مؤتمر العمل الخيري الخليجي الرابع
محليات وبرلمانمارس 9, 2010, منتصف الليل 980 مشاهدات 0
شاركت جمعية إحياء التراث الإسلامي من دولة الكويت بورقة عمل في مؤتمر العمل الخيري الخليجي الرابع الذي تنظمه جمعية التربية الإسلامية بمملكة البحرين تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وناقش المؤتمر عددا من القضايا المرتبطة بالعمل الخيري في دول مجلس التعاون ومنها ( العلاقة بين العمل الخيري والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي )، وقد شاركت جمعية أحياء التراث الإسلامي بورقة عمل تحت عنوان ( جهود جمعية إحياء التراث الإسلامي في مواجهة الغلو والإرهاب والأفكار المتطرفة ) ضمن هذا المحور .
وقد جاء في الورقة التي قدمها الشيخ/طارق العيسى – رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي - أن فتنة الإرهاب والتطرف وإن كانت جديدة وغريبة علينا بأحداثها ، إلا أنها قديمة بأفكارها المنحرفة وبدعها ، لقد عرفها العلماء والشيوخ وطلبة العلم في الكويت وغيرها ، وبادروا للتحذير منها، وكما قيل إن الفتنة إذا أقبلت لا يعرفها إلا العلماء ، وإذا أدبرت عرفها الجميع . لذا فقد أدركنا خطورة هذه الفتنة التي اتخذت عدة مراحل ، أولها : مرحلة التهييج : وهي البداية ، حيث بدأت الفتنة بتهييج العامة والدهماء على الحكام والأمراء ، وذكر عيوبهم ، بعد ذلك مرحلة التقعيد والتأصيل للفتنة : حيث جاءت طائفة أخرى من دعاة الفتنة وضعت لذلك التهييج والحماس قواعد وأصولاً عندما رأوا إنكار العلماء وطلاب العلم على الطائفة الأولى . أما المرحلة الثالثة ، فهي مرحلة التنفيذ : ومثلتها طائفة ثالثة ، حيث انحرف كثير من الشباب المتحمس لدينه مع قلة الفقه والعلم إلى أن يجنحوا إلى التضحية في خدمة دينهم (في ظنهم) ، فلبسوا الأحزمة الناسفة وقادوا السيارات المفخخة . انتقل الأمر من مرحلة الأفكار إلى مرحلة الأفعال ، وهو ما نشهده اليوم من أعمال الإفساد في الأرض . وقد أدركت جمعية إحياء التراث الإسلامي خطورة هذا الأمر فبادرت لعلاجه بكل ما تيسر لها من الوسائل ، بدأ هذا الأمر منذ أكثر من عشرين عاماً ، ومثالاً على ذلك : في 19/3/1989م أقامت الجمعية أسبوعاً ثقافياً بدأ بمحاضرة بعنوان (الطريق لترشيد حركة الجهاد الإسلامي ) للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق .
وأوضح العيسى بأن جمعية إحياء التراث الإسلامي ارتبطت منذ تأسيسها بكبار العلماء ورجال الدين في العالم الإسلامي من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ، والشيخ محمد العثيمين رحمه الله .
أما عن الآثار السيئة لهذه الفتنة قال الشيخ/ طارق العيسى أن هذه الفتنه تزهق أرواح الأبرياء من المسلمين والمستأمنين من غير المسلمين ، وتهدم البيوت وتفسد المصالح والمنشآت العامة ، وهي هتك لأمان ولي الأمر لغير المسلمين ، بالإضافة لزعزعة الأمن والاستقرار ،كما تذرع بها المتربصون بالإسلام وأهله لتشويه صورة الإسلام ، والصد عن سبيل الله ، وعرقلة العمل الخيري واتهامه بالإرهاب وتشويه الجمعيات الخيرية والتشكيك بها وتحجيم نشاطها وإغلاقها ، وقد تعدت الأضرار إلى ما ارتبط بها من مصارف وبنوك إسلامية وشخصيات محسنة .كما مورست بسببه الضغوط على المسلمين من قبل أعدائهم بشكل لم يسبق له مثيل .
ثم تحدث العيسى ضمن البحث عن أهداف جمعية إحياء التراث الإسلامي وبين بعضاً من نشاطها وتقسيماته الرئيسية , وحول منهجية الجمعية من الناحية الشرعية ونظرتها المستقبلية للأحداث قال العيسى : يقول سفيان الثوري رحمه الله : الفتنة إذا أدبرت عرفها كل الناس وإذا أقبلت لم يعرفها إلا العالم ، و هذا ما تحقق بفضل الله من طريقة مواجهة الجمعية بشيوخها والقائمين عليها لأشد فتن على هذا العصر ، حيث أنهم استرشدوا في مسيرتهم بعلماء الأمة العظام أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني رحمهم الله جميعا .
ثم بين العيسى ما قامت به الجمعية في مواجهة الفتنة حسب تطورها العملي والزمني ، وقسم ذلك الى ثلاث أقسام وأولها البيان التحصيني حيث قال : إن الدين بفضل الله عز وجل هو الحصن الحصين الحامي من الفتن والشرور ، قال الله تعالى: {لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } {فصِّلت:42}، وقال رسول الله r : « تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي » .وقد دأبت الجمعية ومنذ إنشائها بنشر العلم الشرعي الصحيح القائم على الكتاب والسنة مستندة إلى تراث إسلامي عريق لم تشهد له الإنسانية مثيلاً ، ومن ذلك ما دعت له من تمسك بالتراث الإسلامي في أول مؤتمر لها بعد إنشائها ( مؤتمر التراث الإسلامي ) ، وتضمن محاضرات الهدف الأساسي منها ربط الأمة وخصوصاً الشباب بالمصادر الأساسية لهذا الدين ، وفي ذات السياق أصدرت الجمعية وابتداء من عام 1995 م سبعة أعداد من مكتبات طالب العلم ، ويجري حالياً الإعداد للعدد الثامن منها ، ويحتوي على كتب خاصة لعلاج ظاهرة التطرف والإرهاب مثل : التكفير وضوابطه للدكتور / إبراهيم الرحيلي – مشكلة الغلو في الدين للدكتور / عبد الرحمن اللويحق – فتنة التفجيرات والاغتيالات للشيخ/ أبو الحسن المأربي -.
ثم انتقل العيسى للحديث عن البيان التأصيلي ، حيث قال : التأصيل للمسائل التي يكثر حولها الجدل ، ويلتبس فيها الحق والباطل يصبح أمرا مهما وواجبا شرعيا متى ما بدأ الباطل بالظهور مرتديا عباءة الحق ،ومواكبة لما يطرأ على الساحة الإسلامية من أحداث وبعد أن تفجرت الأوضاع في الجزائر وخروج من يصف النزاع هناك بالجهاد كان موقف الجمعية رافضا لذلك ، وعقدت ندوة في خضم الأحداث ( عام 1995 ) بعنوان (الحد الفاصل بين الجهاد والإفساد) ، بالإضافة للعديد من الأنشطة الأخرى لبيان هذه الفتن و خطرها و التحذير منها .كما أصدرت الجمعية كتبا ورسائل الهدف منها التأصيل مثل : رسالة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله بعنوان ( المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم ) ، (منهج الجمعية للدعوة والتوجيه ) ، والذي نال رضا وتزكية كبار الشيوخ والعلماء ،كذلك كتاب (مراجعات من فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة) .
أما القسم الثالث كما صنف طارق العيسى:هو البيان العلاجي وفيه قامت الجمعية بالعديد من الأنشطة والفعاليات حيث انتقلت الجمعية لمحاولة علاج هذه الفتن التي عصفت بالشباب في هذا العصر من خلال سلسلة من الندوات والمحاضرات والدروس وقد بلغت في بعض السنوات أكثر من ألفي محاضرة ودرس في مختلف أنحاء الكويت، وأحصينا منها أكثر من 500 محاضرة ودرس متخصص في قضايا الإرهاب والتكفير والخروج وغيرها من المواضيع ذات العلاقة مثل محاضرة (وسطية أهل السنة والجماعة) وأقيمت عام 1996 ومحاضرة الإرهاب بين الحكم الشرعي والتصور الغربي للشيخ / عبد الرحمن عبد الخالق . كما أصدرت الجمعية مجموعة كتب حول فتن الإرهاب والتطرف والتكفير من أهمها : رسالة ( بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادا) للشيخ د. عبد المحسن العباد -رسالة ( كشف الشبهات في مسائل العهد والجهاد ) للشيخ / فيصل الجاسم – كتاب ( فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة ) للشيخ محمد القحطاني – كتاب ( فتنة التفجيرات والاغتيالات ) للشيخ أبي الحسن المأربي - كتاب ( الغلو في الدين في حياة المسلمين ) وكتاب ( مشكلة الغلو في العصر الحاضر ) للشيخ/ الدكتور اللويحق . كما قامت الجمعية بتنفيذ العديد من الإصدارات المختلفة صوتية ومرئية .
ثم انتقل العيسى للحديث في الجزء الثاني من البحث الى استعراض الجهود التي أخذت الطابع الرسمي في مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة ومن هذه الجهود البيانات والفتاوى التي أصدرتها الجمعية ، موضحاً بأن الجمعية كانت - ولا زالت - حريصة على إصدار ما يناسب من بيانات وفتاوى تعيد فيها التأكيد على الرأي الشرعي الصحيح تجاه ما يحدث ، وتسدي النصح والتوجيه لدرء الفتنة ، ومنها بيان حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبيان حول الأحداث والأعمال التخريبية التي جرت في الكويت وبيان حول التفجيرات في المملكة العربية السعودية وبيان حول الانتهاكات الصهيونية في القدس والأقصى وبيانات أخرى بشأن الأحداث في لندن وعمّان والجزائر وباكستان وغيرها وتصف هذه الأحداث بالجريمة التي تخالف الشريعة الإسلامية .
