مثنيا عليه وكوادره..د.فيصل أبوصليب يكتب عن على تحويل كتلة العمل الشعبي إلى حركة سياسية منظمة

زاوية الكتاب

كتب 1958 مشاهدات 0


 



عمود سياسي 
الحركة الشعبية الدستورية «حشد» 
 
كتب د. فيصل أبوصليب
فكرة إعادة صياغة الإطار الذي تعمل فيه كتلة العمل الشعبي من كتلة نيابية تنسيقية داخل البرلمان إلى إطار العمل السياسي الحزبي المنظم تحت اسم الحركة الشعبية الدستورية فكرة ليست جديدة بل تعود إلى المحاولات التي تمت من قبل بعض نواب التكتل مثل مسلم البراك والدكتور حسن جوهر في عام 2003، ولكن هذه الفكرة تعود هذه الأيام من جديد لتطرح على الساحة السياسية من قبل بعض نواب التكتل وفي مقدمتهم النائب مسلم البراك الذي استضاف في ديوانه قبل أيام الاجتماع التحضيري الأول للعمل على تحويل كتلة العمل الشعبي إلى حركة سياسية منظمة.
والواقع أنه بغض النظر عن اتفاق البعض أو اختلافه مع هذه الخطوة إلا أنه يجب القول أن مثل هذه الخطوة سوف تصب حتما في صالح تطوير العمل السياسي في الكويت بشكل عام من خلال المساهمة في تأطير المشاركة الشعبية السياسية وفق آفاق أكثر رحابة واتساعا من الإنتماءات الفرعية الضيقة كالإنتماءات الطائفية والقبلية والعائلية.
صحيح أن كتلة العمل الشعبي تعتبر كتلة نيابية تنسيقية بين عدد من النواب حول بعض القضايا المطروحة تحت قبة البرلمان، وصحيح أيضا أن نواب التكتل الشعبي السابقين والحاليين ينتمون إلى خلفيات سياسية متباينة ويعتمدون على قواعد شعبية مختلفة «فمثلا سيد عدنان عبدالصمد وأحمد لاري كانا عضوين في التكتل في الوقت الذي كانا ينتميان فيه فعليا إلى أحد التنظيمات السياسية الشيعية القائمة بالفعل وهو التحالف الإسلامي الوطني». كذلك فإنه لايمكن إغفال نقطة أنه مازال من الصعوبة وضع خطوط واضحة تحدد ملامح الخلفية السياسية والفكرية للتكتل. فقد تشكل التكتل في عام 1999 بعد خسارة أحمد السعدون لكرسي رئاسة المجلس من مجموعة من النواب بزعامة السعدون الذين اتفقوا حول بعض القضايا الأساسية ومن أهمها الدفاع عن الثوابت الدستورية وحماية المال العام، ولقد ساهم انضمام أعضاء قبليين بارزين مثل مسلم البراك ووليد الجري للتكتل الشعبي بشكل كبير في انتقال جبهة المعارضة السياسية إلى المناطق الخارجية.
وبغض النظر عن الانتقادات الموجهة للتكتل الشعبي ونقاط الضعف التي ربما تعيق عملية تحوله إلى العمل الحزبي المنظم كما أسلفنا وأهمها عدم وجود برنامج سياسي واضح وعدم وجود انسجام واتساق في الخلفيات السياسية لأعضائه ما يشتت القواعد السياسية الشعبية للتكتل بين مختلف الخلفيات القبلية والحزبية، إلا أن التكتل يملك من نقاط القوة والميزات مايواجه هذه النواقص ويمكن أن يؤهله بشكل فاعل للتحول للعمل السياسي المنظم ومن أهم هذه النقاط الشخصيات الكاريزماتيه لأحمد السعدون ومسلم البراك اللذين يملكان التأثير السياسي الكبير لحشد الاصطفاف الشعبي حول أهداف التكتل وقضاياه. وهذه النقطة ربما تكون عامل قوة ونقطة ضعف في الوقت نفسه من واقع أنها ميزة وقتية ومرحلية تعتمد على كاريزما القيادات وهذا مايعرض التكتل للضعف وربما للتلاشي بمجرد غياب هؤلاء الأشخاص عن الساحة السياسية أو عن البرلمان. لذلك فالمطلوب من قيادات التكتل أن يضعوا في الحسبان عند تحويل التكتل إلى حركة سياسية منظمة أن يعملوا على تحويل الحركة من مايسمى في علم السياسة «بأحزاب الأشخاص» إلى «أحزاب البرامج»، والعمل على إعداد جيل جديد «إن صح التعبير» من القيادات الشابة التي ربما يكون لها دور في المستقبل لتولي قيادة الحركة.
