غياب الملف الأمني عن قمة الكويت ال30

محليات وبرلمان

1837 مشاهدات 0


 لم يستطع العسكري المقيم بداخلي تجاوز غياب الملفات الأمنية عن قمة قادة مجلس التعاون 30 في الكويت،حيث طغت الصبغة  الاقتصادية والمالية على جدول اعمال القادة، وشملت تلك الملفات المعلن عنها الربط الكهربائي، العملة الموحدة، السوق المشتركة، الاتحاد الجمركي، والسكك الحديدية. حتى صار من حقنا التساؤل إن كانت النجاحات الكويتية التي تم حصادها من القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في الكويت يناير 2009م قد اغرت بتكرار التجربة بشكل تقتصر فيه على دول مجلس التعاون فقط .

إن مايقلق الباحث في امن الخليج العربي هو طغيان الصيغة الحذرة والاسترضائية التي تغلف بيانات قمم المجلس عندما يأتي الحديث عن الجوانب الامنية الخليجية ،و'من شب على شيئ شاب عليه 'كما تقول العرب ففي البيان التأسيسي لمجلس التعاون قبل 30 عاما في أبو ظبي في 25 مايو 1981 م كانت عبارات التأسيس هي 'إدراكاً من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودول قطر ودولة الكويت ، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية ، ولما تشعر به من أهمية قيام تنسيق وثيق بينها في مختلف المجالات ، وخاصة في المجالات الإقتصادية والاجتماعية ، ولإيمانها بالمصير المشترك ووحدة الهدف اللذين يجمعان بين شعوبها ولرغبتها في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط فيما بينها في جميع الميادين ، واقتناعا بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بينها إنما يخدم لأهداف السامية للأمة العربية ، وتمشياً مع ميثاق جامعة الدول العربية الداعي إلى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى ، وتوجيه جهودها إلى ما فيه دعم وخدمة القضايا العربية والإسلامية ، أقامت هذه الدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية' .  وعليه كان التنسيق المطلوب كما جاء في البيان في المجالات' الإقتصادية والاجتماعية' ولم يرد ذكر للتعاون الامني  لا بمعناه العسكري او الشامل. لقد غاب الهاجس الامني رغم أن العراقيون  كانوا في تلك الايام نفسها يولون مدبرين من اطراف الاحواز بعد المرحلة الاولى من الحرب العراقية الايرانية، وهي الايام نفسها التي اغارت فيها طائرات F16 الاسرائيلية لتدمر مفاعل تموز النووي العراقي،فكان هناك ثغرتان عسكريتان في نظام الامن الخليجي والعربي مركزهما قرب طاولة من كتب البيان ومنعته الدبلوماسية والحذر من التطرق للتعاون الامني، لتلافي تهمة الايحاءات الاميركية كسبب لقيام المجلس ، ولاعطاء رسالة انه غير موجه ضد احد، ثم لنفى تهمة انه حلف عسكري جديد .

 

لم تكن البيئة الامنية مستقرة في الخليج العربي حين ولادة المجلس قبل 30عاما ولا يمكن وصفها بالاستقرار حاليا، ومع ذلك لم يتجاوز ماصدر حتى الان  بضع اشارات  مغتضبة حول اهتمام المجلس بما يجري في الشرق الاوسط والصومال وافغانستان والملف النووي الايراني. لقد تمت الاشارة الى تأثير الحرب مع الحوثيين على أمن الخليج بعد ان اصبحت  المملكة العربية السعودية الشقيقة طرفا فيها ، لكن تلك الاشارة حملت البعد السياسي اكثر من حملها للبعد الامني، في الوقت الذي توقع فيه المراقب الخليجي  تفعيل ولو جزئي لاتفاقية الدفاع الخليجي المشترك والتي وقعت قبل عقد من الزمن، وانبثق منها  إنشاء مجلس للدفاع المشترك ولجنة عسكرية عليا .

إن الملف العسكري الخليجي مثقل بالعديد من القضايا، وحتى لاتسكرنا النجاحات بمشروع حزام التعاون والاتصالات المؤمنة لربط مراكز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي بدول المجلس آلياً، او توحيد الكراسات والمناهج العسكرية أو التمارين المشتركة فما زالت هناك الكثيرمن الملفات التي لا تقل سخونة عن الملفات الاقتصادية ، فقوات درع الجزيرة قد اعيدت الى أوطانها،ولا زلنا في انتظار ما تم حيال 'دراسة واقتراح' خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي قدمها في قمة الدوحة الخليجية في عام 2007م لتطوير قوة درع الجزيرة . كما لازلنا في انتظار ما ستفرزه 'رؤية دولة قطر' التي تلتها، ونخص بذلك جانبها الامني، كما لا زلنا في انتظار ما تمخض عن ورقة دولة الكويت حول 'التحديات الإقليمية والدولية' التي قدمتها في قمة الرياض الخليجية في عام 2005م . بل ان اهم الملفات هي تأخر صدور استراتيجية الدفاع العسكري الموحدة لدول المجلس  لمدة30 عاما ، وهذه الاستراتيجية هي الدليل الذي تبنى عليه كافة الجهود العسكرية في جميع الدول والتحالفات العسكرية، مما يجعل غيابها أمرا  مثيرا للحيرة ولا يبرره إلا وجود اختلاف يهدد التعاون العسكري الخليجي أو غياب الشفافية أو طغيان الصيغة الحذرة والاسترضائية  منذ 30 عاما في كل ما له علاقة بالجانب العسكري في قمم مجلس التعاون . وإذا استثنينا أهمية الملفات الاقتصادية ، فهل من الحصافة ان تنزوي خجلة تلك الملفات العسكرية الهامة بينما ينجح بعض الاكاديميين من مكاتبهم المترفة في  فرض مناقشة التعاون في مجال براءات الاختراع ؟

 

 

 

الآن - د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك