الكتل السياسية منبر من لامنبر له.. هكذا تراها هيلة المكيمى ، فى ظل عدم وضوح رؤيتها وهلامية تياراتها
زاوية الكتابكتب سبتمبر 24, 2007, 11:21 ص 609 مشاهدات 0
الكتل البرلمانية «منبر من لا منبر له»
د.هيله حمد المكيمي
أحد الأسباب الرئيسة جراء تحفظي على فكرة إقامة الأحزاب في الكويت هو غياب الرؤية والخطاب الإعلامي الموحد لتلك التيارات، ففي الغرب يتكفل الناطق الرسمي باسم الحزب بالتعاطي مع الإعلام، ولكن في الكويت يدلي كل أعضاء التكتل بالتصريحات وإعلان اقتراحات الرغبة، التي أحيانا قد يتعارض بعضها مع البعض. فأعضاء الكتل وقعوا فريسة ما بين حب الظهور الإعلامي وتوحيد الخطاب الإعلامي بحصرها في الناطق الرسمي باسم الحزب.
فمازالت الكتل الإسلامية هلامية الرؤية وتتبع مقولة «اختلاف الفقهاء رحمة»، أما العمل الوطني فمازال يتعاطى بمفهوم القيادة الجماعية، اما التكتل الشعبي فلا اخفي إعجابي بطروحات والتكتيك السياسي لعدد من رموز التكتل الشعبي، لكنه أضحى الأكثر تمردا وتفردا وتتجلى متناقضاته في عدد من الصور.فقد شارك اعضاء التكتل في رسم ملامح حكومات الشيخ ناصر المحمد، وفي استبعاد من سموا بوزراء التأزيم. الا ان ذلك لم يمنع وقوع تلك الحكومات تحت طائلة نيران ذلك التجمع الذي استهل تعاونه مع الحكومة الاخيرة باستجواب وزير النفط السابق، فبعد ان دأب اعضاء التجمع في التأكيد على حكومة الشيخ ناصر المحمد على انها حكومة اصلاح، تراجع الخطاب على انها حكومة ذات نفس اصلاحي، والذي على ما يبدو انقطع على خلفية التصريح الاخير للنائب احمد السعدون قائلا إنني «لم اصف الحكومة يوما بأنها اصلاحية»!
تناقضات التجمع تكمن ايضا في علاقاته بالتيارات السياسية فهو اكثرها مرونة على الائتلاف وفك الارتباط مع غيره من التيارات. فقد تقارب الشعبي مع حدس في انتخابات الصيف الماضي بتبني مشروع الدوائر والندوات الانتخابية المشتركة والاتفاق بشأن انتخابات رئيس المجلس ونائبه. لكنه سرعان ما انقلب على حدس بشأن عدد من القضايا، إذ صار اكثر قربا الى العمل الوطني، لاسيما في استجواب وزير النفط السابق الا ان ذلك الائتلاف مازال موضع اختبار على خلفية المساجلات الاخيرة للنائبين البراك والمليفي. اما ابرز متناقضات ذلك التجمع فتكمن في خطابه السياسي، فلدى التجمع موقف موحد بشأن عدد من قضايا المال العام، اما غير ذلك فقد تبنى اسلوب الجزيرة في تحويل التجمع «الى منبر من لا منبر له» بطرح مختلف الأفكار التي قد يتعارض بعضها مع البعض. فحينما هاجم النائب محمد الخليفة حملة ترشيد وزير الكهرباء بمطالبته بما اسماه –وقف مؤشر العار، أسبغ النائب احمد لاري كثير الثناء على تلك الحملة التوعوية لاسيما مؤشرها ! وحينما جدد احمد السعدون تقديم مقترحه بشأن تنقيح الدستور، انبرى احمد لاري ليؤكد أن «مبدأ التنقيح مازال غير مقبول»!!
اشتملت تلك المقترحات على منع الوزراء غير المنتخبين التصويت في جلسات مجلس الأمة، واشتراط نيل الحكومة ثقة أغلبية النواب بعد تشكيلها وحق سحب الثقة دون ان يؤدي الى حل مجلس الامة. من الضروري ان نستحضر السياق التاريخي الذي طرحت فيه تلك المقترحات آنذاك حيث قامت العلاقة بين السلطتين على حال من التنافس بصورة تختلف عما هي عليه الآن من حيث المشاركة المباشرة للكتل في التشكيل الحكومي.
تلك المشاركة أربكت الكتل التي لم تعد توفق بين لعب دور الشريك الحكومي او المعارض. فلا اعتقد أن أيا من الكتل تمانع من ان يشارك ممثلها في الحكومة بالتصويت في جلسات مجلس الأمة. كما ان قبولها المشاركة في الحكومة هو بمنزلة اعطاء الثقة للحكومة مما لا يعطي مبررا لسحبها، لاسيما ان الحكومة لم تأخذ فترة زمنية كافية للانجاز.
ان الاستكمال الحقيقي لبناء المؤسسة البرلمانية هو في نضج التيارات من خلال تبني رؤية وبرنامج موحد، مما يؤهلها لاقامة حكومة الائتلاف في المستقبل، والحفاظ على ميثاق الشرف المزمع إصداره عن قريب لضمان استمرار الحياة النيابية. فكيف لنا ان نطالب باستكمال بناء المؤسسة البرلمانية في ظل هلامية التيارات السياسية!
❇ أستاذة العلوم السياسية – جامعة الكويت
تعليقات