عبدالله سهر يكتب أن وزيرة التربية مشغولة بتصفية إرث سلفها وتركت الحبل على الغارب

زاوية الكتاب

كتب 687 مشاهدات 0


الفساد في عالم الأكاديميا يا وزيرة التربية!

د. عبدالله يوسف سهر

الثلاثاء, 25 - سبتمبر - 2007



ونحن نتحدث عن ضرورة الإصلاح في مختلف الميادين ومحاربة الفساد ورموزه في جميع المكامن، لابد من معرفة أن أشد أنواع الفساد وأفتكها ذلك الذي يلتبس جلباب العلم ويعيش في ردهات دور العلم متلبدا عن الظهور إلا في المناسبات العامة تحت شعار الإنجازات المصطنعة.
ظواهر كثيرة غزت دورنا العلمية، منها التنفيع لدوائر المصالح الضيقة والمتزلفين، خرق القانون والنظم من دون أدنى احترام للدستور والمؤسسات الرقابية والإشرافية، محاربة التعددية واختزال الحق عبر استنساخ للوائح باطلة، تجاوزات علمية والتلاعب بالترقيات، شبهات الاعتداء على المال العام، التلاعب بالبعثات، التصيد والترصد للشرفاء والصادقين، التلاعب الصارخ بنظم التخاصم ولجان التحقيق، العبث بالتعيينات وفقا لمقاييس الجهلة والجهلاء، التدوير بين المناصب والضرب بمبادئ تكافؤ الفرص عرض الحائط، التلاعب بالمحاضر الرسمية لطمس الحقائق، التدليس والكذب بغرض نفي الحقائق المرة وتغطية المشكلات، وأحد الذين تم تعيينهم أخيرا بمنصب قيادي متهم بإثارة الطائفية في المؤسسة إذ يحرّض الأساتذة بعضهم على بعض لكن تم تعيينه من دون اكتراث لفداحة هذه التهمة، بل وصل الأمر إلى حد شبهات جديرة بالفحص والاطلاع والتدقيق عن أفراد قاموا بممارسات غير أخلاقية وتمت مكافأتهم أو السكوت عليهم. كل تلك الأمور تدور في دورنا الأكاديمية والبحثية من دون التفات حقيقي غير ذلك الاهتمام الآتي من القلة في السلطتين. صحيح أن الأكثرية البرلمانية قد صوتت لمصلحة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لكن الأمر يتطلب اهتماما أكبر مما عليه الحال.
السيدة وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي مشغولة بتصفية الإرث الذي تركه الدكتور عادل الطبطبائي في وزارة التربية، وتركت الحبل على الغارب ليغرق بما فيه في المؤسسات الأكاديمية تحت ذريعة احترام الاستقلالية. إنها كلمة حق نرجو ألا تكون مرادا لباطل يا سعادة الوزيرة. خلف الجدران المغلقة، السيدة الوزيرة تعاطفت وحدقت عيناها جراء ما قدم لها من حقائق ومما استمعت إليه من مخالفات جسيمة في بعض هذه المؤسسات الأكاديمية وقالت إن ذلك لا يسكت عنه، لكنها في الواقع لم تحرك ساكنا بل تركت البعض يستمر في مكانه وتم التجديد للآخرين ليكتمل العبث وتستمر شبهات الفساد التي تدور حولهم.
لا يا سيدتي لن نستطيع السكوت مهما بلغ احترامنا لك ومهما بلغ إعجابنا بك ومهما كان لنا من قول صادق بحقك عندما كنت مسؤولة في الوزارة قبل بلوغك الكرسي الزائل، فلن نسكت أو نساهم في استمراره، بل ولن نسمح بالمماطلة على حساب هذه المؤسسات التي لابد أن يكون لها دور حقيقي في نهضة الوطن. وكيف يكون لها هذا الدور وهي مرتهنة في شبهات هذه التهم؟ وكيف يمكن أن يكون لمؤسسات العلم هذه دور في إصلاح الوطن والمجتمع وهي تكابد محاولة البعض جعلها ضمن سلاسله المصلحية يفيد بها من يشاء ويبعد من يشاء؟
لذا فإن الاعتقاد أو التفكير بأننا قد نكل أو نتعب أو ربما مثلما يعتقد البعض اننا قد نخاف أو نرتاب من تدابير الليل وإشاعات الصبية، لعمري هو اعتقاد ليس بخطأ قادح عند من يتبناه فقط، بل هو اعتقاد باطل ساقط لا ينبئ صاحبه إلا بالوهم العظيم الذي يختلج في مخيلته. سنستمر بالنصح والحكمة والموعظة والكتابة وارتياد كل سبل الاحتجاج المباحة والمتاحة حتى يقضي الله أمره، فإما ننتهي بأجلنا المكنون في علمه تعالى أو ينتهي الفساد المعلوم من مؤسساتنا الوطنية. ونذكّر بقوله تعالى: «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأن إلى ربك المنتهى».

الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك