افتتاح المخيم الربيعي لإحياء التراث الإسلامي
مقالات وأخبار أرشيفيةفبراير 18, 2010, منتصف الليل 1160 مشاهدات 0
افتتحت جمعية إحياء التراث الإسلامي المخيم الربيعي الثاني الذي تنظمه لجان الدعوة والإرشاد في محافظة الفروانية والتابعة لها تحت شعار قوله تعالى :{ صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } .
وقد كانت أولى فعاليات المخيم كلمة لسماحة للشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ – مفتي المملكة العربية السعودية – حول (أهمية ثبات الدعاة في زمن المتغيرات) قال فيها : إن الدعوة الى الله خلق كريم ووظيفة أنبياء الله ورسله ومن سار على نهجهم { قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين } ، وأخبر جل وعلا عن فضل الداعي الى الله بقوله : { ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحاً وقال أنني من المسلمين } ، فلا أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحاً التزم الإيمان والعمل ، وقال إنني من المسلمين بمعنى أنه التزم ظاهراً وباطناً واستقام على الخير ولم يخالف قوله عمله ، بل أن قوله وعمله متطابقان .
وقال سبحانه وتعالى : { أدعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } فالدعوة الى الله تكون بالحكمة بمعنى تبيان الحق وبالموعظة لمن خالف والمجادلة بالتي هي أحسن لمن عنده آراء شاطة حتى يقتنع ويعلم الحق ويدركه ويفهمه .
وأوضح الشيخ / عبدالعزيز آل الشيخ بأن الدعوة الى الله من أجل الأعمال ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( من دعا الى هدى كان له من الأجر بمثل أجور من تبعه الى يوم القيامة لا ينقص ذلك منه شيئاً ) .
فيا أيها الداعي الى الله كن مخلصاً في دعوتك حتى تكون دعوتك مقبولة ، ولتختار الكلام المناسب والمكان المناسب ، فلا بد للداعي أن يكون عنده علم بحال المدعوين ، لأن للعلماء خطاباً وللجهلاء خطاباً .
وأضاف بأن على الداعي أن يختار الأسلوب المناسب لكل فئة ، لأن ذلك سبباً لاستمرار دعوته ومضيها ، وعليه أن يكون رفيقاً أثناء الدعوة ، فيتخلق بالرفق في دعوته ، فلا يكون عنده عنف في دعوته ، وأن يكون ذا حلم على المدعوين لو أسمعوه قولاً سيئاً ، ولا بد من حلم وعفو وصفح وتجاوز ، وأن يصبر على ما يصيبه ، لأن الناس إذا جاءهم أحد بخلاف أهوائهم لا بد أن يؤذوه .
وبين الشيخ بأن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل ، فنوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، وما آمن معه إلا قليل ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ناله من الأذى ما ناله ، وصبر على قومه .
فلا بد للداعي من صبر ، وأن لا يأمل انقياد الناس جميعهم له ، فلا بد أن يكون هناك معارضاً ومنازعاً ، فعليه الصبر والاحتساب وحسن النية ، وأن يكون حريص على الإخلاص والحلم والعلم النافع والرفق والتحمل وأن يعرض عن الجاهلين ، وأن يستمر في دعوته لأنه على طريق الخير .
وإذا كان الداعي عجولاً يريد هداية الناس بسرعة فإنه لا يصلح ، فالنبي مكث في مكة بضع عشر سنة يدعوهم وهم يؤذونه .
فالداعي الى الله عليه أن يقتبس من مهد النبوة في سبيل دعوته ، حتى يستعين بها ، وتكون نبراساً في دعوته يسير عليه ، ويستقيم عليها ففيها الخير الكثير والنفع العام .
بعد ذلك تحدث الشيخ/ د. عبدالعزيز السدحان (السعودية) حول المحور الثاني من المحاضرة وهو ( تأصيل المنهج الدعوي في ضوء الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ) ، وفي بداية كلمته شكر جمعية إحياء التراث الإسلامي على جهودها الطيبة في نشر العلم الشرعي ، داعياً الله تعالى أن يجزي القائمين عليها خير الجزاء .
وبين بأن أهل العلم من سلف الأمة قد أشبعوا هذا الموضوع في كتبهم ، وقد أوضحوه أتم إيضاح ، حيث أن وظيفة الدعوة الى سبيل الله من أشرف الوظائف ومن أرفعها قدراً ، وهذه الدعوة صوابها أن تكون النصوص الشرعية هي المصدر له في رسالته الى الناس .
