فهد توفيق الهندال: على طريق الخلاص.. رحلة 404

فن وثقافة

الآن 1396 مشاهدات 0


قليلة هي الأعمال السينمائية التي تثير فينا أسئلة عديدة، حول القضية الرئيسة التي تطرحها، والنتيجة المتوقعة من خطها الدرامي، بما تمرّ به أحداثها ونمو شخصياتها في حواراتها المتصارعة. لتسأل ذاتك بعدها، كيف يمكن أن يكون موقفك في الحياة، إن مررت بموقف مشابه؟

شاهدت مؤخرا فيلم (رحلة 404) تأليف محمد رجاء واخراج هاني خليفة، وبطولة مجموعة من الفنانين.
يحكي الفيلم قصة (غادة) التي تستعد لأداء فريضة الحج في رحلة تجدها غادة مستحقة لها في بحثها عن نور الخلاص بعد توبتها من ماضيها المُظلم، إلا أن ضغوط الواقع المعيش وذاكرته تقف أحجار عثرة في طريق هذه الرحلة، بسبب حادث تتعرض له والدتها المُطلقة من والدها، لتبدأ الحبكة في نثر خيوطها ببراعة من قبل الكاتب والتقاط المخرج لتفاصيل الحالة التي تمرّ بها غادة ومن حولها، لتدخل في صراع حول معنى التوبة، هل هي فكرة مجرّدة أم خاطرة عابرة؟
الملاحظ في شخصية (غادة) ومعنى الاسم الفتاة المتمايلة بنعومة ودلال، أنها تعيش هذا التمايل بين نوعين من الحياة، من الناحية الشكلية ميلها منذ بداية الفيلم إلى ارتداء الملابس والأحذية ذات الكعب العالي والاكسسوارات ذات طابع الموضة والماركات العالمية، وميلها للظهور بشكل الشخص المواظب على العبادات، في صراع بين هوس الحياة واستهلاكها مقابل بطء وعي التوبة وتواضعها، و لا يتزن ذلك مع مقاصد الرحلة وغايتها. إلى جانب الشخصية الفظة التي اتسمت به لفطًا وفعلًا لاسيما مع من حولها، والدتها ووالدها، في كمية الفعل التلفّظي البذيء. وهو ما يخالف الحالة المتوقعة بعد التوبة والاستعداد لرحلة الخلاص!

إذن، تتوقف إجابة السؤال السابق ( هل التوبة فكرة مجردة أم خاطرة عابرة ) على مدى القناعة بأن الاعتراف بالخطيئة هو نصف التوبة وطريقها الواضح. فالاعتراف أولا هو ضمان عدم العودة للخطيئة مهما كانت مغريات الحاجة. وهو ما وقعت في اختباره غادة طوال الفيلم، فالحاجة كانت طريقاً موازياً للخلاص، فأيهما يغلب في النهاية؟
تميّز الفيلم بالحوارات الواقعية والمناسبة لحالات الشخصيات بعيدًا عن المثالية، بل كانت طبيعية كما هي في الحياة، حيث قسوة التفكير ولغته. ولأن الخلاص صعب في ثبات التوبة، هو ما تلفظت به غادة في ملفوظها ( أنا رايحة أحج بس مش ثابتة!). فالثبات طريق صعب في رحلة التوبة والخلاص.
ليختم الفيلم بأغنية ليلى مراد التي تقول كلماتها:
يا رايحين للنبى الغالى
هنيالكم وعقبالى
يا ريتنى كنت وياكم
وأروح للهدى وأزوره
وأبوس من شوقى شباكه
وقلبى يتملى بنوره
واقول ربى كتبهالى
يا رايحين للنبى الغالي.
أمانة الفاتحة يا مسافر لـ مكة
تأدى فرض الله حترجع
والاله غافر ذنوبك
لما نلت رضاه

تعليقات

اكتب تعليقك