كذلك فإن التكتل الشعبي يملك خاصية إضافية قلما تتوافر للأحزاب السياسية الناشئة إذا ماأراد التحول للعمل السياسي المنظم. فالعناصر الرئيسية التي تقوم عليها الأحزاب السياسية في جميع الدول الديمقراطية هي الهيكل التنظيمي والبرنامج السياسي والسعي للوصول إلى السلطة. وجميع التنظيمات السياسية تبدأ من تأسيس القواعد الشعبية المشتركة في البرامج والمبادئ العامة والهيكل التنظيمي الذي يشكل التسلسل الهرمي للحزب ثم تحاول الوصول للسلطة الذي هو الهدف الأساسي لجميع الأحزاب السياسية من أجل تحويل برامجها السياسية إلى سياسات ملموسة.
أما التكتل الشعبي بشكله الحالي فيبدو أنه يريد الانتقال من الأعلى إلى الأسفل من واقع أنه استطاع تحقيق هدف الوصول للسلطة  «وفق الإطار السياسي الكويتي» من خلال الوصول والمشاركة السياسية في البرلمان وبعد ذلك بدأ يسعى إلى وضع الهيكل التنظيمي والبرنامج السياسي الذي تتفق عليه القواعد السياسية الشعبية.  وهذه نقطة مهمة وربما تكون إيجابية لصالح عملية تحول الكتلة إلى حركة سياسية منظمة يجب على قيادات التكتل الالتفات لها ودراستها جيدا قبل ترجمة المقترحات إلى واقع سياسي ملموس.
أضف إلى ذلك أن «حادثة التأبين» وبغض النظرعما إذا كانت قد ضخمت من قبل بعض الأطراف بهدف إحداث انشقاق في صفوف التكتل إلا أن تبعاتها ربما تكون قد أحدثت نتائج إيجابية قد تخدم عملية تحول التكتل إلى حركة سياسية منظمة. حيث أن انضمام بعض الأطراف الشيعية مثل سيد عدنان عبدالصمد وأحمد لاري المنتمية أساسا إلى تنظيمات سياسية شيعية قائمة بالفعل ولها أيدلوجيتها التي تقوم مثلا على أسس دينية راسخة مثل مبدأ «ولاية الفقيه» والتي ترتبط بمرجعيات فكرية وسياسية ودينية معينة كان من المحتمل جدا أن يعيق وضع برنامج سياسي واضح المعالم يميز التكتل الشعبي عن غيره من التنظيمات السياسية. أما في الوقت الحالي وبعد ابتعاد الأعضاء الحزبيين فإن مسألة تأسيس الحركة السياسية بالنسبة للتكتل قد تبدو ممكنة إلى حد كبير.
ولكن وفي المقابل فإنه يجب على التكتل أن يعمل على إعادة استيعاب الدكتور حسن جوهر في صفوفه لأن وجود شخصية شيعية معتدلة ومستقلة مثل الدكتور حسن سوف يساهم بشكل كبير في توسيع القاعدة السياسية الشعبية للحركة الشعبية الدستورية المقترحة لتشمل القاعدة الشعبية الشيعية غير المأدلجة وغير المنتمية حزبيا وهذا بلاشك سوف يعطي للتكتل قوة سياسية إضافية.
كذلك من النقاط الإيجابية التي يمكن أن تحسب للتكتل في حال تحوله للعمل السياسي المنظم انتفاء صفة «الأممية» أو «العالمية» الموجودة بالفعل في التيارات السياسية الموجودة في الكويت سواء الليبرالية منها أو الإسلامية. بمعنى أن جميع التنظيمات السياسية الكويتية ترتبط بأيدلوجيات ومرجعيات سياسية تتعدى حدود الدولة السياسية وتتجاوز النطاق المحلي وهذا ماينظر له المواطن الكويتي بعين عدم الارتياح وربما الشك والريبة بناء على تجارب سياسية سابقة أهمها على الإطلاق «كارثة الغزو العراقي». أما فيما يخص التكتل الشعبي فإن إفراطه في إضفاء «الصبغة المحلية» على عمله وأهدافه قد يضفي عليه عاملا إيجابيا مهما يجعل من مسألة التحول للعمل السياسي المنظم عملية مقبولة إلى حد كبير بين الأوساط الشعبية، كما أن إنجازات التكتل في البرلمان فيما يتعلق بحماية المال العام والحفاظ على أملاك الدولة ساهمت بشكل كبير في زيادة مصداقية التكتل وفي توسيع القاعدة السياسية الشعبية المتعاطفة مع أفكاره وأهدافه.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك