#شعر #كريم_معتوق : لا أَحَد
فن وثقافةسبتمبر 9, 2024, 7:01 م 1732 مشاهدات 0
قصيدة للشاعر الاماراتي الكبير كريم معتوق ، تتهادى على ضفاف الإبداع بصورها النابضة بالحس الروحاني ،ومشاهدها المحتشدة باستدعاءات تاريخية جاءت في سياق الارتقاء بالفكرة ، لتأتي خاتمة النص في دفقة روحية موفقة ومورقة:
رَجُلٌ دونَ ظِلالٍ
تَمْلأُ التاريخَ أو حتّى البلَدْ
لمْ أَنَلْ مِنْ شَرَفِ الحُظْوَةِ ممَّنْ دَخَلُوا
في خِلْسَةٍ داراً إِلى ( الأَرْقَمِ )
ما كُنتُ لهُمْ سَقفاً ولا حتّى جِداراً أو سَنَدْ
لمْ يكُنْ لي شَرَفُ الغَزْوَةِ في " بَدْرٍ "
وَلا مَنْ هَرَبوا في لحظَةِ النصْرِ سَريعاً مِنْ " أُحُدْ "
ما تَدَخَّلْتُ لأجْلِ الصلْحِ
في مَعْركَةٍ للجَمَلِ الجامِحِ
ما بيْنَ "عَليٍّ " ودُعاةِ الدمِ في " عثْمانَ "
والموْتُ احْتَشَدْ
لمْ أكنْ في زُمْرَةِ الأحْياءِ في ظَهْرِ سَفينٍ
حينَ نادَى " نوحُ " لا مَنْجَى بِهذا اليوْمِ
ما كنتُ مِنَ الناجينَ أو كنتُ الوَلَدْ
لمْ أكُنْ في دَفْتَرِ الغَرْقَى معَ الطوفانِ
لمْ أهْبِطْ على الجُودِيِّ
حينَ الماءُ مِن فيْضٍ تَوارَى وَرَكَدْ
لمْ أكُنْ في زحْمَةِ التاريخِ مِن أتْباعِ مُوسَى
لا ولا مَنْ عَبَروا البحْرَ
ولا مَنْ أَكَلوا المَنَّ مَعَ السلْوَى
وعاشُوا بِرَغَدْ
لم يكُنْ لي شَرَفُ النوْمِ بكهْفٍ
ومَعَ الخمْسَةِ والسبْعَةِ والكَلْبِ
على أقْرَبِ تَقْديرٍ لأدْرَكْتُ العَدَدْ
لسْتُ مِمَّنْ أكَلوا مائدَةَ الرحْمنِ
ما كنتُ حَوارِيّاً ولا كنتُ يَهوذا
مَن عَلى الإيمانِ في عِيسَىى جَحَدْ
عشْتُ زِلْزالاً مِنَ الحُبِّ
وَنيراناً مِن الشعْرِ
وبُرْكاناً مِنَ الفِكْرِ خَمَدْ
لمْ أجِدْ لي قيمَةً بالعِشْقِ
ما كنتُ مِن العُشّاقِ في " عُذْرَةَ "
كانَ الحُبُّ في عَقليَ روحاً وجَسَدْ
أبَداً لنْ يحْفَظَ التاريخُ مِن شِعْري
كقَيْسٍ وجَميلٍ
فَلَقَد كانوا رُماةً للمَعاني بِهِمُ الحُبُّ اتَّحَدْ
حَسْرَتي في الأرضِ مِن غيْرِ قِناعٍ
يَسْتُرُ الخَيْبَةَ أو حَتّى يُريني
نَكْهَةَ الخُلْدِ إذا الشِّعرُ خَلَدْ
لمْ أكُنْ ضَيْفاً عَزيزاً عندَ سِجْنِ الرومِ
كيْ أكتُبَ رُومِيّاتِ حُزْني
وعَنِ الضيقِ المُؤاخِي والنكَدْ
عشتُ في الأرضِ تناديني المرافي
أقتفي المشْرَبَ كالعطشى من الطيرِ
وبي جوعُ أسدْ
فكأني خيمةٌ والريحُ حولي
وأنا من غيرِ أطنابٍ تمدُّ السقفَ للأعلى
ومن غيرِ حبالٍ ووتدْ
حائِراً أمْشِي بِلا ظِلٍّ سَيَبْقَى شاهداً لي
بعْدَ أنْ أمْضِي سَيَأتي
مَنْ يَقولونَ عنِ المَجْدِ ابْتَعَدْ
وَيَقولونَ أتَى فَرْداً غَريباً
غادَرَ الدنْيا وَحيداً
وعَلَيْهِ الشّعْرُ بالفَنِّ شَهِدْ
عِشْتُ قبْلَ الموْتِ فَرْداً
صِرتُ بعدَ الموْتِ حينَ الْتَفَتَ المَوتُ ونادى
أينَ أصحابُ المعالي والسعاداتِ
فَقالوا لا أَحَدْ
تعليقات