قراءة في خطاب سمو الأمير

محليات وبرلمان

بلسم هدأ من روع النفوس وأكد التمسك بالدستور وأن تعديله لن يتم إلا من خلال آلياته

2126 مشاهدات 0


الخطب الأميرية تأتي عادة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أو تأتي قبل ذلك كنطق سام خلال إفتتاح أدوار الانعقاد في مجلس الامة ولهذا كان خطاب التاسع والعشرين من ديسمبر والذي ألقاه امس صاحب السمو أمير البلاد خطابا لافتا في توقيته ومعانيه ومضامينه وبالتالي في تاثيره .


الخطاب تضمن تأكيد من سمو الأميرعلى أن تعديل الدستور لن يتم خارج إطار الدستور فهذا الأمر غير مطروح و كل ما يطرح غير ذلك كالدستور الموقت أو الإستفتاء العام على وضع دستور موقت ليس سوى إشاعات ,كما كان لافتا إستناد الخطاب للدستور وللمباديء الدستورية في غير موقع .


و رفض الخطاب ان يفرض أحد ما أي وصاية على الدستور مؤكدا أن الدستور للجميع وهي إشارة بالغة الأهمية يتم فيها التأكيد ومن قبل رئيس الدولة أن الدستور كان وما يزال وسيظل محل إحترام من الجميع .


إذن وبعد هذا التأكيد الصريح والواضح لم يعد مقبولا أن يأتي أي نائب , كما حصل في الفصل التشريعي الماضي , ويطالب بتعطيل مواد الدستور كما سيكون مخجلا ومعيبا قيام صحيفة ما بالترويج لما يسمى بالحل غير الدستوري فإشارة رئيس الدولة سمو الأمير كانت في هذا الموضع قاطعه وواضحه ولا تحتمل أي لبس ومفادها ' الدستور باق '.


خطاب التاسع والعشرين من ديسمبر خطاب مفصلي تم فيه تحديد آليات العمل الديمقراطي فهذه الآليات وفقا للخطاب يفترض أن تمارس في زمانها وإطارها الدستوريين والمقصود هنا بالتأكيد ما قام به بعض النواب من تعهد في تجمع العقيلة بإستجواب رئيس الوزراء ووزيري الإعلام والداخلية ردا على تداعيات فتنة قناة السور , وإشارة سمو الأمير إلى ذلك تأتي كإنتقاد لهذا الإجراء الأمر الذي يتطلب بالفعل من النواب جميعا تحديد مدى دستورية وقانونية التعهد بإستخدام أداة دستورية بناء على طلب أو ضغط من الشارع.


وتضمن الخطاب وبوضوح رفضا قاطعا لتهديد الأمن الإجتماعي , كما بدأ فيه ألم سمو الأمير من محاولة البعض اللعب بالنسيج الإجتماعي في الكويت وفي ذلك إحساس من سمو الأمير بما ألم بالشعب الكويتي من ألم وحسرة بسبب طرح القضايا العنصرية بصورة تهز الوحدة الوطنية .
كما تضمن الخطاب دعوة صريحة لتجنب الخوض في تداعيات هذه الفتنة طالما كانت في عهدة القضاء وفي ذلك طلب من الجميع تجنب الخوض في تفاصيل هذه الفتنه وتركها للقضاء, كما ان في ذلك دعوة غير مباشرة لأعضاء مجلس الأمة للإكتفاء بالإجراءات الحكومية التي نوه الخطاب عنها .


المنطق والحكمة والعقلانية تحتم برأيي الشخصي من لجنة 'إنقاذ' المدنية التي كانت وراء التعهد النيابي بتقديم الإستجوابات بأن ترفع الحرج عن النواب وأن تكتفي بما جاء في خطاب صاحب السمو الأمير من تأكيد على رفض الفتنة والمس بالنسيج الإجتماعي وفي ذلك ضمانة لم تكن متوفرة قبل هذا الخطاب, أما النواب فلهم أن يحولوا التلويح بالإستجواب إلى لجنة تحقيق لتحديد المسؤولية بشكل دقيق, وليس في ذلك تراجع عن موقف مسبق فالتعهد بالإستجواب تم حينما كانت الحكومة مقصرة في أداء واجبها فيما يتعلق بتطبيق القانون أما الآن وبعد إتخاذ الحكومة لإجراءاتها وبعد ما تضمنه خطاب أب السلطات جميعا من رفض للممارسات العنصرية والطائفية فإن المسؤولية الوطنية تحتم الرد على تحية سمو الأمير بتحية أحسن منها .


الخطاب الذي وجه للمواطنين بشكل أساسي تضمن خشية واضحة من تعرض الديمقراطية لإنتكاسه مفصلية بسبب ما اسماه الخطاب تسييس الأمور والخروج على الضوابط التي رسمها الدستور وهو تحذير جدي يتطلب التمعن فيه خصوصا أن هذه الخشية تصدر من رئيس الدولة .


وكعادة سمو الامير في توجيه النصح لوسائل الإعلام إعتبر سمو أن الالتزام بمعايير المهنية السليمة أمر ضروري , وان إنجازات الديمقراطية لا تتكامل إلا بدور إيجابي ومسؤول لوسائل الإعلام ولهذا يجب على ملاك الصحف والفضائيات أن يدركوا أن مصير الشعب الكويتي لن يحدده صراع هؤلاء الملاك فإلتزامهم بالإعلام المهني أصبح واجبا وطنيا كما أنه واجبا أخلاقيا فالوحدة الوطنية بتعاريفها المختلفة بمثابة لحم كويتي حي لا يجوز أن تنهشه المصالح والغايات الضيقة المرتبطة بمناقصة هنا ونفوذ هناك .


الخطاب المفصلي كان بمثابة البلسم الذي هدأ من روع النفوس في وقت غابت فيه العقلانية والمنطق .

(تنشر بالتزامن مع مدونة القحطاني)

الآن-داهم القحطاني

تعليقات

اكتب تعليقك