على الطراح يرى أن الديموقراطية الكويتية انحصرت في صناديق الاقتراع وعجزت عن تغيير السلوك وعززت الانغلاق في المجتمع

زاوية الكتاب

كتب 553 مشاهدات 0



تناقضات الدولة الضعيفة
الدكتور على الطراح
جدل في الساحة الكويتية حول جدوى الديموقراطية، فتيار يرى بالديموقراطية تعطيل لمشاريع الدولة وأنها تحولت الى مصدر لتصفية الحسابات وتحقيق مصالح فئوية، وتيار يؤمن فيها بصرف النظر عن نتائجها . في الحالة الكويتية نسمع أصواتا تنادي بتعطيل الدستور ومراجعة مسيرتنا لكي نصل الى ما هو أفضل وهذه الأصوات تحسب على التيار الليبرالي حيث بعض من هذا التيار ضاق ذرعا من قوى الإسلام السياسي كونها تستحوذ على الساحة، فالديموقراطية تعني لهم تحقيق برامج لا تخدم الليبرالية، وإنما تقوي من التيار المحافظ. وهذا ربما نعتبره أحد مآزق الليبرالية العربية، التي فشلت في إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم مع القوى الفاعلة في المجتمع. بكل تأكيد يجب الا نكون انتقائيين في فهمنا للديموقراطية فنعشقها عندما تخدم مصالحنا ونعاديها عندما تضر بنا ، فالديموقراطية هي خيار الغالبية، ولكن كذلك لا يعني عزل الأقلية، وحرمانهم من حرياتهم فهي عقد ومشروع حضاري يمكننا من التفاهم مع الخصم ووسيلة لحل الصراعات بطريقة حضارية.
لدينا كثير من النماذج الناجحة كحالة ماليزيا وتركيا وأفريقيا الجنوبية والهند حيث مكنت الديموقراطية هذه الدول من حل نزاعاتها بطريقة حضارية بينما تجربتنا في الكويت، وبالرغم من مرور أكثر من 40 سنة ظهرت عليها ملامح الشيخوخة وباتت تشكّل ثغرة في جدار المجتمع وساهمت في ظهور عصبيات كان لها ان تذوب بتطور الديموقراطية.
في كل الحالات كان للمواطن الخيار في صنع مستقبله، وفي اتخاذ قرارات صحيحة في اختياره لمن يمثله، ليس من منطلق المصلحة الخاصة وإنما مصلحة الوطن ،بخلاف الحالة الكويتية حيث انحصرت الديموقراطية في صناديق الاقتراع وعجزت عن تغيير السلوك وعززت الانغلاق في المجتمع وفشلت في بلورة مفهوم المواطنة كمظلة اجتماعية لكل الفئات الاجتماعية بمختلف تفرعاتها . في الحالة الكويتية الدولة وقفت عاجزة أمام المتغيرات الجديدة بل تراجع دورها ولم تعد فاعلة وبتخاذلها عن القيام بدورها أدى ذلك الى ظهور قوى جديدة تسعى الى بسط نفوذها الاجتماعي والسياسي وتمارس دور الدولة وتحقق للمواطن مبتغاه، ووجد المواطن العادي نفسه أمام حقيقة الانجذاب الى تيارات تحقق مصالحه في ضل غياب الدولة.
نموذج الديموقراطية الكويتي كان من الممكن ان يتطور بشكل أكثر فعالية ،لو عملت القوى السياسية ضمن رؤية مستقبلية تحتضن الجميع وتحقق مصالح الوطن وتنشر قيم الديموقراطية الا ان إخفاقها أدى الى حالة الاضطراب التي نعيشها اليوم. ولا نملك الا ان يعي الجميع بان الوطن يتسع لنا جميعا باختلاف انتماءاتنا الاجتماعية والسياسية والعقائدية وان لا مفر من مواجهة حقيقة ان الوطن للجميع.
وعلى المحبة نلتقي

 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك