نعاني ضحالة في النضج السياسي وفقرا في الثقافة الديموقراطية وجهلا في القيم البرلمانية وتواضعا في المصطلحات الإعلامية..إقبال الإحمد معقبة على مقالة عبدالله بشارة

زاوية الكتاب

كتب 1290 مشاهدات 0




13.. الله يستر! 

كتب إقبال الأحمد : 

 
الأمر العجيب في بلدي - للأسف - ليس تراجعه وتخلفه عن ركب التطور والتقدم.. وليس استدارته للخلف والابتعاد عن خط الانجازات، سواء في الانسان أو المعمار.. لا، ان عجيبة بلادي والطامة الكبرى فيها هي انه عندما يتحدث الحكماء والعقلاء فيها لا ينصت إليهم إلا القلة.
مصيبة بلدي انه عندما تصدح الحناجر وتعلو اصوات الجاهلين وتخط اقلام الحاقدين وتبث مواقع المتخلفين يستمع اليها الكثر، وتتفاعل معها الجماهير التي لا حول ولا قوة لها.. ليس لانها جماهير حاقدة او تضمر الشر لبلدها، لا والله.. بل لانها جماهير بسيطة تقاد بسهولة وتدغدغ مشاعرها من دون ادنى مجهود.
الطامة الكبرى في بلدي انه عندما يتكلم العقلاء والحكماء فيه لا ينصت إليهم الا القلة القليلة.. تلك القلة التي تدرك عمق كل كلمة يقولونها وبعدها الزمني..
شدني كثيرا مقال السيد الفاضل السفير عبدالله بشارة في «الوطن» تحت عنوان «هيبة الحكم ومخاطر الحراك» الذي نشر يوم 26 اكتوبر، الذي لخص فيه مرض المجتمع الكويتي -في نظري انا- بالتالي: «ما زلنا نعاني الضحالة في النضج السياسي وفقرا في الثقافة الديموقراطية وجهلا في القيم البرلمانية وتواضعا في المصطلحات الإعلامية».
ضحالة النضج السياسي لدى أغلبية المتعاملين مع التجربة الديموقراطية التي تعيشها الكويت منذ عشرات السنين من مسؤولين ووزراء ونواب وجهاز تابع لهم، كلهم سواء داخل مجلس الامة او خارجه، هي بيت الداء. وفقر الثقافة الديموقراطية لدى كل الشعب الكويتي الذي ينتقي منها ما يتفق مع مصالحه الطائفية والقبلية والعقائدية والمذهبية والخاصة، واخيرا ما يتفق مع مصلحة الوطن هي المغذي الاول والرئيسي لضحالة النضج السياسي.
اما تواضع المصطلحات الاعلامية فهو بحق البهارات التي تذر على كل الطعام الشهي لتحوله الى مذاق مر وعلقم حاد يحشر اللقمة في البلعوم ويثير الغثيان.
تلك المعادلة -أستاذي الفاضل- حولت كويت الإنجازات إلى كويت القيل والقال.. لا هم لنا إلا ماذا قالوا وماذا سنقول؟ من هاجم وكيف سيكون الرد؟ نسينا الجوهر أو تناسيناه وتشبثنا بالمظهر، ابتداء من المظهر السياسي وانتهاء بالمظهر العام للإنسان.
فعلا.. ان هيبة الحكم في بلادي تحتاج من يحميها ويقيها من شطحات اللفظ والتطاولات.. هيبة الحكم تحتاج لغة اخرى يجب ان نتعلم كيف نتحدث بها عندما نختلف وننتقد ونهاجم اي تقصير في اداء السلطة.
الديموقراطية لم تكن يوما من الأيام سبا وتهكما واستخفافا.. انها اكبر من ذلك كثيرا وكثيرا جدا.. انها احترام الرأي المخالف واحترام المخطئ.. انها احترام تسامح السلطة وعدم استغلالها.
 شدتني صورة سمو امير البلاد لدى استقباله السيد الفاضل خالد المرزوق احدى الشخصيات الكويتية المعروفة التي غابت عن الساحة السياسية فترة من الزمن، وعادت وقد جلست على كرسي متحرك، وقد حاول سموه الاقتراب قدر الامكان من ضيفه وقد بدا على ملامح سموه التقدير والاحترام والاجلال لهذا الانسان من طريقة جلسته وتواضعه الجم.. راجعوا الصورة وستفهمون معنى تسامح السلطة الذي ورد في المقال.
* دور الانعقاد الذي افتتح أخيرا هو للفصل التشريعي الثالث عشر.. والله يستر من رقم 13.
 

إقبال الأحمد

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك