د. يعقوب محمد حياتي يربط بين واقعة فساد نائب برلمانى مصرى فى قضية أكياس الدم الفاسدة وبين احتمالات وقوعه فى الكويت بصور أخرى

زاوية الكتاب

كتب 740 مشاهدات 0


خبر قصير بشأن مشرع فاسد دموي كبير! مشكورة وعلى ذمتها نشرت صحيفة »الوسط« اليومية وهي من بين احدى الصحف الحديثة التي صدرت مؤخراً بعد سريان قانون المطبوعات والنشر الجديد الصادر في عام 2006 في الصفحة الاخيرة رقم »32« من عددها الصادر يوم الاحد الموافق 9 سبتمبر سنة 2007 في العدد »121« خبراً قصيراً بعنوان »توقيف نائب مصري بسبب فضيحة توريد أكياس دم ملوثة« أود ان اعرضه حرفياً كما نشر على القارئ الكريم الذي ربما يكون قد فاته الوقوف عليه لاي سبب من الاسباب, وأعلق عليه لفرط أهميته ببعض الانطباعات الخاصة وذلك على النحو التالي: أولاً: مضمون الخبر القصير: جاء في الخبر القصير كما نشر في جريدة »الوسط« حرفيا مايلي »أمرت محكمة مصرية أمس السبت باعتقال نائب في الحزب الحاكم باعت شركته أكياس دم فاسدة لوزارة الصحة, ما ادى الى فضيحة تسببت في نقص كبير في التبرع بالدم في مصر. وطلب القاضي احمد عزت العشماوي ايداع النائب هاني سرور الحبس مع ستة اشخاص اخرين بينهم شقيقته, الى حين استئناف محاكمتهم في الحادي عشر من نوفمبر, اذ انهم جميعاً متهمون بالاحتيال. وفي يناير الفائت, اتهم موظف في وزارة الصحة علناً النائب سرور بالاحتيال, والنائب سرور ينتمي الى الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم برئاسة الرئيس المصري حسني مبارك. وأكد أن شركة »هايدلينا« المزودة الوحيدة لوزارة الصحة بأكياس الدم والتي يتولى النائب سرور ادارتها باعت عشرات الآلاف من أكياس الدم الملوثة, واختلفت الطبيعة الحقيقية للتلوث في اكياس الدم من كيس الى اخر, الفضيحة تسببت في حالة ذعر في صفوف السكان ما ادى الى تراجع التبرع بالدم بنسبة 70 في المئة في البلاد, وفق الارقام التي اصدرتها الوزارة انذاك. وقد رفعت الحصانة البرلمانية عن النائب سرور وبدأت محاكمته في يونيو. انتهى الخبر القصير المنشور في صحيفة »الوسط«. ثانياً: الانطباعات الخاصة: ويثير لدى هذا الخبر القصير سالف الذكر بعد قراءته الانطباعات الخاصة التالية: الانطباع الاول: من الناحية الشكلية والمهنية الصحافية جاء الخبر القصير السابق في الصفحة نفسها التي نشر فيها الدكتور المحترم محمد المقاطع مقالاً له بعنوان »نحو مبادرة شعبية لوقف فساد اعضاء مجلس الأمة« والقاسم المشترك الجامع بين الخبر والمقال وهو جنوح قطاع بارز من النخبة السياسية العليا وهم ممثلو الامة نحو ابشع صور الفساد المتمثلة بالجرائم والخروج على القانون, كمثال للانحراف في السلوك الانساني الساقط, ولا أعلم هل جاء ذلك من صحيفة »الوسط« بشكل تصادفي او متعمد, مع الاقرار بان مضمون المقال ومضمون الخبر يسند كل منهما الاخر في الاهداف مع ملاحظة فوارق التفاصيل بينهما. وعلى أي حال يشكر الدكتور المقاطع على طرحه وارجو له ان يرى النور قبل خراب البصرة, ولكن كيف يرى النور مع وجود ظاهرة النائب الجانح والمشرع الفاسد في البرلمان, خصوصاً ان هذا المقترح يناهض مصالحه الدائمة ويتصدى لخبزه اليومي وهو الفساد والعبث والارهاب والمتاجرة بالدستور على طريقة حاميها حراميها?. الانطباع الثاني: ان القضاء العادل بكل الضمانات القانونية والدستورية في تقرير مبدأ العدل الذي هو أساس الملك وضمان للحقوق والحريات يستطيع بسمو وبشموخ وبشجاعة ان يلعب دور الدرع الحامي والحصن الذائد لضحايا الجريمة في مواجهة أناس دمويين غارقين