كذلك تعظيم شأن التوحيد ، وهذا الأمر قد عني به أهل الخير ، وأعظمهم قدراً ومنزلة وهم الأنبياء ، فجميعهم جاءوا بدعوة التوحيد ، وتجنيب التوحيد مما يعكر صفاءه ونقاءه ، والنبي صلى الله عليه وسلم في جميع دعوته منذ أن بعثه الله إلى أن أدركته سكرات الموت وهو يدعو الى التوحيد .
ثم تطرق المحاضر الى شمولية المنهج الدعوي ، موضحاً بأنه من الخلل عند دعاة الخير اعتقادهم أن المنهج الدعوي لا يكون إلا في باب معين ، وليكن مثلاً في باب حفظ المتن ، أو في باب التعبد ، أو في باب الخروج في دعوة الناس ، فالمنهج الدعوي هو منهج شمولي ، فمن تأمل منهج النبي صلى الله عليه وسلم وتأمل سيرته الشريفة رأى أن فيها الشمول .
كذلك من سلامة المنهج الدعوي أن يكون الداعي على علم وبصيرة في فقه السياسة الشرعية في التعامل مع الناس ، ولهذا عني أهل العلم في هذا الباب ، وصدرت فيها المصنفات المستقلة مثل : ( كتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية ) وغيرها من المصنفات .
والسياسة الشرعية أن تتعامل مع الناس حسب النصوص ، فمن تأمل منهج النبي صلى الله عليه وسلم وجد أن هذا المنهج له عناية تامة ، ومثال ذلك كتابه إلى هرقل بقوله : إلى هرقل عظيم الروم ، وذلك لأن له عظمة تليق به ، ومن السياسة الشرعية كيف يتعامل مع الجاهل ، وذلك عندما أتى رجل ليبول في المسجد ، وقام الصحابة لزجره ونهره ، فيقول : دعوه ، وأريقوا على بوله الماء ، لأن هذا يجهل الحكم ، ولو دفع بقوة فربما ينتكس .
فالشدة لها مواضع واللين له مواضع ، وعندما توضع الشدة في غير موضعها أو العكس انقلبت الموازين .
بعد ذلك تحدث حول رد الأمور المشكلة إلى أهل العلم الراسخين ، فينبغي أن يسأل من يجهل ، والداعية الى الله على بصيرة عليه أن يتقرب ويتعبد إلى الله بالإمساك عما لا يعلم .
بعد ذلك تطرق الى تحكيم العواطف والقناعات الذاتية ، موضحاً بأن هذا من الخلل عند الكثير من دعاة الخير ، حيث أن بعضهم إذا اقتنع في أمر جعل قناعته قائداً والنصوص مقودة ، وجعل عواطفه تتحكم فيه ، فالنصوص الشرعية يجب أن تكون هي المصدر والمورد ، فإذا كان الإنسان يقدم قناعاته وعواطفه ، فإنه سيفسد ولا يصلح ، ويفرق ولا يجمع ، ويهدم ولا يبني .
كذلك على الدعاة أن يهتموا بنشر العلم الشرعي ودعوة الناس إلى الخير بغض النظر النتائج ، فالداعي على خير إن استجاب له المدعوون فله ولهم ، وإن أعرضوا عنه فله وعليهم ، ولهذا بعض الناس يفتر ويكسل ويترك جانب دعوة الخير إذا لم يرى استجابة ، فأعمال الخير ينبغي أن يعملها الإنسان بغض النظر عن النتائج .
كذلك على الداعي الى الخير أن يكون أسبق الناس إلى امتثال ما يأمرهم به ، وأن يكون أبعد الناس عما نهاهم عنه ، وأن تطابق أفعاله أقواله .
وأيضاً من الأمور المهمة المناصحة بين دعاة الخير ، لأنها ترقع النقص ، واحرص على أن تشير على أخيك بالخير ، وأن تدله على الخير ، كذلك الترويح عن النفوس ، فدعوة الخير جامعة وشاملة ، وبعض الناس يظن أن الترويح عن النفس فيه إهمال وإفراط ، فالترويح مشروع قد جاءت به النصوص ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعمل هذا الجانب ، فكان يسابق بين الخيل ، وهذا مما يعين النفس على النشاط .
بعد ذلك تحدث الشيخ/ إبراهيم الأنصاري حول نفس المحور ، فقال : إن تأصيل المنهج الدعوي هو رد الناس إلى الأصول التي كان عليها أنبياء الله في دعوتهم ، ودعوة الأنبياء قامت على ثلاثة أصول ، فالذي ينظر في كتاب الله عز وجل سيجد هذه الأصول واضحة ، حتى أنها تجتمع في آية واحدة ، وقد تأتي متسلسلة في آيات عديدة ، ونحن نحتاج الى نظر وتدبر في كتاب الله عز وجل .