ثم تطرق العيسى للمشاركات والزيارات الرسمية ، موضحاً التواصل مع ولاة الأمور وقيادات الدول لبيان الحق وتصحيح النظرة إلى واقع الدعاة وجمعيات الخير ، حيث حرصت الجمعية أولاً على التواصل مع القيادة الكويتية وعلى جميع المستويات ، ومن ذلك : تنسيق الجمعية مع كل من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ووزارة الخارجية حول أعمالها ومشاريعها ، خصوصاً خارج الكويت ، كذلك اللقاءات المستمرة بين إدارة الجمعية وكبار المسئولين في الدولة بالإضافة لتزويد الجهات الرسمية بكل ما تحتاجه من بيانات لتكون صورة صحيحة واضحة حول واقع العمل ، وحول موقف الجمعية الشرعي تجاه قضايا الفتنة ، وانعكس ذلك من خلال التحركات الرسمية .
كما قامت اللجان العاملة كل في مجاله بالتواصل مع حكومات الدول التي تعمل بها لإزالة أي لبس قد تسببه الأحداث وبيان نقاء العمل الخيري ، بعد ذلك تطرق طارق العيسى – رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي - لموضوع النشر عبر وسائل الإعلام حيث عبر مسئولي وأعضاء الجمعية عن الرأي الذي تتبناه حول هذه الفتنة والذي ترى أنه الرأي الشرعي الصحيح ، وإعلان هذا الأمر عبر وسائل الإعلام المقروءة كما في اللقاءات والتصريحات المنشورة في الصحف المحلية ومن أمثلة ذلك العناوين التالية ( تكفير الحكام فتنة ابتليت بها الأمة ) ، ( الإسلام لا يقر قتل الآمنين وتفجير السيارات المفخخة وذبح الأطفال والنساء ) كما أصدرت الجمعية عدة إصدارات إعلامية متخصصة لإيصال المعلومة الصحيحة الواضحة بأبسط وأيسر طريقة .
كذلك اهتمت الجمعية بالترجمة والتأثير على الرأي الآخر حول قضايانا الإسلامية حيث عانينا جميعاً من مشكلة عدم الفهم والنظرة الخاطئة من الطرف الآخر ، ونقصد غير المسلمين وخصوصاً في العالم الغربي ، مما استوجب توجيه بعض الجهود لإيصال الصورة الصحيحة عن الإسلام والرأي الشرعي الصحيح . لذا فقد قامت الجمعية بترجمة ونشر الكثير من الكتب والإصدارات الإسلامية ولعل من أهمها ( كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة ) وعدد من الكتب باللغة الإنجليزية قامت الجمعية بطباعتها وتوزيعها , كما امتدت جهود الترجمة والنشر باللغات الأخرى إلى مختلف أنحاء العالم .ومن ذلك نشر كتب مترجمة إلى لغات دول آسيا الوسطى ( التركية والروسية والأذرية ) ولغات القارة الهندية ( بشتو - أردو - بنغالي...) و لغات دول جنوب شرق آسيا .
وفي ختام كلمته قال طارق العيسى: أن هذا هو استعراض سريع لبعض ما قامت به الجمعية من جهود منذ البدايات الأولى للمشكلة ولا نزال مستمرين في جهودنا سائلين الله أن ينفع بها وفي ختام هذه الورقة نؤكد على أمور من أهمها أن أمن الكويت وديار الإسلام عامة وأهلها أمر لا يقبل المزايدة ولا مجال للتنازل فيه .ثم ضرورة أخذ الدين من أصوله المعتبرة وهي القرآن والسنة وسلف هذه الأمة وعلماؤها الكبار ، كذلك إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه الجهاد في سبيل الله من المطلوبات الشرعية ولها شروط وأركان وآداب ذكرها العلماء . وأخيراً نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل مكروه ، وأن يعزّ الإسلام وأهله .
وفي تصريح له على هامش مشاركته في المؤتمر قال الشيخ/طارق العيسى – رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي – أن هذا المؤتمر إضافة متميزة على ما نعيشه من واقع اختلطت فيه الأمور وهو خطوة سباقة تحسب للأخوة في جمعية التربية الإسلامية وتحسب لحكومة البحرين الشقيقة وأتقدم في هذا الصدد بجزيل الشكر والامتنان لحكومة وشعب البحرين على حسن الضيافة وعلى ما يقومون به من بادرات طيبة مميزة لخدمة الإسلام والأمة الإسلامية وشكر خاص لجمعية التربية على حسن الأداء والترتيب والتنظيم الذي تميزت به فعاليات المؤتمر.
تعليقات