم ركاب الطائرة بين اهلي وجماعتي، ثم اخذ الموظف جواز سفري،ونظرالي باشفاق وهو يقول (أستريح هناك لو سمحت ) ، وطالت راحتي اكثر من اللازم ، ثم ادخلوني الى مكتب مجاور،وطلب مني موظف أخر ان أعطيهم تلفوني بعد تجريده من الرقم السري إن كان مقفلا (لو سمحت ). ثم سمعت (أستريح هناك لو سمحت) مرة اخرى . وتم تفريغ كافة الارقام من هاتفي الى جهاز كمبيوتر محمول ، وتم استدعائي حيث جرى تحقيق مطول حول محتويات جهاز هاتفي، وكان المطلوب أن أعطيهم نبذة عن حياة كل فرد في شريحة هاتفي النقال من محمد مالك زمان عامل السيراميك الباكستاني الى محمد علي الذي يطابق اسمه اسم ربع مليون نسمة. وقد خرجت بعد ان قدمت لهم نبذة عن حياة 120-190 شخص لم يثر اهتمامهم احد منهم. لقد كنت مشتبها به لدى اشقاءنا فحسب .
في قمة الكويت الثلاثون قبل اشهر قال مسئول خليجي كبير إن أهم أهداف المجلس هي الوصول إلى مرحلة المواطنة الخليجية في كل مجالات التعاون، وقال آخر سيفتح المجال للخليجي للعمل فى القطاعات الاهلية والحكومية وتعميق المواطنة الخليجية ، وقال ثالث إن اعظم فوائد السوق الخليجية المشتركة تكريس الاحساس بالمواطنة الخليجية، مشيراً إلى ان مجرد هذا الاحساس يجعل المواطن والمستثمر في اي مكان ان يتحرك وكأنه داخل بلده. لكن من يعتقد أن البطاقة الذكية و المواطنة الخليجية هي بذلك البريق الذي يصفونها به واهم لا محالة،فاكثر الاسماء في قوائم الممنوعين في بعض المطارات والمنافذ الخليجية هي لمواطنين خليجيين وليست لنمساويين او بريطانيين. وهي لكتاب وصحفيين ورجال فكر ودين وليست لمهربين او مجرمين، وفي ذلك تتساوي معظم دول مجلس التعاون .
وتعود قضية السيادة كسد منيع امام كل مواطن خليجي بسيط يشعر بالظلم جراء منعه من صلة رحمه في بلد خليجي آخر،فلا محكمة يستطيع من خلالها دحض الاتهامات ضده، ولا موقف واضح من الامانة العامة لدول مجلس التعاون حيال هذا الامر فهي هيكل لا يضم تحت جنباته الرحبة إدارة مختصة لشكاوي المواطن الخليجي العادي ضد إدارة خليجية سلبته حق المواطنة المزعوم. والذي تم تفصيله لرجال الاعمال والتجار المحميين اصلا من قبل الغرف التجارية والصناعية في بلدانهم ، ثم باموالهم في تأكيد أن المال في الغربة وطن . بينما رفع المنع عن دخول كافة الخليجيين لدول الخليج الست هو الامر السيادي المطلوب من قادة دول المجلس. بل إن اسوأ مافي الامر انه بعد سقوط الطاغية صدام حسين إنسلت ثعابين الاستخبارات البعثية بخبراتها التي لاتقدر بثمن الى احضان دافئة في دول عدة، وبنفس الالية الصدامية استمروا يلتقطون ويخزنون في قواعد بيانات ضخمة كل مايكتبه او يقوله الفرد الخليجي من نقد بناء لوطنه ومجلسه،كتهمة تزعزع اركان الدولة. وما على المفكر الخليجي إلا ذكر فضائع البعث واستخباراته او الكتابة فيها ليخرجوا له من جحورهم وقد ارتدوا الغترة والدشداشة يكيلون له الشتائم ويضيفونه لقائمة الممنوعين من دخول دولة خليجية شقيقة أوكلت اليهم أمر بناء قاعدة بياناتها الاستخبارية.
يقول محدثي: تمنيت أن اكون في مركز جوازات البصرة العراقي أو الحديثة الاردني في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، حيث كان موظف الجوازات ينادي باسم المسافر ثم يقذف بالجواز في الهواء جهة صدور كلمة( نعم )دون ان يرفع رأسه، فتلتقط جوازك وقد اغبرت اوراقه، وتغادر دون تذمر فقد كان هذا هو أدب وثقافة مراكز الحدود العربية، فقد كانوا رجال بسطاء صادقين مع انفسهم ،تمنعهم رجولتهم من اخفاء احتقارهم لك، ويمنعهم الوفاء لما تعلموه من ضرورة اهانة المواطن العربي حتى يستقيم من استخدام الكلمات الجوفاء المنمقة مثل (أستريح هناك لو سمحت ).
تعليقات