محمد الوشيحي شعر بأنه يوسف الإبراهيم بعد أكل التشريب

زاوية الكتاب

كتب 713 مشاهدات 0


آمال / جرّبوا التشريب توبة، أقسمت على نفسي ألا أقبل دعوة الصديق ذاك على الفطور مرة أخرى ما حييت. الأخ وضع الفطور أمامنا (كان صحن التشريب أقرب الصحون لي، أشقر ممسوح بالسمن، منظره كان فتنة، حمانا الله وإياكم من الفتن). لم يبق على الأذان سوى عشر دقائق، على ذمة صاحب الدعوة. ولا أدري لماذا امتدت العشر دقائق تلك إلى أربع ساعات وثلث، أو هكذا تخيّلت. حاولت أن أسلّي نفسي خلالها بالحديث همسا مع الصحن الدلّوع، غازلته، فضفضت له كيف لم أنم طوال اليوم، اشتكيت له ظلم الجوع وقسوته... مضت ثلاث دقائق، أو قل ساعتان ونصف وخمس ونحن ننتظر رحمة المؤذن التي تأخرت كثيرا، فانفعلت ونهضت واقفا على السفرة مخاطبا صحن التشريب بالفصحى: وحياة أمك لأمسحنك مسحا أنت وذريتك من بعدك، المسألة مسألة وقت، أمهلني سبع دقائق فقط وسترى. ثم صرخت في وجه صاحب الدعوة: يا عمنا تأكد من المؤذن لا يكون مات في هالليلة المباركة، ترى مو وقته، والا أقول لك، عطني رقم موبايله أدق عليه وأشرح له ظروفي. وفجأة... حلت الرحمة وارتفع صوت الأذان، وقبل أن ينتهي، كنت قد نفذت وعيدي ومسحت الصحن، وانصرعت بجانبه على السفرة، ودخلت في نوبة هلوسة تزامنت مع دوران النجوم حول رأسي... انتابني شعور بالعظمة، شعور بأنني يوسف الإبراهيم (الوزير الأسبق أو الرجل الخفي) الذي يزن حكومتين وثلاث هيئات مستقلة لوحده، والذي لا تُصد رغباته ولا ترد... ورغباته بالكيلو متر المربع الله يسعده. شعرت بأنني مثله، أحصل على الأراضي التجارية الممتدة، منحة من الحكومة، بينما المواطن لا يحصل على بيت العمر قبل خمسة عشر عاما، يأكل خلالها الهواء القرمزي في معلبات بلاستيكية. شعرت بأن كل شيء توفره لي الدولة على حسابها، ولا يكفيني، ولن أكتفي أو أرتاح ما لم يُلغَ مجلس الأمة والدستور والهرطقات التي تتحدث عن حقوق الشعب.. ماذا يريد الشعب أكثر؟ ها هو يأكل ويشرب. زقوم إن شاء الله. شعرت بأنني أكره البرلمان وأكره سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الذي ألغى اكتتاب شركة أمانة، وأتمنى استبداله فورا، بعد أن أشيع عنه خوفه من الكتلة التي رفضت السماح لي بالاستحواذ على خطوط الطول والعرض بحجة «المبادرة» (الجميل في المبادرات أن من شروطها أن يكون صاحبها من أهل الشويخ أو الضاحية، ولو تقدم أحد سكان الفحيحيل - مثلا - بمبادرة، فسيبادرونه بطراق على خشمه الكريم). جربوا التشريب بعد الجوع، وستشعرون بالعظمة، وبرغبة عارمة في الاستحواذ على أراضي الدولة بالمجان، وستهتفون جميعا... «الغوا الدستور».
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك