الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن.. بقلم : أ.د. #محمد_حسان_الطيان
فن وثقافةإبريل 1, 2025, 7:29 م 350 مشاهدات 0
عيدٌ بأيِّ سرورٍ عدتَ يا عيدُ
لا همَّ لا ظلمَ بل عدلٌ وتحميدُ
كلما فكرت بما أنعم الله علينا في الشام من خلاصٍ من شرور الظالمين، ردّدتُ هذه الآية متلذِّذا متنعِّمًا، متبتِّلًا متحمِّدًا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾.
وكيف لا أحمد وقد تحقق الرجاء، واستجيب الدعاء، وكُشِف البلاء، ووجب الثناء..
وكيف لا أحمد وقد أذهب الله الحزَن، وأبدلنا بالخوف أمنًا، وبالظلم عدلًا، وبالقهر نصرًا، وبالكسْر جبرًا، وبالذلِّ عزًّا ومجدًا.
وكيف لا أحمد الله وأشكره وقد رأيت بأمِّ عيني كيف ينصر الله أولياءه ويخذل أعداءه، ويحقق وعده الحقَّ:
﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
وأنا على يقين من أن الملايين تشاركني هذا الحمد والشكر للباري عز وجل.
وأن الملايين تشاركني هذه الفرحة العارمة وهذا السرور والحبور بزوال أعتى ظالمٍ عرفته البشرية في عصرنا الذي عشنا به، بل في كثير من عصور التاريخ.
على أني أسمع بين الفينة والأخرى فحيحَ أصواتٍ شاذَّة تغرِّد خارج السرب، فتُكثر النقد وتنسَى الحمد، وتبثُّ الشكوى وتتغافل عما كنا فيه من البلاء والبلوى، بل إنك تشعر من بعض ما ينشر هؤلاء أنهم يحنُّون إلى ذاك النظام البائد والعياذ بالله..
وإن تعجبْ فعجبٌ أن تتوالى بعض النشرات وهي تستنكر تأديبَ من أراد أن يعيدنا إلى دائرة الظلم والطغيان بعد أن عافانا الله منها.
أيُّ استنكارٍ هذا أيها الأبْـلَـه؟!
أفتعمَى عينُك عن نصف قرنٍ من الذلِّ، والهوان، والقتل، والقهر، والحَيْف، والظلم، والأسر، والسجن، والسحق، والاغتصاب، والتعذيب، والتدمير، والمكابس، والأسيد، والمحارق، والمشانق، والبراميل، والقنابل، والصواريخ، والكيماوي، والخوف، والذعر، والفزع، والجزع، والخرع، والبغي، والطغيان، والكفر، والشرك، والنفاق، والمداهنة، والمصانعة، ومصادرة الرأي، والرياء، والسوء، والشر، والبلاء، والغلاء، والغباء، والداء العياء، والبطش، والفتك، والإرهاب، والحمق، والرعونة، والبَلَه، والجنون، والكذب، والافتراء، والبهتان، والفقر، والجوع، والحاجة، والعوز، والقبور الجماعية، والمذابح الإجرامية، والطائفية، والحزبية، والمحسوبية، والرشوى، والفساد، والإفساد، والتسلُّط، والإذلال، والنهب، والسلب، والسرقة، والتشبيح، والتنبيح، والتجهيل، والتفقير، والتعفيش، والتطنيش، والتلبيس، والتفليس، والدياثة، والتعاسة، والخيانة، والتخوين، والمخادعة، والمخاتلة، والجُبن، والخوَر، والاستئثار، والأنانية، والكِبْر، والغرور، ... وما لا أحصي من الشرور والآثام الجسام...
أفتعمَى عن كل ذلك، لتتعاطفَ مع شِرْذِمَةٍ من فلولٍ النظام خرجوا عن الطاعة، وفارقوا الجماعة وخانوا اللهَ والوطن، وخانوا أرواح الشهداء، وأنَّات الثكَّالى، وصَرَخاتِ المعذَّبين... أوَهُبِلْتَ أم حَمُقتَ؟ أم خنتَ الله ورسوله كما خان هؤلاء الأشقياء؟؟!
تبًّا لك ولأمثالك ممن يكيل بمكيالين، ويسأل عن دَمِ البَعُوضِ؛ وَلا يبالي بقتَلِ الحُسَينَ!
قتلُ امرئٍ في غابةٍ ...
جريمةٌ لا تغتفرْ
وقتلُ شعبٍ آمنٍ ...
مسألةٌ فيها نظرْ
أيها البليدُ الذي فقد الإحساس، هلَّا شعرت بشعور غيرك؟ إن لم يكن قد أصابك من أذى؟
هلَّا أحسستَ بقهر المقهورين وكسر المكسورين؟
أثمَّةَ أقسى من سحق الأطفال؟! واغتصاب الطاهرات العفيفات؟!
أم ثمة أدهى من قهر الرجال، وتعذيب الشرفاء الأبطال؟!
هل هناك أشقُّ من هدم المساجد على المصلين؟! والتنكيل بالقائمين ليلهم والصائمين؟!
أوَيكفي أنك نجوتَ من كل ذلك لتنعق بما تنعق به؟
أسأل الله الذي عافاك من كل هذا أن يبتليك ببعضه لعلك تتذكر أو تخشى.
وأن يحشرك مع من تتعاطف معه لعلك تفيء أو تندم.
وأن يريحنا من لسانك وقلمك، كما أراحنا من ساداتك وأربابك.
وكرَّةً أخرى أردِّد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾.
الكويت 3 شوال 1446ه
1/4/2025م
تعليقات