وقد يتساءل الإنسان لماذا التركيز على هذا الموضوع ، فنقول : لأن هذا هو دعوة الرسل ، وهذا ما جاء به أنبياء الله تبارك وتعالى ، ولو اختصرنا القول ، فإن دعوة الرسل قامت على أصول ثلاث هي : بيان عظمة الله ، وعلى بيان الزاد الذي يجب أن يحمل في الطريق وهو الذكر والشكر والعبادة ، وعلى الجزاء الأخروي .
والعلم من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وما جاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن طلب العلم من غير هذه الأصول لن يدرك العلم ، بل أن ليس هناك علم ، ويقول ابن القيم – رحمه الله : ( والعلم أقسام ثلاث ما لها من رابع والحق ذو تبيان العلم بأوصاف الإله ، وفعله ، وكذلك الأسماء للرحمن ، والأمر والنهي الذي هو دينه ، وجزاءه يوم المعاد الثاني ، والكل في القرآن والسنن التي جاءت عن المبعوث في الفرقان ، والله ما قال امرؤ متحذلق بسواهما إلا من الهذيان ) .
فالأصول جاءت بأقوال واضحة وبعبارة سهلة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن المشكلة تكمن في النفوس ، والانحرافات التي تحصل فيها . يقول تعالى : { قرآنا عربياً غير ذي عوج } ، ومع هذا الأمر الواضح ، وعبارة النبي صلى عليه وسلم أوضح كذلك ، فلماذا ينحرف الإنسان ؟!
وأوضح الشيخ الأنصاري بأن من انحرف عن هذا المنهج الصحيح ، وهذه الأصول الواضحة البينة ، فاعلم أن هذا من خذلان الله تبارك وتعالى .
وقد يتساءل بعض الناس حول الحديث عن هذه الأصول ، ولم التأكيد عليها ، فنقول : : إن لم نؤكد على هذه الأصول فسيؤدي الانحراف إلى تحطيمها ، بل أقول : إذا لم نقرر الأصل الذي فيه إثبات الأسماء والصفات والأفعال لله عز وجل فستتحكم الأصول الأخرى .
فعندما يأتي الإنسان إلى أسماء الله وصفاته ، وينظر إلى الأصل الثاني وهو الذكر ، فبأي شيء يكون الذكر إن لم تكن هناك أسماء وصفات .
وما تكلم الأئمة والعلماء قديماً وحديثاً إلا ما عرفوه من الشر الذي سيحصل على هذه الأمة ، فهناك من يريد أن نداوي الأمة بالداء ، وأن نأخذ العزة من الأذلاء ، فالذل ملازم لكل من خالف منهج الله عز وجل .
فالقضية ليست أن هناك من يثبت صفات الله عز وجل وآخر ينفي ، فالقضية أعظم لأنهم بعد أن عطلوا قعدوا ، وأبطلوا أصولاً واضحة ، وتعاملوا معها معاملة المخالف لما جاء في كتاب الله عز وجل ، وبعد ذلك بدعوا أهل العلم ، بل كفروهم وسفكوا دماءهم .
وفي نهاية محاضرته أوضح الشيخ/ إبراهيم الأنصاري بأنه لا بد من التأكيد على رجوع الناس الى كتاب الله والى سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه سلف هذه الأمة ، فالخير كل الخير بالرجوع الى ذلك العصر .
والذي ينظر الى القضية نظرة عاطفية يحملها الجهل ، ويقول لا تفرقوا الأمة عندما تتكلمون في هذه المسائل ، فهم مختلفون مخالفون ، فيأتي واحد ويتكلم بكلام ، ويأتي الآخر ويتكلم بكلام آخر ، أما أهل الحق فبحمد الله هم على أصل واحد ، وما نشاهده اليوم من الضلالات والبدع والخرافات ما حصلت إلى من جانب التعطيل ، بل قلبوا الأمور ، فأصبح الشرك عندهم توحيد ، والتوحيد شرك ، فهم يرون أننا عندما ندعو إلى توحيد الله بأسمائه وصفاته أن هذا شرك .
والجدير بالذكر أنه تنظيم برنامج ثقافي النسائي على هامش المخيم تم فيه تنظيم عدة محاضرة مثل : محاضرة بعنوان : (إن التشبه بالكرام فلاح ) ، ومحاضرة ( سباق القلوب ) ، ومحاضرة ( صبغة الله .. الكنز المفقود ) .
أما برنامج الفتيات فتم فيه تنظيم محاضرة بعنوان : ( الحب العظيم ) ، ومحاضرة ( ارفعي المصباح عالياً ) ، ومحاضرة بعنوان : ( إياك واتباع الهوى ) .
تعليقات