محمد عبدالقادر الجاسم يشعر برغبة شديدة في الابتعاد عن الشأن العام لأنه يأس
زاوية الكتابكتب سبتمبر 13, 2007, 12:35 م 548 مشاهدات 0
هل يكسب «طمام المرحوم»؟
كتب محمد عبدالقادر الجاسم
منذ سنوات طويلة وأنا أتمنى بلوغ مرحلة معينة من مراحل الحرية الشخصية في حياتي
الخاصة، وهي مرحلة التحرر من الالتزام بعمل معين وإطلاق العنان لتداول الأفكار
والتعبير عنها دون قيود سياسية أو اجتماعية. وبعد استقالتي من العمل في صحيفة الوطن
باشرت الكتابة في موقعي على الأنترنت، وقد كتبت في تعريف الموقع «إن حرية التعبير
من الحقوق الأساسية للإنسان التي لا يجوز التفريط فيها. وإذا كانت هناك وسائل
تقليدية يتاح للمرء أن يعبر عن رأيه من خلالها، كالصحف اليومية والأسبوعية أو محطات
التلفزيون، فإن سقف الحرية في تلك الوسائل تتحكم فيه إلى حد كبير جدا الأهواء و
المصالح السياسة والاقتصادية والانتماء الاجتماعي والاعتبارات الاجتماعية. ومهما
ارتفع سقف الحرية في الوسائل التقليدية فإن الإحساس بوجود «حد أقصى» للحرية من شأنه
أن يولد الإحباط في النفس. في هذا الموقع الذي يسبح في فضاء الانترنت سوف أمارس
حريتي في التعبير، وبالنسبة لي فإنه يكفيني أن أشعر بامتلاك الحرية، فهذا الشعور
يولد سعادة حقيقية». وأظن أنه وبعد مرور أكثر من سنتين على الكتابة في الموقع
يمكنني القول أنني مارست فعلا حقي في التعبير عن آرائي السياسية بمنتهى الحرية، وقد
استمتعت ولم أزل بهذه الحرية .
وبعد أن توقفت عن تقديم برنامجي «المجلس» في قناة الحرة، اتسع نطاق الحرية والوقت،
فتفرغت لتأليف كتابين أحدهما كان رسالة ماجستير في القانون الدستوري بعنوان «انحراف
الرقابة البرلمانية وموقف القضاء الدستوري الكويتي » والثاني بعنوان «روح الدستور».
وقد تم نشر الكتابين مؤخرا. وخلال الأشهر الأربعة الماضية وبعد انتهائي من تأليف
كتاب «روح الدستور» اكتفيت بالكتابة في الموقع ثم بدأت أكتب في هذه الزاوية التي
فاجأني المقدار الكبير لهامش الحرية فيها، إضافة إلى اقترابي أكثر من التداول في
الشأن السياسي المحلي. ولأن الأوضاع السياسية الحالية وما يدور من إشاعات حول نوايا
لفرض الحكم الفردي والانقلاب على الدستور، إضافة إلى الإخفاق الحكومي المتواصل
وشيوع الإحباط واليأس لدى العامة وتنامي حالة النفاق واستمرار النقاش حول مشكلات
الكويت على طريقة أيهما أسبق الدجاجة أم البيضة، فإنني أشعر برغبة شديدة في
الابتعاد عن الشأن العام والعودة مجددا للانغماس في البحث والتأليف حيث وجدت من
تجربتي السابقة أن هذه المسألة تؤدي إلى «تحرير العقل ».
وقبل أيام طرحت هذا الموضوع على أصدقاء رغبة مني في فحص واختبار الخيارات المتاحة
أمامي بين الانغماس في الجدل والعمل السياسي وتطوير موقعي على الانترنت إلى موقع
إخباري بالإضافة إلى ممارسة القدر اللازم من النشاط الاجتماعي الذي لا أطيقه، وبين
الانزواء والاكتفاء بالتعبير عن آرائي، سواء كان في الموقع أو في هذه الزاوية أو في
البحث والتأليف، من دون متابعة مكثفة للوضع السياسي في الكويت. كان رأي الأصدقاء هو
الانغماس في الوضع السياسي، وقد تقبلت هذا الرأي أثناء النقاش لكن ما أن انتهى
اجتماعنا حتى شعرت برغبة شديدة في العودة إلى حالة الهدوء و«تحرير العقل» بلا قيود
اجتماعية أو تحفظات سياسية مع استمرار ممارسة حقي في التعبير عن آرائي بلا قيود،
فأوضاعنا السياسية تبعث على الاشمئزاز حقا وأوضاع الكويت «ما عاد ينفع فيها» نقاش
أو جدل أو كتابة، فإما عمل جدي يتحدى المألوف أو الانهزام أمام «طمام المرحوم».
ولأن فرص العمل السياسي الجدي ضئيلة، فإن «طمام المرحوم» هو الذي يكسب في النهاية!
عالم اليوم
تعليقات