في الانحراف وضالعين في الاجرام, عندما يصور هؤلاء الناس انفسهم بعد ان انعدمت ضمائرهم انهم بمنأى عن المسؤولية القانونية, بل وفوق مستوى المساءلة القانونية من اي نوع كانت, لمجرد انهم نواب محصنون, فيتمترسون بالحصانة البرلمانية لذواتهم أو يتعصبون لزملائهم في المجلس النيابي مع انهم يخوضون خوضاً بلا ذمة حقوق الناس وحياتهم وصحتهم وأموالهم واعراضهم وحتى دمائهم كما جاء في الخبر القصير المنشور, ومع ذلك يتهربون من المسؤولية او مواجهة القضاء العادل عند مخاصمتهم او طلب رفع الحصانة البرلمانية عنهم, وهذه حالة سياسية مزرية ظاهرة ومتفشية بمجلس الامة في دولة الكويت ما عادت تحتمل, وتستوجب حلاً بالتدخل التشريعي الصارم, ولكن هل تفعلها الحكومة الخائفة من كل شيء وتتخذ موقف الممتنع عند التصويت على طلب رفع الحصانة مع انها هي التي تقدمت بطلب رفع الحصانة عبر الوزير المختص كما هو دارج عندنا. الانطباع الثالث: ان الحصانة الحقيقية للنائب او اي انسان اخر هي كرامته الانسانية التي يجب ان يتمترس بها حقاً ويضعها قبل اي شيء فوق اي اعتبار لانها لصيقة بشخصه كبني آدم مكرم, قبل ان يلوذ بالحصانة المؤقتة الطارئة عليه وهي الحصانة البرلمانية وهو يؤدي مسؤولياته النيابية تجاه من يمثله من الامة باسرها بصدق وبامانة وليس بكذب وخيانة, فاذا كان النائب, مع شديد الاسى والاسف, جانحاً نحو الاجرام لاي سبب من الاسباب او يخفي في داخله مجرماً خفياً لانه يعرف نفسه حق المعرفة قبل ان يعرفه الغير, وجاء للنهب والسلب والارهاب والاعتداء على الناس وعلى المال العام والاثراء من وراء العضوية والتظاهر بحماية الدستور وصون القانون, فان اسقاط ذلك يكون من اخطر ما يمكن على الممارسة الديمقراطية والنظام الديمقراطي باختلال القدوة السياسية والمثال الصالح, وذلك بانتخاب المرشح الفاسد واتاحة الفرصة له بادخاله في بيت الامة في ثوب النائب الجانح والمشرع الفاسد, فكيف يكون حال الامة ومصالحها وكيف يكون بعد ذلك حال التشريع المنظم لحال الامة من هذا النائب الجانح وهذا المشرع الفاسد سوى المزيد من الفساد المتدفق المتدافع نحو الفساد الفائض المستشري?. فلماذا ما حدث عند الغير والمتاجرة بدماء الشعب الضحية كما جاء في الخبر القصير المنشور لا يحدث عندنا في الكويت, وما المانع ان يحدث في الكويت في وجود النائب الجانح والمشرع الفاسد بضمير منعدم بشكل ظاهر وبارز تحت اشكال مختلفة وصور اخرى? اضاءة كبيرة للغاية أنصح القارئ الكريم باعادة قراءة الخبر القصير المنشور في جريدة »الوسط« بالكيفية الواردة في صدر هذه المقالة أكثر من مرة, وسيكتشف ان النائب الجانح والمشرع الفاسد عندنا انكى واكثر انحرافاً في عالم الانحراف السياسي وميدان الانحراف التشريعي واستغلال النفوذ والسلطات النيابية للمصالح الشخصية الذاتية ولمصالح الاقارب المقربين وحتى الاباعد البعيدين عبر اصدار التشريع الفاسد, لان النائب الجانح والمشرع عندنا يصور نفسه بانه معصوم لا يخطئ وملاك فوق مستوى الشبهات وهو في الوقت نفسه غارق في الشبهات, ومع ذلك يرمي الناس باثقل الحجارة وبكل الارجاس وبشتى التهم ولا ينظر الى نفسه لانه يعتقد واهماً متوهماً وهو المرتمي في الفساد بكل صوره من أعلى قمة رأسه الى مادون اخمص قدميه بمناوراته المفضوحة وتصويتاته المتكتكة عبر الفصول التشريعية المختلفة انه يستطيع ان يخدع كل الناس, كل الوقت!. * عضو مجلس الشورى الخليجي ونائب سابق في مجلس الأمة د. يعقوب محمد حياتي
السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك