أحمد الديين يلفت إلى أن التلويح بإحالة الاستجواب للمحكمة الدستورية محاولات بائسة ومفضوحة للالتفاف على مبدأ المساءلة البرلمانية المقرر دستورياً
زاوية الكتابكتب نوفمبر 12, 2009, منتصف الليل 832 مشاهدات 0
مغالطة الإحالة إلى «المحكمة الدستورية»!
كتب أحمد الديين
حتى الآن لم يقدّم النائب الدكتور فيصل مسلم استجواباً جديداً موجّهاً إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد سواءً على خلفية موضوع مصروفات ديوان سموه، الذي سبق أن قدّم استجواباً سابقاً في شأنه، أو حول موضوع الشيك المصروف إلى أحد النواب السابقين أثناء توليه مسؤولياته الدستورية، الذي كشفه في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة، ولكن مع ذلك، وقبل الاطلاع على هذا«الاستجواب»، الذي لما يتمّ تقديمه، أطلق بعض النواب تصريحات صحافية وصفوا فيها هذا «الاستجواب»، وهو في علم الغيب، بأنّه غير دستوري، وهناك أخبار صحافية منشورة حول توجّه حكومي وآخر نيابي لإحالة مثل «الاستجواب» عند تقديمه إلى المحكمة الدستورية للنظر في مدى دستورية موضوعاته ومحاوره!
واللافت للانتباه أنّ مَنْ أطلقوا مثل هذه التصريحات ومَنْ نشروا هذه الأخبار غفلوا عن أمرين أساسيين، وذلك إما عن عمد وقصد أو ربما عن عدم معرفة واطلاع... أولهما: أنّ المحكمة الدستورية سبق لها في جلستها المنعقدة يوم 9 من أكتوبر من العام 2006 أن أصدرت حكماً تفسيرياً هاماً في شأن تفسير المادتين 100 و101 من الدستور، وبالتالي فلا معنى إطلاقاً لأن تتقدم الحكومة أو يتقدم مجلس الأمة بطلب جديد لتفسير المادتين ذاتهما المتصلتين بالاستجوابات وطلبات طرح الثقة، فهناك تفسير واضح أوردته المذكرة التفسيرية للدستور، وهناك حكم تفسيري مفصّل سبق أن أصدرته المحكمة، ومن العبث مطالبتها بإعادة تفسير ما سبق أن فسرته، وهذا خطأ يفترض أن يُنَبِّه إليه نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ راشد الحماد، الذي كان هو شخصياً رئيس المحكمة الدستورية وقت إصدار ذلك الحكم التفسيري!
والأمر الآخر أنّ المحكمة الدستورية في ذلك الحكم تحديداً قررت بوضوح وبصورة حازمة وحاسمة عدم ولايتها على وقائع وموضوعات الاستجوابات، حيث جاء في ذلك الحكم أنّه: “وإذا كانت هذه المحكمة قد أعملت ولايتها وباشرت اختصاصها بنظر طلب تفسير النصوص الدستورية سالفة الذكر وبينت دلالتها وحقيقة المقصود منها، فإنها تقف عند هذا الحد دون التطرق إلى بيان الحكم الدستوري لتلك النصوص بالنسبة إلى الوقائع والموضوعات التي كانت محلاً للاستجواب في شأنها، لانحسار هذا الأمر عن ولايتها”... وللتوضيح فقد كانت مناسبة صدور هذا الجزء من حكم المحكمة الدستورية أنّ الحكومة في العام 2004 أحالت إليها مع طلب تفسير المادتين الدستوريتين صحيفتي الاستجواب الموجّه من النائب مسلم البراك إلى وزير المالية الأسبق محمود النوري؛ والاستجواب الموجّه من النائب سيد حسين القلاف إلى وزير الصحة الأسبق الدكتور محمد الجاراللّه، فردّت المحكمة الدستورية على هذا التصرف بالقول إنّ ولايتها لا تمتد إلى النظر في وقائع وموضوعات الاستجوابين!
وبالتالي فإنّ الحديث المبكر عن إحالة «الاستجواب»، الذي لم يقدّم بعد، إلى المحكمة الدستورية حديث فارغ لا معنى له، بل هو مغالطة مرفوضة!
وفي السياق ذاته فإنّ محاولات الالتفاف الأخرى على أحكام الدستور واللائحة الداخلية بتأجيل مثل هذا «الاستجواب»، الذي لم يقدّم أو سواه من الاستجوابات آماداً طويلة؛ أو المناورة لإحالتها إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة؛ أو التستر على الوقائع الواردة فيها بعقد جلسات سرية لمناقشة مثل هذه الاستجوابات- إنما هي محاولات بائسة ومفضوحة للالتفاف على مبدأ المساءلة البرلمانية المقرر دستورياً، وسيأتي اليوم، الذي سيحاسب فيه التاريخ أي مشارك في مثل هذه المهازل إن حدثت!
تعليقات